كتبه لموقع “آي إف إل ساينس”: توم هايل
منشور بتاريخ: 2/8/2018
ترجمة: عباس قاسم
تدقيق ومراجعة: نعمان البياتي
تصميم: حسام زيدان
ازداد الغموض المحيط بلغز ستونهنج قليلاً، فنقلاً عن صحيفة (ساينتيفيك ريبورت) فإن علماء الآثار في المملكة المتحدة بدأوا بتسليط الضوء مؤخراً على القدماء الذين بنوا ستونهنج منذ حوالي 5000 سنة مضت.
تمكن فريق من الباحثين، بإشراف جامعة أوكسفورد بعد فحصهم لبقايا 25 إنساناً مدفونين في حُفر ضمن الصرح، من اكتشاف المكان الذي قضى هؤلاء معظم حياتهم فيه، وكان معظم المدفونين هناك من السكان المحليين لبلدة ويسيكس المجاورة.
ولكن 10 منهم يبدو إنهم قدِموا من غرب ويلز التي تبعد ما لا يقل عن 200 كيلومتر (124 ميل)، ونظراً إلى قِدم الزمن (عام 3000 قبل الميلاد)، فإنه أمرٌ مستغربٌ جداً.
وما يزيد الأمر غرابةً هو احتمالية أن يكون هؤلاء غير المحليين هم من سكان بريسلي هيلز في غرب ويلز، وهي المصدر المعروف للحجر الأزرق الموجود في صرح ستونهنج، وهي الأحجار الصغيرة المتواجدة في الدائرة الداخلية للستونهنج، على عكس أحجار السارسن الأيقونية العملاقة القائمة.
تشير صلة الحجر الأزرق إن الأشخاص غير المحليين هم من أمّنوا الحجر من مقالع الحجارة الخاصة بهم في غرب ويلز، وقد انتقلوا مع الأحجار أيضاً إلى ما يعرف الآن بويلتشير، والتي دفنوا فيها أيضاً في نهاية المطاف، ولكن ما يزال السبب الذي دفع مجموعتين متباعدتين من الناس على تكوين صلة ممتدة لقرون، ومتمركزة على النصب التذكارية من الأساس غامضاً.
قال المؤلف الرئيسي والبروفيسور المساعد في علم الآثار في جامعة أوكسفورد ريك شولتنغ في حديث له مع (آي إف إل ساينس): “إن السؤال عن سبب الصلة بين غرب ويلز وويسيكس هو سؤال مثير للفضول حقاً”.
وأضاف: “من الصعب تعيين سبب محدد يربط هذين المكانين، حيث لا يوجد دليل على أية علاقة قوية تربطهما من ناحية التجارة”.
“هنالك فكرة تقترح على سبيل التخمين، إن ستونهنج قد بنيَ للتقريب بين هذين المجتمعين، إلا إن السبب قد يكون عائداً لعلاقات شخصية أو عائلية والتي تطورت بشكل ما بين المنطقتين”.
إن التقنية المستخدمة للتعرف على أصل هؤلاء الناس والمعروفة باسم تحليل نظير السترونتيوم، هي مذهلةٌ في حد ذاتها؛ إذ تلتقط النباتات السترونتيوم المذاب الموجود في الطبقة السفلى الصخرية في الأرض التي تنمو فيها، ثم ينتهي الأمر بهذا السترونتيوم في أسنان وعظام الحيوان أو الشخص الذي تناوله، وعند البحث عن معلومات نظائرية معينة في العظام يمكن عندها معرفة من أين تناول شخص معين معظم غذائه، وبالتالي فرضياً معرفة مكان سكنهم، ولحسن الحظ، يبدو إن عملية حرق الجثث قد “حبست” إشارات نظير السترونتيوم، ما يعني إنها لا تزال متاحةً في هذه البقايا ذات عمر الـ 5000 عام.
واختتم شولتنغ كلامه قائلاً: “إن الأمر الجميل حقاً حول دراسة الستونهنج، هو إنه بإمكاننا إخبار قصةٍ أشمل وليس إن الناس انتقلوا من مكان لآخر فقط ولكن ربط الأمر بالحجر الأزرق”.
إن هذا البحث الجديد قد أنار زاويةً مظلمة عن أصول الستونهنج، ولكنه في نفس الوقت طرح تساؤلات جديدة كثيرة.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا