كتبه لموقع “سايكولوجي”: كون هاستنكس
منشور بتاريخ: 24/ 1/ 2017
ترجمة: فاطمة القريشي
مراجعة وتدقيق: نعمان البياتي
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
كشف باحثون هذه الظاهرة سابقاً في المجتمع الغربي والآن في المراهقين الصينيين، ويمكن لهذه الظاهرة بالتالي تخطي الحواجز الثقافية.
تميل الحضارتان الغربية والآسيوية لاحتوائهما على معتقدات أساسية مختلفة حول الإرادة الحرة، ففي دراسة حديثة نُشرت في مجلة (فرونتيرز) لعلم النفس، كشف (جينكوانك لي)، أستاذ في جامعة دالي، وفريقه البحثي اعتقاداً بوجود ارتباط بين الإرادة الحرة والسعادة عند المراهقين الصينيين.
فوجد الباحثون بأن 85% من المراهقين الصينيين أعربوا عن إيمانهم بالإرادة الحرة وهذا مرتبط إيجابياً بالسعادة.
تُعرف الإرادة الحرة على إنها اتخاذ قرارات مستقلة بحيث لا تتأثر نتيجة الاختبار بأحداث الماضي، ويعد موضوع وجود الإرادة الحرة موضع جدل بين علماء النفس وعلماء الأعصاب والفلاسفة.
ولعل الحجة ضد الإرادة الحرة هي التأثر التام لكل قرار نتخذه بتجاربنا السابقة، ولهذا فإن تناول اختيار محدد سيدفعنا للرد بطريقة أخرى، وهي ليست إرادة حرة.
يمكن لوجهات النظر المختلفة حول الإرادة الحرة أن تغير تفكيرنا حول عدة مفاهيم كالمسؤولية الشخصية والشعور بالذنب والطموح والتخطيط للمستقبل.
ومن الملفت للنظر، فإن الدراسات السابقة كشفت عن سعادة الغربيين المؤمنين بالإرادة الحرة، فكان (لي) وفريقه مهتمين بمعرفة إذا ما كانت الإرادة الحرة تؤثر على السعادة في المجتمع الصيني.
ولماذا قد تختلف هذه الظاهرة في المجتمع الصيني؟ حسناً، ذلك لأن البحوث النفسية كشفت عن اختلاف المجتمع الآسيوي والغربي من حيث إيمانهم بالإرادة الحرة، فالثقافة الغربية تهتم بالفردية، أي أن الناس يركزون على التحصيل الشخصي أكثر من أهداف الفريق الواحد، كما أن المنافسة شائعة في هذا المجتمع، في حين أن الثقافات الجماعية كالصينية واليابانية تميل أكثر الى التركيز على أهداف الفريق الواحد، سواء أفي العمل أم العائلة، وتركز قليلاً على الحرية الشخصية.
ربطت الدراسات السابقة بين الإرادة الحرة وكثرة السعادة في البلدان الغربية، فكان الأداء في العمل والتحصيل الدراسي أفضل، وكانت السلوكيات السلبية كالغش أقل؛ بالمقابل كان لتعريض المشاركين الغربيين إلى أدوات مثبطة للإيمان بالإرادة الحرة دوراً في زيادة الغش والعدوانية وانخفاض السيطرة على النفس.
ولتشخيص هذه الظاهرة في المجتمع الصيني، طرح (لي) وفريقه سلسلة من الأسئلة على المشاركين عن الإرادة الحرة ومستوى سعادتهم، فأشارت النتائج إلى أن الإيمان بالإرادة الحرة قد يكون ارتباطاً مفيداً بالسعادة، بغض النظر عن تأثير الثقافة الفردية أو الجماعية.
حالياً، حدد الباحثون ارتباط الإرادة الحرة بالسعادة، ولكنهم ينوون التأكد فيما إذا كان الإيمان بالإرادة الحرة سبباً مباشراً للسعادة في المجتمع الصيني؛ ستشمل التحقيقات المستقبلية بخصوص هذه الظاهرة تقييم السلوك بعد إحداث تغييرات في إيمان المشاركين بالإرادة الحرة.
يقول لي “نتحقق حالياً فيما إذا كانت هناك علاقة سببية بين هذين المتغيرين”، كما أضاف “فنحن ننوي بإحداث تغيير في إيمان المشاركين بالإرادة الحرة، وذلك بتعريضهم لعوامل تدعم أو تدحض وجود إرادة حرة، ثم نلاحظ إذا ما تغيرت مستويات السعادة”.
في ضوء وجود علاقة سببية، لماذا قد يسبب الإيمان بالإرادة الحرةِ السعادةَ لشخص ما؟ قد يساعد اعتقاد شخص ما بإمكانية التصرف بحرية لتحقيق أهدافه وزيادة مستوى الاستقلالية التصورية، وتسهيل ضبط النفس والجهود المكثفة لتحقيق الأهداف إلى نتائج ناجحة؛ إذا ما أمكن إثبات هذه العلاقة الوثيقة فإن الإيمان بالإرادة الحرة سيساعد الناس في السعي نحو السعادة، كما يمكن حينئذ لعلماء النفس تطوير برامج تدريبية بهذا الخصوص.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا