كتبه: پول راتنر
لموقع: بيج ثينك
بتاريخ: 26/09/2018
ترجمة: أسامه العبادي
تدقيق: محمد علي العوادي
أُلقِ باللائمة على أسلافنا الذين سوغوا لنا الكسل والخمول
– تبين دراسة جديدة أن الدماغ يفضل استهلاك أقل قدر ممكن من الطاقة
– بذل جهد أقل كان له فوائده لأسلافنا
– ليس الخمول من صالحنا في عصرنا الحالي، وهو أمر يجب التطرق إليه
لماذا يكون النهوض من على الأريكة والذهاب إلى النادي أمراً في غاية الصعوبة غالباً؟ في حين أنه يمكنك بكل تأكيد أن تلقي باللّوم على انعدام إرادتك كسبب لخمولك، أو قد تلوم التطور على هذا المأزق. دماغك يفضل تقليص الجهد المبذول لأنه تدرب على هذا الفعل لألفية مضت.
توصل علماء من جامعة جينيف بالإضافة إلى علماء من مستشفيات جينيف الجامعية في سويسرا إلى هذا الاستنتاج بعد دراسة نشاط الخلايا العصبية لأشخاص كان لهم الخيار بين الانخراط في نشاط جسدي أو عدم القيام بأي شيء، حيث وجد الباحثون أن الدماغ عليه بذل جهد أكثر بكثير للهروب من ميوله العامة لبذل أقل جهد ممكن.
يعود فضل هذا الصراع العقلي إلى أسلافنا الذين سعوا لبذل جهد أقل لزيادة احتمالية النجاة. بذل طاقة بلا هدفٍ كان من شأنه أن يجعلهم أكثر ضعفاً أمام الحيوانات المفترسة أو عوامل البيئة المحيطة. في حين ساعدهم الحفاظ على الطاقة في المنافسة مع الخصوم والقتال، بالإضافة إلى صيد الطرائد والبحث عن الطعام. أما الحياة في المجتمعات المتحضرة فهو أمر لا يتطلب هذه الخصائص، وعلى الرغم من ذلك فإن أدمغتنا ما زالت تميل بإصرار للعمل بأقل من طاقتها.
للحصول على فهم أفضل، بنى العلماء فرضيتهم على أساس “مفارقة (= تناقض) النشاط الجسدي”. كنت قد خضت هذه المفارقة إذا ما قمت يوماً بأمرٍ ما نحو شراء عضوية الانتساب لنادٍ رياضيٍ يقل ترددك عليه عند مضي كل أسبوع. يحدث هذا عندما تتضارب معرفتك المبينة على السببية (الذهاب إلى النادي أمر جيد لصحتي) مع النظام التلقائي المبني على التأثير، والذي يمثل في هذه الحالة كل التعب والإرهاق الذي تعانيه بسبب ذلك النشاط الجسدي. النتيجة في العادة تكون حالة من الشلل، إذ تمسي محباً للكسل والجلوس.
وللغوص عميقاً فيما يحدث على المستوى العصبي، قام الباحثون بدراسة نشاط أدمغةِ تسعةٍ وعشرينَ شخصاً ممن أرادوا أن يصبحوا أكثر نشاطاً في حياتهم اليومية، لكنهم واجهوا صعوبةً في القيام بذلك. خُيّر أفراد العينة بين القيام بنشاط جسدي أو الخمول، في حين قام الباحثون بمراقبة أدمغتهم بالاستعانة بمخطاط كهربائية الدماغ (م.ك.د) ذو الأربعة والستين قطباً كهربائياً.
ترأس فريق الباحثين كل من “بوريس شيفال” من كلية الطب في جامعة جينيف ومستشفيات جينيف الجامعية، و “ماثيو بويزجونتير” من جامعة ليوفين في بلجيكا وجامعة بريتيش كولومبيا في كندا.
وضح “شيفال” كيف تم القيام بالتجربة، والتي تمثل أفرادها بصورٍ رمزية (Avatar)عبر الانترنت:
“دفعنا المشاركين للعب “مهمة الدمية”، والتي تضمنت تحريك دمية تجاه صورٍ تمثل نشاطاً جسدياً، ثم تحريكها بعيداً عن صور تحاكي سلوكاً خاملاً. طلب منهم لاحقاً القيام بعكس هذه العملية”.
قام الباحثون بالنظر إلى الوقت الذي استغرقه المشاركين للاقتراب من الصور التي ترمز إلى الكسل، بالمقارنة مع الوقت الذي استغرقوه للابتعاد عنها، حيث وجدوا أن المشاركين استغرقوا وقتاً أقلَ باثنينِ وثلاثينَ جزءاً من الثانيةِ للابتعاد عن الصور ذات النشاطِ الجسدي الأقل. عدّ “شيفال” هذه النتيجة “جديرة بالملاحظة بالنسبةِ لمهمة كهذه”. وفي حين لم تتوافق هذه النتيجة مع نظرية مفارقة النشاط الجسدي للوهلة الأولى، فإنها خلُصت إلى تأكيدها في النهاية.
تبين لاحقاً بأن السبب وراء تحريك المشاركين صورهم الرمزية بعيداً عن الصور التي تمثل خمولاً جسدياً ونحو صورٍ تمثل نشاطاً بشكل أسرع هو أن تجنب الصور الخاملة دفع أدمغتهم للعمل بجهد أكبر. والسبب في ذلك هو رغبة المشاركين بالقيام بنشاطٍ جسديٍ حتى وإن لم يفعلوا ذلك. اختيار صورٍ تعبر عن نشاطٍ جسديٍ كان أسهل في الحقيقة. وبالمثل، أظهرت مسوحات الـ (م. ك. د.) بأن أدمغتهم تميل في الأصل إلى الكسل والخمول.
فسر “ماثيو بويزجونتير” سبب انتخاب التطور الحلول البسيطة بقوله:
“الحفاظ على الطاقة هو أمر مهم لبقاء البشر، حيث مكننا من أن نكون أكثر فاعليةً في البحث عن الطعام والملجأ والمنافسة على الشريك الجنسي، بالإضافة إلى تجنب المفترسات. فشل التشريعات العامة في مجابهة تفشي الخمول الجسدي قد يعود إلى أنشطة ذهنية تم تنميتها وتعزيزها خلال عملية التطور”.
يعتقد ماثيو بأن واحدة من أفضل ثمار البحث ترشدنا لضرورة تحمل الذهن بذل مزيد من الجهد لشراء راحة النفس. في مرحلة متقدمة، سيركز الفريق البحث على جهوزية الذهن لإعادة التنميط.
المصدر: هنا