كتبه للغارديان: شارلون هيغنز
منشور بتاريخ: 2018/4/13
ترجمة :احمد طريف المدرس
تدقيق: عقيل صكر
تصميم: أحمد الوائلي
وِفقاً للّغة فإن الزمن يتحرّك كنهرٍ كبيرٍ لا يمكن ايقافه، يسحبنا معه وفي النهاية يرمينا على ضفته ويستمر. ولكن هل يتدفّق الزمن بشكلٍ مستمر أم بشكل دفقات؟. بحسب الشعراء والأدباء، فإن الزمن قد يتباطأ أو يبدو وكأنه توقّف تماماً. وقد يكون مُجرّد وهم، فعندما نستيقظُ من حلمٍ نلاحظُ أن الوقت كان مجرّد وهم، وعندما نكون سعداء يمرّ الوقت بسرعةٍ مُقارنة بفترات حزننا.
“كارلو روفيلي” هو فيزيائي نظري إيطالي يريد أن يغيّر أدراكنا وفهمنا للزمن. باعَ كتابه سبع (دروس مختصرة عن الزمن)، مع مقالاته الموجزة حول مواضيع مثل الثقوب السوداء والكم، (1.3) مليون نسخة حول العالم. وصدر عنه مؤخراً كتاب ترتيب الزمان، وهو عمل شاعري مُذهل ستجد نفسك فيه تتخلّى عن كل شيء ظننت أنك تعرفه عن الزمن، حتّى فكرة تدفّق الزمن، بل وقد تشكّك بوجود الزمن نفسه. يعيش “روفيلي في مرسيليا”، حيث يُدير مجموعة بحث الجاذبية الكمية منذ عام (2010) في مركز الفيزياء النظرية، وعمل قبل ذلك لمدّة عشر سنين في جامعة “بيتسبرغ” في الولايات المتحدة.
يعمل روفيلي في المساحة الكبيرة بين النسبية ونظرية الكم. تصف النظرية النسبية العالم كنسيجٍ منحني، الزمكان ! حيث كل شيء مستمر، وتصف نظرية الكم عالماً تتفاعل فيه كميات منفصلة من الطاقة. يقول روفيلي، لا يمكن لميكانيكا الكم أن تتعامل مع انحناء الزمكان، و لا يمكن أن تكون النسبية العامة مسؤولة عن كمات الطاقة. ومع ذلك فكلتا النظريتان ناجحتان. ويعتبر عدم توافقهما أحّد أهم التحديات الحالية في الفيزياء النظرية. وهنا يعمل روفيلي على نظرية الجاذبية الكمومية، التي قد تكون الإجابة المحتملة للمشكلة، حيث يُفهّم الزمكان نفسه على أنه حُبَيبِي، ذو بُنية دقيقة منسوجة من حلقات. وتعد نظرية الأوتار إحدى أهم الحلول المقترحة حيث تقدم طريقة مختلفة لحل المشكلة.
وحول امكانية كون النظرية خاطئة يقول روفيلي: الخطأ ليس مهم. كونها جزءاً من النقاش والبحث هو الهدف، فإذا سألت عن الذي حقّق أطول قائمة انجازات وأكثرها إثارة فسيكون “أينشتاين” دون أدنى شك. ولكن إذا سألت من هو العالم الذي ارتكب اكثر الأخطاء، فلا تزال الإجابة أينشتاين.أظهر آينشتاين أن الزمن النسبي يمر ببطءٍ بالنسبة لجسم يتحرّك بشكلّ أسرع من جسم آخر، على سبيل المثال. في عالمنا النسبي، يكون الحاضر المطلق بلا معنى، فالوقت جزء من هندسة معقّدة مربوطة مع هندسة المكان.
ووفقاً لروفيلي يختفي الوقت نفسه في المستوى الأساسي. نظريته تتبنّى فكرة أن الوقت هو مجرّد وظيفة لتصورنا البشري المشوّش، ترتبط تجربتنا الوثيقة مع الزمن بالطريقة التي تتصرّف بها الحرارة. وهو سبب معرفتنا للماضي فقط وليس المستقبل، تتدفّق الحرارة بإتجاه أحادي من الأجسام الأكثر دفئاً إلى الأكثر برودة. فحين يسكب مكعب ثلج في فنجان قهوة ساخن تبرد القهوة. لكن هذه العملية لا يمكن عكسها فهي مثل شارع ذو اتجاه واحد، وذلك وفق القانون الثاني الديناميكا الحرارية ومفهوم الانتروبيا. وتعتبر الانتروبيا مقياس العشوائية والفوضى. تكون الانتروبيا أقل في الماضي و أعلى في المستقبل، فهناك دائما المزيد من الفوضى، وهناك الكثير من الاحتمالات الممكنة في المستقبل، على عكس أحداث الماضي المرتّبة والمعروفة. لكن الإنتروبيا والحرارة والماضي والمستقبل هي مفاهيم تنتمي إلى ملاحظتنا السطحية للعالم وليس لقواعد العالم الاساسية. يقول روفيلي: إذا لاحظت حالة الأشياء المجهرية، فإن الاختلاف بين الماضي والمستقبل يختفي في القواعد الأساسية للكون، ويختفي معه الفرق بين السبب والنتيجة!
المقال باللغة الانجليزية: هنا