الرئيسية / برمجة وذكاء إصطناعي / إخفاق طالب جامعة عام 1988 غيّر الإنترنت إلى الأبد

إخفاق طالب جامعة عام 1988 غيّر الإنترنت إلى الأبد

كتبه لموقع “آي أف إل ساينس”: توم هيل
منشور بتاريخ: 21/1/2018
ترجمة: مازن سفّان
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد

في مساء الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1988، وفي مختبر هادئ تابع لمعهد ماساشوستس للتكنولوجيا MIT أخفق طالب بشكل كبير.
كتب “روبرت تابان موريس”، طالب علوم الكمبيوتر في جامعة كورنيل البالغ من العمر ثلاثة وعشرين عاماً، تسعة وتسعين سطراً برمجيّاً وأطلق برنامج على شبكة ARPANET؛ وهي الأساس السابق لشبكة الإنترنت الحاليّة. ومن دون أن يعلم، فقد أطلق العنان لواحدة من أوائل الفيروسات في الإنترنت والتي تعتمد مبدأ التكرار الذاتي ومبدأ النشر الذاتي ويُعرف باسم “دودة موريس”، وسيغيّر شكل الإنترنت الذي نراه للأبد.

ولكن كيف لطالب مُجد أن يطلق العنان لهكذا وحش؟ حتى بعد ثلاثين سنة، وبمحاكمته جنائياً، وعدد لا يحصى من الأخبار عنه، لا تزال الإجابة غامضة.

ادعى “موريس” أن هذا البرنامج كان استغلالاً غير ضار لقياس حجم الإنترنت. مع ذلك، فإن حقيقة إطلاقه هذه الدودة من معهد ماساشوستس للتكنولوجيا وليس من جامعته الأم جامعة كورنيل، تثير أسئلة عديدة بين منتقدي موريس.

جاء في التقرير الرسمي الصادر عن جامعة كورنيل عن الحادثة عام 1988: “تركزت الشكوك حول دوافع مختلفة كالانتقام، الفضول الفكري الصافي، والرغبة بإثارة شخص ما”.

وبغضّ النظر عن الدافع، فقد ارتكب موريس خطأً فادحاً. من خلال برمجتها السهلة نسبياً، فقد جعل موريس الدودة سريعة جداً، عدوانية جداً وواضحة جداً.

تسلل البرنامج إلى أجهزة الكمبيوتر عن طريق سؤالهم عن وجود نسخة من البرنامج قيد التشغيل. إذا أجاب الكمبيوتر بـ “لا” عندها تنسخ الدودة نفسها داخل الكمبيوتر. أراد موريس تجنب إصابة الأجهزة المتماثلة عدة مرات بحيث يتمكن البرنامج من التسلل إلى داخل الجهاز قبل إثارة المزيد من الانتباه. إذا أجاب الكمبيوتر بـ “نعم” عندها تكرر الدودة نفسها وتثبت نسخة أخرى من البرنامج في كل مكان لسبع مرات.

إلا أن الأمور خرجت عن السيطرة بسرعة. انتشر البرنامج بسرعة أكبر مما توقع موريس وأثبتت إجراءات الحماية التي وضعها المسماة “واحد في سبعة” أنها غير نافعة. كانت الكمبيوترات حول العالم تثبّت بشكل سريع مئات ومئات النسخ من البرنامج في حلقة لا تنتهي. وفي نهاية المطاف غمرت هذه النسخ الحواسيب من خلال أطنان من المعالجة غير الضرورية.

وفي صباح الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني كان ما يقارب من 10% من الحواسيب المتصلة بالإنترنت حول العالم متضررة. أول من تأثر بالبرنامج كانت حواسيب معهد ماساشوستس للتكنولوجيا وكانت الضربة التي وجهت لها هي الأعنف، ولكن الدودة انتشرت بسرعة في كل أنحاء الولايات المتحدة، ومع تقارير بحواسيب متضررة والتي وصلت إلى أوروبا وأستراليا. وغنيٌ عن القول، أنه مع وجود 60 ألف حاسوب في ذلك الوقت فقط فقد كلّف هذا البرنامج الكثير من المال. تقديرات الأضرار كانت بالغة الجسامة، ولكن الأرقام بدأت من مئة ألف دولار وصعدت إلى عشرات الملايين.

انتشرت الأخبار بسرعة على أن ذلك من عمل مخترقين روس. بعد ذلك كله، بقيت الحرب البادرة متشبثة بذلك الخبر. تسابقت الصحف وقنوات الأخبار على نشر القصة، خصوصاً أن والد موريس كان شخصيّة مشهورة في سلاح أمن الحواسيب التابع لوكالة الأمن القومي NSA.

بعد أن تلاشى الذعر والارتباك، تم القبض على موريس واتهامه بموجب قانون الاحتيال وإساءة استخدام الكمبيوتر، دفع بأنه غير مذنب، ولكن هيئة المحلفين اعتقدت العكس وحكمت عليه بثلاث سنوات من الاختبار، مع أربعمئة ساعة من الخدمة الاجتماعية وغرامة 10050 دولار.
في عام 1990، بعد الحكم عليه كتبت صحيفة “النيويورك تايمز”: “لقد أدى ذلك إلى إثارة الذعر لدى الكثيرين ممن يديرون أنظمة الكمبيوتر”.

إذا كان أي شي، فقد كان هذا تصريحاً خجولاً. عند نهاية عام 1988، كانت وكالة المشاريع الدفاعيّة المتقدمة قد قدمت تمويلاً لفريق الاستجابة الطارئة وذلك كاستجابة مباشرة على دودة موريس. منذ ذلك الوقت، لم يعد يُنظر إلى الإنترنت كشبكة هادئة من الأسلاك، بل كانت شبكة من الأزقة غير المحكومة المليئة بالأشخاص المشبوهين والأبواب المفتوحة.

جاء في تقرير لجنة كورنيل في عام 1989: “لم يكن هذا التعدي مماثلاً لولوج بيت غير مقفل بدون إذن وبدون نية إحداث ضرر، لكنه أكثر شبهاً بقيادة عربة غولف في يوم ممطر ودخول أكبر عدد من المنازل في الحي”.

وكنهاية مناسبة للبداية، فإن موريس عاد للعمل الآن كبروفيسور في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا في قسم تكنولوجيا الكمبيوتر التابع للمعهد. فشخص سيء تعرفه أفضل من شخص سيء تتعرف عليه.

المقال باللغة الإنجليزية: هنا

عن

شاهد أيضاً

الإجراءات التجميلية ضرورية للرجال أيضاً في وادي السيليكون 

بقلم: بيتر هولي تاريخ النشر: 9يناير 2020  ترجمة: سرى كاظم تدقيق: ريام عيسى تصميم الصورة: …

ما هو الروبوت؟  

بقلم: كريس بود.                                                                       قدمه: مارين في 12 ديسمبر 2018. ترجمة: أيوب  أوقاسي تدقيق: ريام عيسى …