نشره موقع “يورو نيوز” بتاريخ: 31/10/2017
ترجمة: عباس قاسم
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
الهالوين هو مهرجان سنوي يُحتفل به في ليلة ال 31 من أكتوبر/تشرين الأول. إذ يترقب آلاف الأطفال والكبار على حد سواء في جميع انحاء أوروبا والامريكيتين هذه الليلة ليمارسوا لعبة (خدعة أم حلوى)، بعضهم مرتدين أزياءً لشخصيات خارقة للطبيعة أو أزياء مخيفة ومروعة.
ازدادت شعبية هذه المناسبة حول العالم، حيث بدأت تأخذ بعداً عالمياً من اليابان وحتى الولايات المتحدة، وهو ما لاحظه تجار البيع بالتجزئة.
ولكن من أين جاء هذا الاحتفال وإلى من تنسب المجتمعات رموزه وتقاليده؟
اليقطين
تعود أصول عادة حفر اليقطين ونقشه على شكل مصابيح إلى الألفية السابقة عندما كان الهالوين احتفالاً سلتياً قديماً يعود لما قبل العصر الروماني.
وكان نقش الخضروات فيما مضى وخاصة اللفت يستخدم لحماية أولئك الذين يحملونهم. حيث أن للوجوه المنقوشة القدرة على طرد الشر والأرواح المذمومة والتي يعتقد السلت بأنها كانت تجوب الطرقات ليلاً خلال مهرجان نهاية العام المقدس.
إن اليقطين هو إضافة حديثة لرمزية الهالوين. حيث قام المهاجرون الأيرلنديون بنقل تقاليد الهالوين الخاصة بهم إلى العالم الجديد بعد أن أدركوا أن نبات اليقطين الأمريكي الأصل أكثر سهولة في النقش وبالتالي أصبح اليقطين جزئاً مهماً من الهالوين.
الأزياء
رغم مفاهيمه الحديثة التي تبدو أمريكية على نحو متميز،إالا أن للهالوين تاريخ حافل بالأساطير والخرافات والاصول الاوربية.
إن الهالوين في الأصل هو مهرجان وثنيّ يحتفل به في ١ نوفمبر/تشرين الثاني، مشيراً إلى نهاية كل من فصل الصيف والسنة السلتية الجديدة.
ويسمى أيضاً (سامهين) وهو الوقت الذي كان فيه المزارعون يجمعون محاصيلهم ويذبحون الحيوانات من أجل لحومها، وتتجهز فيه الأعشاب والأشجار استعداداً لفصل الشتاء. كان ذلك هو الوقت الذي يصبح فيه كل من عالم الأحياء والأموات وعالم الاله أقرب ما يكونا لبعض.
وكان السلت القدامى في بعض أجزاء اسكوتلندا وأيرلندا يرتدون الأقنعة أو يتبادلون الملابس لطرد وإرباك أرواح أقارب الموتى التي تحاول التطفل على الأحياء.
وقد نجا تقليد إخفاء الهوية واعيد تفسيره بعد قرون عديدة حتى وصل لهذه الأزياء التي نرتديها اليوم.
خدعة أم حلوى
اعتاد الناس على تقديم هبات في شكل أطعمة للموتى في (السامهين) كنوع من الاسترضاء والاستذكار لهم.
وكانت أرواح المتوفين حديثاً مدعوة للمشاركة في الوليمة الخاصة برأس السنة السلتية.
لكن الكنيسة الكاثوليكية في روما ارتأت بعد اجتياح المسيحية لأوروبا أن تمحو تلك الطقوس الوثنية لتعزز مكانها في عقول وقلوب المعتنقين الجدد للدين.
إلى أن قام البابا “غريغوري الرابع” بتسمية الثالث عشر من شهر أيار/مايو (عيد جميع الشهداء المقدسين) متزامناً مع عيد (السامهين) لغرض جذب الناس للحضور إلى الكنيسة ولجعل التقاليد الوثنية متلائمة أكثر مع التقاليد المسيحية.
