كتبه لموقع “بيغ ثينك”: بول راتنر
نُشر بتاريخ: 2/10/2018
ترجمة: عباس قاسم
تدقيق : امير صاحب
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
أيمكن أن تموت إن استسلمت ببساطة وفقدت رغبتك بالحياة؟ وفقاً لدراسة جديدة قادها الدكتور (جون ليج) من جامعة بورتسموث البريطانية فالاجابة هي نعم.
بحثت هذه الدراسة الفريدة من نوعها في ظاهرة فقدان الرغبة بالحياة أو ما يعرف طبياً بمسمى (الموت نفسي المنشأ).
كيف يمكن لشيء كهذا أن يحدث؟ يقول الباحثون بأنه من الممكن أن تٌحَفزَ هذه الحالة نتيجة صدمة محتمة يبدو عندها الموت خياراً منطقيا لا مفر منه. ويمكن أن تحدث الوفاة خلال ثلاثة أيام من استسلام الشخص وفقدانه رغبته بالحياة دون أي تدخل.
من الجدير بالذكر بخصوص هذه الحالة هي أنها ليست كالانتحار بشيء.
يقول الدكتور (ليج) بأن الموت نفسي المنشأ حقيقي. ليس انتحاراً وليس له أي ارتباط بمرض الاكتئاب لكنه حالة واقعية جدا تحدث عادةً خلال أيام وغالبا ما تكون مرتبطة بصدمة شديدة.
ويعتقد (ليج) بأن حالة الاستسلام هذه قد تكون ناتجة عن تغير في الدائرة الحزامية الداخلية وهي دائرة موجودة في الجزء الأمامي أسفل القشرة الدماغية وتسيطر هذه الدائرة على دوافع الشخص وسلوكه الهادف.
ووضح الدكتور (ليج) بأن الصدمة الشديدة قد تسبب خللاً في الدائرة الحزامية الداخلية. وذكر بأن امتلاك دافع هو امر ضروري لمواجهة الحياة وتحملها وإذا انهار الدافع فستكون حالة اللامبالاة حتمية.
لكن الموت ليس مصيراً حتمياً حتى وان وقعت ضحية لهذه الحالة. يمكن لتدخلات مختلفة مثل النشاط البدني أن تمنح الشخص إحساسا بإسعاده السيطرة والقدرة على الاختيار والتي بدورها ستكسر هذه الحلقة عن طريق إفراز الدوبامين.
وقد حدد الدكتور (ليج) خمس مراحل للتدهور النفسي التدريجي المؤدي للوفاة وهي:
1. الانسحاب الاجتماعي – غالبا ما تتبع هذه الحالة وقوع صدمة نفسية إذ يمكن أن تعد هذه الحالة احدى طرق التعامل مع الصدمات حسب قول الدكتور (ليج). وتتسم هذه الحالة السلبية بتجنب التفاعل الاجتماعي وفقدان المشاعر واللامبالاة والانكباب على الذات. يدخل أسري الحرب السابقون في هذه الحالة غالباً بعد أن يتعرضوا للأسر بوقت قصير.
2. اللامبالاة – يعاني الأشخاص في هذه الحالة من اكتئاب حاد وفقدان للطاقة وكأنهم غير راغبين في الحفاظ على أنفسهم بعد الأن. ويرافق ذلك عدم بذل أي جهد تجاه أي شيء خصوصاً الاستحمام.
3. فقد الإرادة – إضافة إلى الانعدام الشديد لأي حافز، يعاني المرضى من انعدام تام لأي استجابة عاطفية إلى الحد الذي يفقدون فيه رغبتهم بالكلام ويصبحون منغمسين كلياً في ذاتهم ولا يرغبون أو يقدرون أن يساعدوا أنفسهم أو يساعدوا غيرهم.
وصف الدكتور (ليج) حالة فقد الإرادة هذه بأنها أشبه بامتلاك “دماغ فارغ أو وعي يخلو من أي محتوى” حيث يعود الدماغ مبدئيا إلى حالة التأهب.
4. عجز الحركة النفسي – توصل الباحثون إلى أن المريض يصل إلى هذه الحالة عندما يكون واعياً لكنه في حالة عميقة من اللامبالاة حتى أن الألم الشديد الناتج عن التعرض للضرب لن يحفز أي ردة فعل. لن يمتنع المرضى عن الاستحمام في هذه الحالة فقط بل غالبا ما سيبقى مستلقياً بفضلاته.
5. الموت نفسي المنشأ – تتضمن المرحلة الأخيرة الاستسلام التام للشخص وانهياره لاحقاً. ويقول الدكتور (ليج) أن من يصل هذه المرحلة قد يكون مستلقياً بفضلاته ولا التهديد أو الضرب أو النزف أو أي شيء أخر يمكن أن يرغبهم بالعيش.
كان معروفاً عن السجناء في معسكرات الاعتقال وصولهم إلى هذه المرحلة الأخيرة عندما كانوا يخرجون سجارتهم المخبئة ليدخنوها. ولأن السجائر كانت ذو قيمة كبيرة جداّ ويمكن مقايضتها بأشياء أخرى كالطعام فأن تدخين الشخص لها يعد استسلاماً تاماً. وكانت الوفاة غالباً ما تقع في غضون أيام.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا