بقلم: فارس مختار
بتاريخ:٩ من يونيو ٢٠٢٠
لموقع:Bloomberg Green
ترجمة: ريهام ماهر
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: امير محمد
بينما تمتص أجهزة تكييف الهواء المزيد والمزيد من الطاقة، تجد سنغافورة طريقة صديقة للبيئة للتبريد.
في سنغافورة، التي تقع بالقرب من خط الاستواء، ترتفع درجات الحرارة بانتظام لتتعدى ال 90 فهرنهايت 32 درجة مئوية ولكن داخل البيوت الزجاجية المرتفعة بحدائق الخليج، وهي الحديقة النباتية الحائزة على جوائز، تبلغ درجة الحرارة 24 درجة.
إن أزهار النرجس والزنبق في قبة الزهور، بالإضافة إلى عشرين برجاً قريباً ممتلئاً عادةً بالمصرفيين والمتسوقين والمقيمين وضيوف الفنادق والمقامرين، يشعرون بالبرد بسبب ما هو على الأرجح أكبر نظام تبريد تحت الأرض في العالم. وهو عبارة عن مكيف هواء عملاق يحاول حل إحدى أكبر مشاكل الاحتباس الحراري: كيف نحافظ على البرودة.
قال فينود توماس ، الأستاذ الزائر في كلية لي كوان يو للسياسة العامة في سنغافورة: “مع ارتفاع درجة حرارة العالم ، أصبحنا في أمس الحاجة الى تكييف الهواء والتبريد، مما يؤدي الى استهلاك للطاقة واطلاق الغازات الدفيئة التي من شأنها المساهمة بصورة سلبية في زيادة الاحتباس الحراري، هذه الحلقة من النتائج هي التي نحتاج إلى كسرها بشكل عاجل.”
في العقدين الماضيين ، ازداد استخدام تكييف الهواء بشكل كبير جداً، بقيادة الصين، حيث ازداد نمو الطلب على الطاقة المستخدمة للتبريد بمعدل 13٪ سنوياً. هذه الزيادة تزيد عن إجمالي الكهرباء التي تستخدمها المملكة المتحدة في الأيام الحارة جداً، حيث يتم استخدام 50٪ من ذروة الطلب الصيني على الكهرباء لتشغيل مكيفات الهواء.
وتتبع لدول النامية الأخرى الصين. حيث أن مستويات الدخل في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية في ارتفاع، اصبح امتلاك تكييف الهواء هو أحد رموز الحالة الاجتماعية للعائلات الغنية وكذلك تصاحبها العائلات من الطبقة المتوسطة في البلدان الساخنة. حيث تتنبأ وكالة الطاقة الدولية انه سيتم بيع ما يقدر بـ 10 وحدات تكييف هواء جديدة في جميع أنحاء العالم كل ثانية من الآن حتى عام 2050. وبحلول ذلك الوقت، يمكن أن تكون حوالي ثلثي الأسر في العالم مزودة بتكييف هواء، حيث تمثل الصين والهند وإندونيسيا نصف الإجمالي.
وهذا يعني استنزافاً هائلاً للطاقة – يمكن أن ينتهي الأمر باستخدام أكثر من ثلث الكهرباء في العالم لتبريد المباني والمركبات – مع قفزة مكافئة في انبعاثات الكربون إذا كان، كما هو الحال الآن، تعتمد معظم قدرة التوليد الإضافية على الوقود الحفري. دفع صعود التبريد العالمي إلى البحث والتطوير في طرق لجعل الأنظمة أكثر كفاءة باستخدام مضخات الحرارة والطاقة الشمسية والمبردات التبخيرية وغيرها من التقنيات. أحد أكثرها فاعلية هو بناء نظام يستخدم محطة مركزية كبيرة يمكنها تبريد العديد من اقسام المدينة.
تبريد اذكى
تقع أكبر المحطات في العالم، وفقًاً لمشغلها، في سنغافورة، حيث قامت الحكومة بدمج النظام مع تقنيات المدينة الذكية الأخرى للمرافق والتخلص من النفايات في الأنفاق الكبيرة تحت الأرض تحت الحي المالي الجديد قبل بناء أبراج المكاتب. تعمل شبكة الأنابيب التابعة لها على تبريد البنوك والأبراج السكنية ومركز المعارض ومراكز التسوق وفندق مارينا باي ساندز ومجمع الكازينو.
تحتاج سنغافورة إلى فترة استراحة. ترتفع درجة حرارة المدينة بمقدار مرتين فوق المتوسط العالمي على مدى العقود الستة الماضية، حيث ترتفع درجات الحرارة حوالي 0.25 درجة مئوية لكل عقد، ويرجع ذلك جزئياً إلى إزالة الغابات والنباتات مع توسع المدينة. فها قد شهدت المدينة على أكثر العقود حرارة على الإطلاق، وإذا استمرت انبعاثات الكربون العالمية في الارتفاع بالمعدل الحالي، فقد تصل درجات الحرارة اليومية إلى أعلى مستوياتها من 35 درجة مئوية إلى 37 درجة مئوية بحلول عام 2100.
قالت وحدة تبريد سنغافورة، وحدة SP Group التي تدير نظام خليج مارينا، أنه من خلال تركيز مصانع التبريد، يمكن للشبكة توفير40٪ من الكهرباء لمكيفات الهواء التقليدية. مع اعتماد سنغافورة لمعظم قوتها على الغاز الطبيعي، هذا يعني توفير انبعاثات يعادل إزالة 10000 سيارة من طرق المدينة.
وإجمالاً، فإن حوالي عشرين مبنى حول المنطقة المالية في خليج مارينا تتجنب الحرارة الاستوائية بفضل 5 كيلومترات (3.1 ميل) من الأنابيب التي تعمل بخمسة طوابق تحت عملاء لشانيل و LVMH الذين يتمتعون بالبرودةفي مركز التسوق الراقي على حافة الخليج.
يوجد في قلبه محطتا تبريد تقومان بتبريد الماء وللتأكد من ثبات درجة حرارة الماء، يتم إنشاء الفقاعات لتحريك المياه، وهذه المياه يتم ايصالها بعد ذلك إلى المباني عبر الأنابيب الجوفية المعزولة لكي تقوم بتبريد الهواء الذي يتم تدويره عبر كل برج. ثم يتم ضخ الماء، الذي يكون عند درجة حرارة 13 درجة مئوية، إلى المبرد وتتكرر الدورة. يتم إطلاق الحرارة الصادرة عن هذه العملية الى الهواء الخارجي من خلال برج تبريد كبير فوق سطح الأرض.
بينما تبنت سنغافورة استخدام الألواح الشمسية على السطح وغيرها من تقنيات الطاقة الخضراء ، إلا أنها لا تملك الأرض لمزارع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح العملاقة ولديها القليل من الموارد للطاقة الكهرومائية. وقد دفع ذلك الأمة إلى التركيز على تحسين كفاءة استخدام الطاقة. الخطوة التالية هي تركيب شبكة تبريد المنطقة لمدينة جديدة مستقبلية مخططة تسمى Tengah في غرب الجزيرة، والتي ستشمل أيضاً ممرات خضراء من الأشجار ومزرعة مجتمعية وحدائق على السطح ومباني ذات زوايا استراتيجية للحد من حرارة الشمس الاستوائية.
المصدر: هنا