أعاد البابا “غريغوري” تسمية المناسبة لاحقاً إلى (عيد جميع القديسين). وتقيم الكنيسة عادة الصلاة عشية يوم جميع القديسين في 31 أكتوبر/تشرين الأول.
وتغير اسم العيد بمرور القرون حتى أصبح مرتبطاً بما يعرف اليوم باسم “الهالوين”.
ويعود أصل لعبة (خدعة أم حلوى) التي يمارسها الأطفال في الهالوين حيث يطرقون الباب تلو الآخر طالبين حلوى كهدايا صغيرة أو أنك ستواجه عاقبة وخيمةإالى محاولات الكنيسة السابقة لدمج المعتقدات الوثنية بالمسيحية.
طور السلتيون عادة ارتداء الأقنعة والتخفي، ومن ثم تبنت الكنيسة هذا الطقس ليلائم ممارساتها. حيث يتنكر الناس في ليلة جميع القديسين كملائكة أو قديسين أو حتى شياطين.
استمرت هذه الممارسة وتطورت خلال العصور الوسطى. وأصبح (الترويح) أو التسول من أجل الطعام أو المال شائعاً عند الفقراء مقابل دعائهم بحسن الحال لأولئك الذين في المطهر.
وقد اعيد تفسير (الترويح) في النهاية في القرن التاسع عشر إلى ما يشبه الاستعراض أو اللبس الباهر. وهو مبدأ مشابه للترويح لكن بدلاً من الدعاء كانت تلقى النكات وتعزف الآلات الموسيقية.
وفي النهاية أعيد تفسير مبدأ الاستعراض واللبس مجدداً إلى ما يعرف الان باسم (خدعة ام حلوى).
إن لعبة (خدعة أم حلوى) بشكلها الأولي في العشرينات في الولايات المتحدة كانت تعني (أحياناً) التخريب والسلب للتسلية.
امساك التفاح
لم يكن عيد (سامهين) السلتي مناسبة كئيبة رغم ارتباطها بالموت والحذر من الأمور الروحية.
اخذت المجتمعات السلتية وقتها لتفكر في العام المنصرم وتستقبل أعضاء جدد في مجتمعها وتحاول أن تتنبأ بالمستقبل من خلال ألعاب متنوعة، وكان الغوص لأمساك التفاح أحدها.
فطبقاً للأسطورة، أول من يعض تفاحة بنجاح سيكون هو من سيتزوج تالياً.
واستمر التقليد منذ ذلك الوقت، ولكن الحدث أصبح تجارياً أكثر وموجهاً للأطفال بعد تلاشي الأهمية الدينية للهالوين حيث أصبح غالباً لعبة يلعبها الأطفال.
انتشار الهالوين
واجه الهالوين بشكله الحديث الذي اعادت صياغته كل من أمريكا وكندا صعوبة كبيرة في الانتشار في أوروبا.
إذ انتشر الهالوين في فرنسا لفترة قصيرة في التسعينات ولكنه لم يلاقى بنفس الحماس المعتاد في الولايات المتحدة.
دامت التجربة لسنتين وبدأت بالتلاشي تدريجياً وأصبحت مقتصرة على الحانات والنوادي الليلية أو مجتمعات المغتربين التي تحيي حفلات الهالوين.
ومع ذلك تقيم مدينة (ليموج) استعراضاً سنوياً مميزاً للهالوين ومهرجاناً يحاكي نظيره عبر المحيط الأطلسي.
وحقق الهالوين بصورته المعاصرة بشكل عام نجاحاً أكبر في بريطانيا، حيث كان من المتوقع أن يولد الاحتفال أرباحاً تقدر بقيمة 460 مليون جنيه إسترليني من مبيعات التجزئة في عام 2015، محققاً بذلك زيادة تقدر بنحو 4,1% أكثر من السنة الماضية.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا