تمكن الفيزيائيون من إثبات عمل قوانين الثيرموداينمك في العالم الكميّ. حيث سيؤثر هذا الاكتشاف تأثيراً هائلاً على الأعمال التكنولوجية التي يتم تطويرها حالياً، مثل تكنولوجيا الحواسيب الكمية.
قام الباحثون بإجراء تجربةٍ تُظهر بأنَّ العمليات الكميَّة غير قابلةٍ للرجعة -أي إنها تسير في إتجاهٍ واحد-. قام العلماء بصناعة نظامٍ كميٍّ معزول وقاموا بقياس مقدار التغير في الإنتروبي- التي تعني درجة الاضطراب في النظام او حالة اللاإنتظام و الفوضى- بعد تسليط مجالٍ مغناطيسيٍّ متذبذب عليه. لو كانت العملية قابلةً للرجعة، لبقي الإنتروبي ثابتاً ولم يزدد أو يتقدم باتجاه اللاإنتظام، ولكن هذا لم يحصل، فقد ازداد الانتروبي حقاً. ربط فريق البحث هذه النتائج بالمفهوم المعروف بـ”سهم الزمن”.
نحن لا نعرف لمَ يمر الزمن. نعتقد بأنَّ سهم الزمن يمتلك اتجاهاً بسبب القانون الثاني في الثيرموداينمك والذي ينص على أنَّ “إنتروبي الكون يزداد باستمرار”. يقول هذا القانون ببساطة بأنك مهما حاولت فلن تتمكن من إعادة تركيب قطع المزهرية المكسورة بشكلٍ كاملٍ ومثاليّ، فإن رأينا مزهريةً مكسورة، نعلم بأنها قد كُسرت في الماضي.
لم تتأثر ميكانيكا الكم بالثيرموداينمك حتى الآن، فأغلب القوانين الكميَّة متناسقة في الزمن بشكلٍ مثاليّ. يمكن للـ”مزهريات الكميَّة” أن تتحطم وتعود إلى وضعها السابق، فكلا الحالتين مسموحتان في ميكانيكا الكم. لكن هذه التجربة أظهرت بأنَّ الثيرموداينمك لها تأثيرٌ على العالم الكميِّ أيضاً وبأنَّ سهم الزمن ينشأ بشكلٍ طبيعي من قوانين الكون الأساسية.
قام العلماء في هذه التجربة بقياس الإنتروبي الخاص بعينةٍ من الكلوروفورم السائل*. هذه المادة مفيدةٌ في اجراء التجربة بسبب أن نواتي ذرتي الهيدروجين والكاربون يدوران بشكلٍ مترابط ومتناسق. تم تسليط مجالٍ مغناطيسي متغير على النظام، وفي كل مرةٍ ينقلبُ فيها المجال المغناطيسي، تنقلبُ معها دورات أنوية الهيدروجين والكاربون كذلك.
كانت التقلبات في المجال المغناطيسي سريعةً جداً لدرجة أن دورات الأنوية لم تتمكن من مجاراتها مما أدى إلى فقدان حالة التوازن بين مكونات النظام، سامحةً للإنتروبي بالإزدياد. يعتقد العلماء بأنَّ فقدان التوازن نشأ من الحالة الابتدائية للنظام.
تبدأ قوانين ميكانيكا الكم من أنظمةٍ متوازنةٍ بشكلٍ مثاليّ، لكنَّ صناعة نظامٍ بمثل هذه المواصفات هو أمرٌ صعب جداً في الواقع وكل العمليات التي لاحظناها من قبل لم تكن في حالة توازنٍ حقيقي.
قال ماورو باتيرنوسترو Mauro Paternostro أحد القائمين بالدراسة:” إنَّ قابلية الرجعة الكاملة والمثالية هي أمرٌ تجريدي والذي لا يمكن الحصول عليه إلا في حالاتٍ محكمة السيطرة”. وأضاف قائلاً:” هذا يعني بأنَّ عملية تكوين الإنتروبي هي عملية ثانوية ونحن الآن نسعى للتحكم بها والتغلب عليها. يمكن للعملية الكميَّة التي تحقق كميةً أقل من الإنتروبي أنْ تساعد في التحكم بالمعلومات بشكلٍ أفضل (على المستوى الكمومي المحدود). نعتقد بأنَّ دراسة الثيرموداينمك على مستوى العمليات الكميَّة سيساعد في فهم الآليات الجوهرية لتبديد الطاقة”.
إن فهم الإنتروبي والثيرموداينمك سيسمح لنا بتطوير مكائننا واستثمار أموالنا في أنواع أفضل من التكنلوجيا. قد تفوز الطبيعة الأم في النهاية!، ولكننا سنتحداها لعلنا ننتصر عليها.
_____________________________
هامش
*الكلوروفورم السائل: سائل نقي، شفاف، كثيف و ذو رائحة حلوة. يُرمز له كيميائياً بـ CHCl3. يُستعمل في اذابة الزيوت وأحياناً كمخدر.
المصدر: هنا