كَتَبَهُ لموقع “ذا اندِبَندينت”: جوش جاباتيس
منشور بتاريخ: 2018/8/22
ترجمة: رشا غزوان سالم
تدقيق لغوي: عقيل صكر
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
اكتشاف (عظمة) تعود إلى فتاة مراهقة غير اعتيادية، يؤدّي إلى تغيير جذري لفهمنا للتاريخ البشري مجدداً.
قبل حوالي الخمسون ألف عام، أوراسيا كانت موطناً لمجموعتين مختلفتين من البشر، يفصلهما آلاف السنوات من التطوّر، هما النياندرتال والدينيسوفان، وقد كشف تحليل لجزء عظمة وِجدت في كهف في سيبيريا، أن صاحبتها أتت من أم نياندرتاليَّة و والد من والدينيسوفان. إذ قام العلماء بشكل تدريجي بفك العلاقات المعقدة لأسلافنا القُدامى، مستفيدين من حمض نووي ساحق في القِدَم، وأشارت هذه الجهود وبشكل متزايد لعدم وجود أي نوع من التعصب عند اختيار الشريك، تقول الدكتورة “فيفان سلون” إحدى الباحثات خلف هذا الاكتشاف في مؤسسة “ماكس بلانك” لعلم الإنسان التطوري: “لكنني لم أعتقد يوماً أننا سنكون محظوظين لدرجة اكتشافنا بالفعل نَسل مجموعتين مختلفتين”.
أثبت كهف دينوسوفا، والذي يُعتبر المكان الوحيد الذي يحمل دليل وجود الانسان الدينيسوفي الغامض، أنه كنز دفين للتاريخ البشري.
كانت قد أُكتشِفت قطعة (العظم) هذه المُسمّاة بـ(دينوسوفا 11)، والتي استندت عليها الدراسة الجديدة؛ من قبل علماء آثار روس في (2012) قبل أن يتم ارسالها إلى المانيا من أجل تحليلها جينياً.
الرسالة الأساسية من هذا الاكتشاف، كما تمّت الإشارة إليه في مجلة (نيتشور)، أن الأمر لم يتعدّى اكتشاف حدوث التهجين فحسب، بل إنه كان يحدث وبكثرة.
يقول البروفيسور “كريس سترينغر” الخبير في علم (أصل الإنسان) في متحف التاريخ الطبيعي: “إن إيجاد هجين ناتج عن تزاوج كهذا في سجل أحفوري لايزال ضئيلاً، مما يشير بشكل مؤكد إلى أن هذا النوع من التزاوج لم يكن حدثاً نادراً – أقلها – عندما يتمّ اللقاء بين المجموعتين، تحت أي ظرف كان”.
كشف التحليل الجيني أيضاً، أنه كان لوالد الفتاة من الدينيسوفان، والتي توفّت في الثالثة عشر من عمرها، سلف نياندرتالي واحد على الأقل في شجرة عائلته، هذا يدل على وجود حالات تهجين متعددة ضمن هذه العائلة.
“البشر النياندرتاليون والدينيسوفانيون لم يمتلكوا الكثير من الفرص ليلتقوا،” يقول بروفيسور “سفانتي بابو”، والذي إضافة إلى مشاركته في الدراسة الجديدة، يُعَدُ من الرواد في مجال استكشاف الحمض النووي القديم للبشر، ويضيف: “لكن عند حصوله لابد وأن التزاوج بينهم كان يحدث بصورة متكرّرة، أكثر بكثير ممّا أعتقدنا سابقاً”.
البروفيسور “مارك توماس”، اختصاصي في علم الجينات التطوّرية في جامعة لندن، الذي لم يكن له مشاركة في هذه الدراسة، يذكر أمكانيَّة رؤية دليل وجود عملية التهجين هذه بين البشر القُدامى في الحمض النووي الخاص بالإنسان المعاصر اليوم.
حوالي (5) بالمئة من الحمض النووي؛ في بعض البشر اليوم، خاصة في بابوا غينيا الجديدة، يُعتقد أنه ينحدر من البشر الدينيسوفان.
ظهرت في السنوات الأخيرة أدلة وافرة تُشير إلى التزاوج بين البشر والنياندرتال، بما فيها عيّنة لإنسان معاصر من رومانيا، والذي كان يمتلك سلف نياندرتالي قبل أربعة أجيال فقط.
“ما يُثير الإهتمام، أننا – فيما يبدو – قمنا بأمساكهم بالفعل المشهود، مرة أخرى” كما ذكر البروفيسور “توماس” لصحيفة “ذا اندِبَندينت”.
رُغم أن البشر النايندرتاليون و الدينيسوفان كانوا متشابهين كفاية ليتمكّنوا من أنتاج نسل، إلا أن هذان النَسَبَان البشريان القديمان كان بينهما فرق جيني شاسع، يفوق ما يمكن إيجاده اليوم بين المجموعات البشرية المختلفة.
(يبدو واضحاً أنهم لم يكونوا عنصريين، وهذا درس من أسلافنا القدامى).
المقال باللغة الإنجليزية: هنا