ترجمة: ياسين إدوحموش
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: امير محمد
الإشاعة ظاهرة اجتماعية تحتاج إلى شخص واحد على الأقل لخلقها ونشرها بالإضافة إلى العديد من الأشخاص الآخرين لتعديلها ونقلها. لذلك، يعد فهم كيفية انتشارها أمراً بالغ الأهمية لتجنبها.
العديد من المحادثات التي نجريها يومياً مليئة بالشائعات؛ شائعات لا أساس لها تغطس نفسها في المجتمع. في الواقع، يرجِع طابعها العابر إلى ميلها للاختباء وراء قناع المعلومات الحقيقية. لذلك، فإن صحة الشائعات غالباً ما تكون موضع شك، أو بالأحرى، لا يمكن إثباتها. في العادة، تُخلق الشائعات وتُنقل من خلال الكلام الشفهي، غير أنه يمكنها في بعض الأحيان الانتشار عبر وسائل الإعلام.
تُخلق الشائعات عادة للتأثير على أفكار الأشخاص أو سلوكهم لتحقيق غرض معين. وعلى الرغم من أنه لا يمكنك إثبات صحتها في بداية الأمر، إلا أنها لا تستغرق وقتًا طويلاً حتى تنتشر. وهذا على أي حال، راجع لكون الشائعات تميل إلى أن تكون صادمة أو مثيرة للجدل.
على سبيل المثال، يمكن أن تبدأ شركة كبيرة شائعات حول الوضع المالي لمنافس آخر. وهذا بدوره سيؤدي إلى انعدام الثقة بين العملاء والعمال. وبالتالي، سيخلق بيئة عمل معادية مما يضر بالمنافس.
خصائص الشائعات
قبل الخوض في كيفية انتشار الشائعات، لا مناص من شرح خصائصها الرئيسية. إذ من خلال القيام بذلك، سيكون المرء قادراً على فهم هذه الظاهرة بشكل ملائم وكل ما تنطوي عليه.
الاهتمام العام
يجب أن يكون لكل شائعة درجة معينة من الاهتمام العام، وإلا فلن يزعج أحد نفسه بنقلها، ولن يضيع وقته في الاستماع إليها. وبالتالي، سيطوي النسيان صفحتها عاجلًا. لذا، من أجل أن تُحقق الشائعة تأثيراً أكبر، يجب أن تكون الرسالة قصيرة وبسيطة وذات صلة بالمتلقي. وهذا المفهوم أساسي لفهم كيفية انتشار الشائعات.
هدفها هو الإقناع
إن هدف الشائعات هو قبول الناس لها كتفسير، وهدفها يتجلى في الإقناع. لذلك، فإن غرضها الرئيسي هو أن يصدقها الناس. لذا، فإن الشخص الذي يبدأ الشائعات أو ينقلها يدافع عن دقتها، ولهذا السبب، يطالب بالثقة في مصداقيتها.
من ناحية أخرى، عادة ما يُنسب المصدر الأصلي للشائعات إلى شخص مهم، لجعلها تبدو صادقة قدر الإمكان.
معلومات لم يتم التحقق منها
كما قلنا سابقاً، لم يجري التحقق من المعلومات التي تنقلها الشائعات. لذلك، نكتفي بالثقة في أن المصدر موثوق.
إن الأساس الذي ترتكز عليه عملية التفكير لدينا لتصديق الشائعات هو أننا لا نتأكد من صحة جميع المعلومات التي نتلقاها يومياً. وحتى حينها، تكون المعلومات في معظم الحالات صحيحة على أي حال.
الشائعات كبالون إختبار
يمكن لمن يخلق الشائعات أن يستخدمها أيضاً “كبالون إختبار”. وبعبارة أخرى، قبل اتخاذ قرار مهم، عليهم أولاً نشر معلومات غير كاملة وموجزة للجمهور، وبعد ذلك، تصل المعلومات إلى الجمهور المستهدف وتعود مليئة بآراء ومعلومات مفيدة أخرى. على سبيل المثال، نتيجة للوضع الاقتصادي الصعب خلال العقد الماضي، نشرت العديد من الحكومات رسائل عامة تعزز سياسات التقشف الاقتصادي وفقدان حقوق العمال العمالية. كان الغرض من هذه الرسائل قياس استجابة السكان ومعرفة مدى تأثير القرار على قرارات الناخبين خلال الانتخابات.
كيف تنتشر الشائعات وتنشأ
هناك بعض الشروط التي تُفضي لولادة شائعة. فمن ناحية، يجب ألا يخلو محتوى الرسالة من اللبس والغموض. ومن ناحية أخرى، يجب أن تجذب انتباه الآخرين على الفور. وإذا كنت ستدرس كيفية انتشار الشائعات ثم تخلق شائعة خاصة بك، فإن أول شيء يجب وضعه في الاعتبار هو أن يكون لديك قصة جيدة تجذب انتباه المتلقي. بالإضافة إلى ذلك، من المهم خلط بعض الحقيقة مع القليل من المبالغة. وبالمثل، أضف أكبر قدر من التفاصيل التي تراها مناسبة لمنحها بعض الصدق.
مع ذلك، يجب ألا تنسى أنه أثناء بث الشائعات، سيضيف الآخرون محتوى جديداً إلى المعلومات، وسيبقى بعض منها بينما سيتم نسيان معظمها. بهذه الطريقة، تتغير الرسالة الأصلية.
انتقال الشائعات
أفضت النتائج التي خلُصت إليها أجرتها البورت وبوستمان للتحقيقات للقوانين الأساسية التالية لوصف تنقل الشائعات:
قانون التسوية: مع انتشار الشائعة، فإنها تميل إلى أن تصبح أقصر وأكثر إيجازاً، حيث تُحذف التفاصيل التي ليست عرضية. ومع ذلك، هناك استعداد لحذف بعض التفاصيل أكثر من غيرها.
قانون الشحذ: يتكون من الإدراك، والاحتفاظ، والسرد الانتقائي لعدد محدود من التفاصيل ضمن سياق أكبر. تبقى بعض التفاصيل الخاصة طوال انتقالها.
قانون الاستيعاب: يعيد الفرد تنظيم المحتويات، ويعطيها “شكلاً جيداً” وفقًا لمصالحه.
في الختام، فإن الكثير من محادثاتنا اليومية تتكون من شائعات. وجميع المواضيع، ابتداء من السلوك الأخلاقي لزميل في العمل إلى مستقبل البلد، تجذب اهتمام الشائعات الجذابة و المثيرة للإزعاج.
وبالتالي، عندما لا تتوفر بيانات دقيقة وكاملة حول قضية ما، تتكاثر الشائعات. وبما أن هذه الأخيرة يمكن أن تدمر سمعة الناس بشكل كامل، وتشوه الأسباب وتقوض الروح المعنوية، فإن نشرها غالباً ما يستخدم كأداة للدعاية. غير أنه إذا ظل المرء في حالة تأهب، فيمكنه اكتشافها بشكل فعال.
المصدر : هنا