كتبه لصحيفة التايم: مارخام هيد
تاريخ النشر: 5 تموز/يوليو، 2017
ترجمة: مرتضى زاير
تدقيق: عمر أكرم المهدي
تصميم الصورة: اسماء عبد محمد
لرائحة التعرق التي تفوح من منصات الرقص والنوادي الصاخبة سبب بديهي. فعملية هز أقسام مختلفة من الجسم والحركة المُتّسقة مع الموسيقى تحرق من طاقة الجسم ما لا يمكن للمرئ استيعابه، الأمر الذي يعود بالمنافع الصحية على الراقصين.
عندما تقوم بالرقص بتفاني، يمكنك حرق ما يربو على 300 سعرة حرارية كل نصف ساعة وفقًا لتقرير صادر عن جامعة برايتون في المملكة المتحدة. ما يعادل أو يتجاوز مقدار الطاقة التي تحرقها عند الجري أو السباحة، بحسب التقرير. بل وحتى الرقص الخفيف يحرق من السعرات الحرارية ما يعادل قيادة دراجة هوائية.
يحرق الرقص الكثير من الطاقة لأنه يتضمن ’’حركات في اتجاهات مختلفة،‘‘ كما يقول نيك سميتون، المحاضر في جامعة برايتون والمشارك في إعداد هذا التقرير. فبينما يستخدم الجسم في كل من الركض والسباحة وبقية الأنشطة البدنية الإيقاع والزخم للبقاء بوضع الحركة. يضيف سميتون: ’’هنالك الكثير من التسارع والتباطؤ في الرقص والذي لا يستطيع الجسم عمله بدون خسارة الكثير من الطاقة،‘‘
إذا شبّهنا الركض بالقيادة على الطريق السريع، فإن الرقص يشبه إلى حدٍ ما قيادة الدراجة النارية في مدينة مزدحمة. كل تلك الانطلاقات والتوقفات وتغيير الاتجاهات تحرق كمية كبيرة من الوقود بالرغم من أنك لا تقطع مسافة كبيرة في الواقع.
بالطبع؛ مقدار الطاقة الذي تستهلكه يعتمد على كم الجهد الذي تبذله. فخطوتان من المشي المريح لا تُقاس بالركض الشديد في المرتفعات. لكن حرق السعرات الحرارية ليس كل ما يستطيع الرقص أن يقدمه. فكما أن التمرين والجري والمشي يحسن من حركة مفاصل وعضلات الجسم، فإن الحركات السريعة والمفاجئة التي يتضمنها الرقص تساعد على تحريك الكثير من العضلات الهامشية والأوتار في الجسم مما يساعد على إدامتها.
وكما هو الحال في غيره من التمارين الجسدية، فإن للرقص آثاره على المزاج العام وعمل العقل. في دراسة أُجريت عام 2007، وُجد أن رقص الهيب هوب يحسن الطاقة والمزاج ويقلل من التوتر.
وفي دراسة أخرى نُشرت مؤخرًا في دورية “Frontiers in Aging”، أظهرت علاقة بين الرقص وتحسن في مستوى ’’المادة البيضاء‘‘ في أدمغة كبار السن. بالإمكان شرح ماهية المادة البيضاء في الدماغ على أنها نسيج ضام يساعد على توصيل الخلايا العصبية ببعضها. ذلك النسيج يتعرض للتلف مع تقدمنا في السن مما يتسبب بفقدان القدرة على التفكير السريع ومشاكل في الذاكرة، كما أفادت اغنيسكا بورزينسكا أستاذة علم الأعصاب في جامعة كولاردو في الولايات المتحدة وصاحبة البحث المشار إليه.
تقوم دراسة بورزينسكا وزملائها المشاركين على فحص التغييرات في المادة البيضاء في أدمغة كبار السن المشاركين في برامج تتضمن تمارين المشي اليومي وبعض تمارين التمطية، إضافة إلى الرقص. وأظهرت الدراسة أن المشاركين في المشي وتمارين التمطية أظهروا انحدارًا في مستوى المادة البيضاء في أدمغتهم، بينما أظهرت مستويات المادة البيضاء تحسنًا ملحوظًا في أدمغة المشاركين في الرقص لثلاثة أيام في الأسبوع لمدة ستة أشهر. وتشير بورزينسكا إلى أن: ’’النتائج تمهيدية وليست نهائية، فقد نظرنا إلى جانب واحد من الدماغ وليس الدماغ ككل،‘‘ كما تقول. لكن النتائج الأولية واعدة.
النتائج النفسية هي الأخرى مذهلة. لعقودٍ طويلة وصف الأطباء النفسيّون الرقص كعلاج فعّال لأولئك الذين يعانون من القلق الاجتماعي والذين يعانون من الخوف من التحدث أمام العامة. الفكرة التي تقف خلف ذلك هي أنه لو كان بإمكانك الرقص باسترخاء أمام الغرباء، فإنه من المحتمل جدًا أن تكون أقل خجلًا عند التحدث أمامهم. كما يدعم بحثٌ يعود للثمانينيات فكرة أن الرقص يحد من القلق الاجتماعي.
ويبدو كذلك بأن الرقص يشجع على توثيق العلاقات الإجتماعية، أو كما يسميه علماء النفس “دمج الذات مع الآخرين”. الأمر مشابه للحديث مع شخص ما واكتشاف أنكما تخرجتما من المدرسة نفسها أو نشأتما في الحي ذاته. إن الحركة بإيقاع مشابه لإيقاعات الآخرين تُفعّل مسارات معينة في الدماغ وتمحو بعض الحواجز التي ينصبها الدماغ بينك وبين الشخص الغريب، وبالتالي تساعدك على الشعور بالتواصل والتطابق، هذا ما تقترحه دراسة صادرة من جامعة أوكسفورد.
أخيرًا، قد يوفر جانب التلامس في الرقص مع شريك بعض الامتيازات الخاصة. التلامس هو أول إحساس ينشأ أثناء الطفولة، وكلما زادت عدد الدراسات التي تتناول فوائد التدليك، ومسك اليدين وغيرها من أشكال الاتصال الجسدي بين إنسانٍ وآخر، كلما ظهرت أدلة أكثر على أن التلامس يحسن من المزاج ويقلل من التوتر والقلق. في الأساس، الرقص مع شخص آخر يشبه التمرينات والعناق والتمايل سوية.
ضع كل هذا معًا، ومن الواضح أنه يمكننا جميعًا أداء المزيد من السامبا أو السالسا ما دُمنا أحياء.
المصدر: هنا