منشور على موقع “فيز دوت اورغ” بتاريخ: 20/7/2018
ترجمة: أحمد طريف المدرّس
تدقيق لغوي: عقيل صكر
تصميم: حسام زيدان
عندما تُشاهد فيلماً معكوساً من المرجّح أنك ستشعر بالارتباك؛ وذلك على عكس الحاسوب الكمومي. هذا ما خلص إليه الباحث (مايل جو) في مركز تكنولوجيا الكم في جامعة “سنغافورة الوطنية” وجامعة “نانيانغ التكنولوجية” المتعاونين.
في بحث تم نشره في (18) يوليو في (فيزيكال ريفيو إكس)، أعلن الفريق الدولي: أن الحاسوب الكمومي أقل تأثّراً بسهم الوقت؛ من جهاز الحاسوب الكلاسيكي. حيث يبدو أن الحاسوب الكمومي؛ لا يحتاج على الإطلاق إلى التمييز بين السبب والنتيجة.
هذا العمل الجديد مستوحى من اكتشاف مهم؛ قام به منذ عشر سنوات تقريباً؛ علماء نظرية التعقيد (جيمس كوتشفيلد) و (جون ماهوني)، بجامعة كاليفورنيا في ديفيس. حيث أظهروا أن العديد من تسلسلات البيانات الإحصائية؛ لها سهمٌ للوقت. يمكن للمراقب الذي يُشاهد البيانات التي يتم تشغيلها من البداية إلى النهاية، مثل شريط الفيلم، أن يضع نموذجاً؛ يتوقّع فيه الأحداث القادمة، باستخدام مقدارٍ ضئيل من الذاكرة حول ما حدث من قبل. بينما لدى المراقبين الذين يحاولون تصميم النظام في الاتجاه المعاكس؛ مهمة أصعب بكثير، فربما يحتاجون إلى تتبّع أوامر بحجم أكبر من المعلومات.
أصبح هذا الاكتشاف يعرف باسم اللاتناظر السببي. يبدو الأمر بديهيا، فهو يشبه تصميم نظامٍ ما، عندما يكون الوقت متّجها إلى الخلف، ومحاولة استنتاج سبب من تأثير ما. ولطالما كان ذلك أصعب من التنبّؤ بأثرٍ من سبب. في الحياة اليومية، يكون فهم ما سيحدث أسهل؛ إذا كنتَ تعرف ما حدث للتو؛ أو ما حدث من قبل.
ومع ذلك، فإن الباحثين مهتمون دائماً باكتشاف عدم التناظر المرتبط بالوقت. هذا لأن القوانين الفيزيائية الأساسية متناقضة؛ حول ما إذا كان الوقت يتحرّك للأمام؛ أم العكس. “عندما لا تفرض الفيزياء أي اتجاه للوقت، من أين يأتي اللاتناظر السببي؟!، أي مقدار الذاكرة؛ اللازم لعكس السبب والتأثير؟!
استخدمت الدراسات الأولى للتناظر السببي؛ النماذج مع الفيزياء الكلاسيكية؛ لإنتاج التنبّؤات. تعاون كل من (ماوهوني) و (كوتشفلد) مع (غو) و (اندرو غارنر) و (فلادكو فيترال ) و(جاين تومبسن) في مركز تكنولوجيا الكم لمعرفة ما إذا كانت ميكانيكا الكم تُغيّر مفهوم الوقت.
ووجدوا أنها فعلت بالفعل. أثبت الفريق؛ أن الانظمة التي تستخدم فيزياء الكم؛ يُمكن أن تخفّف من حجم الذاكرة. هذا يعني أن النموذج الكمي الذي يعمل على محاكاة عملية في الزمن العكسي؛ سيتفوّق دائماً على النموذج الكلاسيكي؛ الذي يحاكي العملية في المستقبل.
يقول (تومسون) إن أكثر الأشياء إثارة – بالنسبة لي – هو علاقة البحث بسهم الوقت. إذا كان التباين السببي موجود فقط في النماذج الكلاسيكية، فهذا يشير إلى إن إدراكنا للسبب والأثر، وبالتالي الوقت، يمكن أن ينبثق من تفسيرات تقليدية في عالم الكم.
و يريد الفريق أن يفهم كيف يرتبط هذا البحث بأفكار اخرى عن الوقت. يقول (فيدرال): لكل مجتمع سهمه الزمني الخاص، والجميع يريد أن يشرح مصدر هذه الأسهم، ووصف (كوتشفيلد وماهوني) عدم التماثل السببي كمثال على “السهم الشائك” في الوقت.
ويُعتبر السهم “الثرموديناميكي” من أبرز أسهم الوقت، وفكرة الفوضى، أو الإنتروبيا التي هي في ازدياد دائم؛ في كل شيء يحدث، حتّى ينتهي الكون بالفوضى الكبيرة الساخنة. ولكن اللاتناظر السببي لا يطابق السهم الثرموديناميكي، إلا أنه يمكن أن يكون متشابكا به. النماذج التقليدية التي تتطلّب المزيد من المعلومات؛ تولّد المزيد من الاضطراب. تقول تومبسون: هذا يلمح إلى أن للتباين السببي عواقب فوضوية (انتروبية).
قد يكون للنتائج أيضاً قيمة عملية. يمكن أن يساعد التخلّص من التكلفة الكلاسيكية لعكس السبب والنتيجة في محاكاة الكم. يقول (غو): مثل الفيلم الذي يتم تشغيله في الاتجاه المعاكس قد نضطر أحياناً لفهم الأشياء في ترتيب يصعب تحديده بشكل واضح، مثل الفيلم الذي نشغله بإتجاه معاكس، وفي مثل هذه الحالات، يمكن أن تكون الطرق الكمية أكثر فاعلية من نظيراتها الكلاسيكية.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا