الرئيسية / فيزياء / إمكانية السفر عبر الزمن

إمكانية السفر عبر الزمن

بقلم: جيم خليلي 11 تموز 2019
ترجمة: ريام عيسى

إنه السؤال العلمي المفضل للجميع: هل السفر عبر الزمن حقيقة؟
هناك المئات من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي جسدت هذا، بعضها أكثر ذكاء من الأخرى، وهناك دائماً كمية من المصطلحات العلمية التي تستخدم في تلك الأعمال: ثقب دودي وأبعاد عليا وتفرد وأكوان موازية.
لكن ما الذي تقوله الفيزياء بهذا الشأن؟ هذا ما درسته على مدى الثلاث عقود الماضية. كتابي الأول الثقوب السوداء، ثقوب دودية وآلات زمن المبني على محاضراتي في معهد الفيزياء، قد طُبع قبل 20 سنة بالضبط.
في البدء هناك سؤال بسيط: هل تسمح قوانين الفيزياء بإمكانية السفر عبر الزمن؟
لن نعرف فقط أن السفر عبر الزمن ممكن لكن سيتم إثبات ذلك بشكل روتيني من خلال التجارب، وإن كان على نطاق ضيق. لكن السفر عبر الزمن يعتمد على رغبتنا في السفر إلى الماضي أم إلى المستقبل، لأن أحدهما أسهل من الأخر.
كان إسحاق نيوتن يعتقد أن الزمن ليس بالشيء الذي نمتلك سيطرة عليه، إنه يمر بمعدل ثابت، يدق بلا هوادة بالثواني والدقائق والساعات والسنين في كل مكان في الكون بنفس الوتيرة. من ثم في عام 1905 نشر أينشتاين نظريته النسبية محدثاً ثورة علمية. لقد أظهر أن الوقت ليس مطلقاً ولا مستقل عنا، ولكن يمكن تمديده والضغط عليه اعتماداً على سرعة تحركنا.
في الحقيقة، بالتحرك بسرعة مقاربة لسرعة الضوء يمكنك إبطاء الزمن، سيمضي زمن أقل بالنسبة لك مما قد مضى على العالم الخارجي وستجد نفسك، حرفياً، في المستقبل.
وهناك طريقة أخرى للذهاب إلى المستقبل قد تنبأت بها نظرية الجاذبية لأينشتاين (ما نسميها نحن الفيزيائيين بالنسبية العامة) التي أكملها عام 1915، التي تُظهر أن الجاذبية يمكنها أيضاً إبطاء مرور الزمن. لذا يمر الوقت أبطأ عند مستوى سطح البحر مما هو عليه في أعلى الجبل، حيث سيمر أبطأ أكثر مما في الفضاء الخارجي، مبدئياً بسبب أن قوة الجاذبية تكون أقوى (في هذه الحالة، كلما كنت قريب من مركز الأرض، كلما مر الوقت أبطأ).
تأثير الجاذبية الأرضية على الزمن ضئيلة جداً لذا فإنها غير مثيرة للاهتمام إلى ذلك الحد.
لكن اذا وجدت لنفسك ثقباً أسود ودرت حوله عدة مرات (لكن كن حذراً من أن تعلق به) فإن حقل الجاذبية القوي بشكل لا يصدق قد يبطأ وقتك بشكل كبير. عندما تعود إلى الأرض فإن كل شخص سيراك سيعلق على كونك أكثر شباباً مقارنة بالسنوات العديدة التي مرت على الأرض.
(صورة) [نسيج الزمن يتأثر بالجاذبية، ناسا.] من ناحية أخرى فإن السفر بالزمن إلى الماضي يكون أكثر تعقيداً. لكن النسبية العامة، التي لا تزال نظريتنا المفضلة حول الزمن، التي لا تحكمه بشكل كامل، تنص على أن الزمكان يمكن أن ينحني مكوناً ما يسمى منحنى الزمان المغلق، والذي يشبه حلقة العروة في قطار الملاهي الذي يأخذك عبر الزمان والمكان عائداً إلى نقطة البداية، قبل أن تغادر.
لذا اذا كان السفر عبر الزمن إلى المستقبل ممكناً، وكذلك السفر عبر الزمن إلى الماضي رغم كونه صعباً ولا يمكن التحكم به، حتى الآن. ماذا ننتظر؟ لماذا لم نبني ألة زمن حتى الآن؟ هل هناك شيء لا نعرفه عن طبيعة الزمن حتى الآن؟ حسناً، ممكن جداً.
إحدى المشاكل التي ألقى ستيفن هوكنغ الضوء عليها بطرح سؤاله؛ اذا كان السفر عبر الزمن إلى الماضي ممكناً لماذا لم يزرنا مسافرين عبر الزمن من المستقبل حتى الآن؟ فإن زمننا بالنسبة لهم هو الماضي.
اذا كانت الأجيال المستقبلية قد نجحت في بناء ألة للسفر عبر الزمن، فبالتأكيد هناك من سيرغب بزيارة إلى القرن الواحد والعشرين. بالتأكيد يمكن أن يكون هناك مسافرين عبر الزمن بيننا لكنهم اختاروا البقاء بعيدين عن الأنظار، أو ببساطة لم يختاروا رحلة إلى 2019.
اتضح أن هذه المشكلة سهلة الحل.
اذا نجحنا يوماً ما في صنع ألة للسفر عبر الزمن واتضح أنها ستعود بنا إلى الماضي في اللحظة التي يتم تشغيلها بها. فهذا يعني أن السبب وراء عدم رؤيتنا مسافرين عبر الزمن من المستقبل أن ألة السفر عبر الزمن لم تُخترع بعد.

الأبعاد المتوازية
(صورة) [هل الثقب الأسود بوابة إلى كون موازي؟ ناسا] على أي حال فإن هناك العديد من المفارقات المحيرة للعقل حقاً التي يطرحها السفر عبر الزمن.
أشهر تلك المفارقات هي التي طرحها فلم رجوعاً إلى المستقبل. ماذا لو أنك رجعت بالزمن إلى الخلف ومنعت والديك من أن يلتقيا؟ هل ستختفي فجأة من الوجود لأنك لم تولد أصلاً؟ واذا لم تولد أصلاً فلن تكبر لتصبح مسافر عبر الزمن، اذاً فوالديك سيلتقيان بالرغم من ذلك، وستولد، وبهذه الحالة ستسافر عبر الزمن إلى الخلف وتمنع ولادتك.. وهلم جرا.

الطريقة الوحيدة الأكيدة لحل تلك المعضلة هي وجود الأكوان الموازية. قد لا تكون الفكرة مجنونة كما تبدو لكن الفيزيائيين يبحثون في ذلك في الوقت الحالي. اذا كانت الأبعاد الموازية حقيقة فإن السفر عبر الزمن ينقل المسافر دون أدنى شك إلى كون موازي حيث يمكنه العبث في الماضي دون التأثير عليه.
لذا فإن منع والديك من اللقاء في كون موازي يعني أنك لن تولد في ذلك الكون. لو كُنت رجل رهان لقلت أن السفر عبر الزمن إلى الماضي سيتأكد أنه مستحيلاً يوماً ما. حتى نظرياً.
من ناحية أخرى فإن السفر إلى المستقبل سيحتاج فقط لبناء سفينة فضاء سريعة بما فيه الكفاية لأخذك لأقرب ثقب أسود. كن حذراً فإنك إذا وصلت إلى المستقبل فليس هناك من طريقة للرجوع إلى الحاضر اذا لم يعجبك المستقبل.

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

أرقام غريبة حيرت الفيزيائيون

بقلم بول راتنر 30/12/2018 ترجمة: أحمد طريف المدرس تدقيق: ريام عيسى تصميم الصورة: اسماء عبد محمد هل يعتمد عالمنا، بما في ذلك …

لم يعتبر العدد 137 أحد أعظم الألغاز في الفيزياء؟

كتبه لموقع “بيغ ثينك”: بول راتنر نشر بتاريخ: 31/10/2018 ترجمة: مريم عرابي تصميم الصورة: أسماء …