إن كان لديك أطفال أو تعرف أحداً من أقاربك و أصدقائك ممن لديهم أطفال، لا بد بأنك شاهدت أو سمعت عن معاناة الأهل من النشاط الغير طبيعي لبعض أطفالهم. إن النمو الطبيعي للأطفال يمر بمرحلة يزداد فيها نشاط الطفل و خاصة بعد تمكنه من المشي و نضوج قدراته الحركية (بعد عمر السنتين) فتبدأ مرحلة الإستكشاف المستمر و النشاط الغير مسبوق.
لكن، هل هذا النشاط طبيعي دائماً؟ و ماهو الحد الذي يفصل بين نشاط الطفل الطبيعي و النشاط المفرط؟
يُعّرف “اضطراب فرط الحركة و نقص الإنتباه” (*ADHD) بأنه إضطراب عصبي-سلوكي يصيب الأطفال في أعمار مختلفة و يؤدي في ما بعد إلى تدهور النواحي الإجتماعية و التعليمية للطفل. يرجع بداية وصف هذا الإضطراب إلى مطلع القرن العشرين، ثم تطور فهمنا لهذا الإضطراب في ستينيات القرن الماضي و بدأ إستخدام العقاقير في علاجه. ظهرت سلسلة من الأبحاث الضخمة في السبعينيات، و التي أسست للدليل العلمي على أن هذا الإضطراب مشكلة حقيقة يمكن حلها و تجنب تأثيرها السلبي على صحة الطفل. من أشهر الباحثين في هذا المجال هو الدكتور راسل باركلي (Russell A. Barkley) المختص بعلم النفس الإكلنيكي و الذي يعتبر حالياً أكثر العلماء خبرة في مجال “اضطراب فرط الحركة و نقص الإنتباه”، حيث نشر 15 كتاب و ساهم في 180 دراسة مختصلة بهذا الإضطراب.
نعود إلى سؤالنا السابق، ما هو الحد الفاصل بين سلوك الأطفال الطبيعي و غير الطبيعي؟
في الطب النفسي هناك اختلاف واضح بين المختصين في ما يخص بعض الإضطرابات. نتيجة لهذا فإن المعايير التي يتبعها الأطباء النفسيون في الولايات المتحدة الأمريكية تختلف عن المعايير المتبعة من منظمة الصحة العالمية في ما يخص التشخيص تحديدا. هناك دليلان للتشخيص الإكلينيكي للامراض النفسية، الأول تصدره جمعية الأطباء النفسيين الأمريكية المعروف بالـ **DSMو الأخر تصدره منظمة الصحة العالمية و يعرف بالـ ICD***. لذلك قد يكون الأمر مربك في تعريف السلوك الطبيعي من غيره للطفل.
لنبتعد عن التفاصيل و نتحدث عن الأمر بطريقة مبسطة. النشاط الطبيعي للأطفال يجب أن لا يؤثر على تطور الطفل، نموه، تركيزه، علاقاته الإجتماعية، و تحصيله الدراسي. حينما يزداد نشاطه و يقل تركيزه بالشكل الذي يؤدي إلى صعوبة في التعلم و تكوين علاقات اجتماعية مع الأخرين، عندها يجب أن نبحث عن السبب.
ما هي أعراض “اضطراب فرط الحركة و نقص التركيز”؟
تقسم الأعراض حسب الأنواع الثلاثة لهذا الإضطراب. النوع الأول (السلوك الإندفاعي)، و تشمل أعراضه على: صعوبة إنتظار الطفل لدوره، مقاطعة الأخرين و إزعاجهم، التحدث بشكل متسرع دون تفكير، و صعوبة إتباع تعليمات المعلم في الصف. النوع الثاني (تشتت الإنتباه)، و تكون الأعراض المصاحبة له: صعوبة التركيز في التفاصيل و أداء الواجبات المدرسية، كثرة النسيان و فقدان الأشياء، صعوبة في إتباع المهام و تهرب من المهام المتعلقة بالتركيز. أما النوع الثالث فهو خليط بين هذين النوعين، و هو الأكثر شيوعاً من بين الأنواع الثلاثة.
لتشخيص إضطراب فرط الحركة و نقص الإنتباه، يجب أن تكون هذه الأعراض مؤثرة على الطفل في البيت و في المدرسة (أي في مكانين مختلفين)، و لفترة تتعدى الستة أشهر.
تابعونا في الجزء الثاني من المقال لنتحدث عن مدى شيوع هذا الإضطراب، أسبابه، و كيفية التعامل معه.
لمزيد من المعلومات، زوروا موقع “جمعية الخليج لطب النفس للأطفال” :http://www.gcmbhs.org/
و دليلهم عن هذا الاضطراب : http://gcmbhs.org/
ADHD*: Attention deficit hyperactivity disorder
DSM**: Diagnostic and Statistical Manual of Mental Disorders
ICD***: International Statistical Classification of Diseases and Related Health Problems
المصدر: هنا