كتبه لموقع “بيغ ثينك”: آنا بيجو
نُشر بتاريخ: 5/11/2018
ترجمة: رحاب هلالي
تدقيق: عقيل صكر
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
كلما فشلنا بتسمية الرأسمالية كعامل رئيس في إنقراض الحيوانات، كلما بقينا ضعفاء بمواجهة تلك المأساة. تقرير حياة الكوكب الأخير؛ الصادر عن المؤسسة العالمية للحياة البرية: يشير بقراءة متشائمة إلى نسبة الحياة البرية (60%) عن عام (1970). إنهيار النظام البيئي بهذه الطريقة من المستبعد أن يكون خلفه الإنسان. أكد التقرير إن معدلات الإستهلاك العالية هي الملامة في تراجيديا الإنقراض، تلقف الصحفيين الرسالة وضخموها، كتبت الغارديان بعنوان رئيس: ” الإنسان يمحو (60%) من سكان الحياة البرية ” بينما ظهرت البي بي سي (BBC) بعناوين : ” إنقراض الحياة البرية بسبب معدلات استهلاك الإنسان” لاعجب في تقرير بـ (148) صفحة مرت كلمة الإنسان (14) مرة، بينما تكررت كلمة الاستهلاك (54) مرة. كلمة واحدة فشلت في الظهور ولو لمرة؛ الرأسمالية. عندما تفتقد (83%) من المياه الطبيعية في النظام البيئي (فقرة مرعبة أخرى من التقرير ) فليس هناك وقت للجدل والمراوغة والتلاعب بالألفاظ حينها كتب العالم البيئي روبن وول كيمر ” إيجاد الألفاظ الملائمة خطوة أخرى لتعلم النظر “.. على الرغم من أن تقرير المؤسسة العالمية للحياة البرية قارب مشكلة الكلمات بهوية الأدب فإن الإقتصاد والنماذج المعنية بمفاتيح الحل فشلت بتسمية الرأسمالية كعامل مسبب يربط بين هذه الأشياء. هذا هو المانع الذي أعمانا عن رؤية حقيقة المشكلة، الإمر يشبه التسديد نحو هدف غير مرئي.
لماذا الرأسمالية؟
تقرير المؤسسة العالمية للحياة البرية صادق في تسمية “إنفجار الإستهلاك البشري” وليس “نمو السكان” كسبب رئيس في إنقراض الكائنات. ويذهب التقرير إلى إيجاد الرابط بين أبعاد الإستهلاك وفقدان التنوع الحيوي، لكنه يتوقف وقفة قصيرة عند نقطة إن الرأسمالية تتوافق وتتكامل مع معدلات الإستهلاك العالية. الرأسمالية – وبصورة جزئية – الليبرالية الجديدة كآيديولوجية وجدت مبدأ نمو لا متناه للإقتصاد قائم على الاستهلاك للأبد. وهو المستحيل بعينه.
الصناعة والتكنلوجيا كنشاطات حددها التقرير كمساهم رئيس بفقدان التنوع، جميع هذه الإنشطة تتشكل بواسطة الرأسمالية. ليس الأمر فقط مجرد بضعة سلع يأمل صانعوها بالحصول على ربح ولكن هناك أيضاً مخرجات مصاحبة: كالتلوث وفقدان التنوع الأحيائي يتم تجاهلها. وبدلاً من أن تسمى الرأسمالية كمشكلة تهدّد قيمة الحياة، فإن تقرير المؤسسة العالمية للحياة البرية استعمل في الواقع منطق الرأسماليين أنفسهم وردد مصطلحاتهم: ” مساعدة الطبيعة” ..” خدمات بيئية ” ..للإشارة إلى الحياة البرية.
بحجب الرأسمالية ومواجهة تمويه عارضها الرئيسي – الاستهلاك – هناك خطورة من انتقال اللوم إلى نمط الحياة الفردية والخيارات الشخصية، بينما أكبر وأقوى نظام يبقى خارج دائرة اللوم والمحاسبة.
من هو الإنسان؟
على أي حال – تقرير المؤسسة العالمية للحياة البرية – يختار ” الإنسان ” كوحدة في التحليل، وهذه اللغة العمومية ألتقطت من قبل الصحافة، الغارديان على سبيل المثال كتبت في تقريرها “الزيادة السكانية تدمر شبكة الحياة” هذا تمويه مقزز! تقرير المؤسسة العالمية للحياة البرية نفسه يستبعد البشر بصورة عامة ويستبعد تسمية كل البشرية كفاعل رئيس في الإستهلاك لكنه لا يستبعد أن تكون أقلية صغيرة من البشر هي المسببة للضرر الأكبر. من الإنبعاثات الكاربونية إلى آثار التلوث البيئي، أغنى، (10%) من البشر يملكون المساهمة الأعظم. والأكثر من ذلك أن ليس هناك مؤشرات تسجل تأثيراً يذكر للشعوب الفقيرة في فقدان التنوع الأحيائي وانقراض الكائنات.
إذن ليست البشرية هي المسؤولة عن الأمر، يمكنك أن تحزر، النظام الرأسمالي هو المسؤول. والشعوب الأخرى مسؤولة بشكل جزئي، حسب استجابتها للمنطق الكولنيالي. استعمال مفردة الإنسان يمنعنا من رؤية المشكلة كما هي. كما إنها تولد إحساس إن البشر أشرار بطبيعتهم .وإن البشر – بطريقة ما سيستمرون بالإستهلاك إلى أن لايعود هناك شيء لاستهلاكه. تغريدة نشرت استجابة إى تقرير المؤسسة العالمية للحياة البرية: ” نحن نشجع التنوع في الأحذية !” في إشارة ساخرة لغياب الإهتمام بالتنوع الحيوي.
ولكن ماذا يعني تحديد الرأسمالية كعامل مسبب في إنقراض الكائنات؟
الأمر يتجاوز كونه هدف أكثر وضوحاً، ولكنه يعني أيضاً تعزيز موقع البشرية كقوة من أجل الخير. خلاصة القصة: للكلمات وقع أكثر من اللوم لأسباب مختلفة. الكلمات تبني أو تهدم، أعمق القصص التي تربطنا بالعالم. وهذه القصص مهمة بصورة خاصة في مساعدتنا على تجاوز أزمات البيئة. استعمال مصطلحات؛ مثل: ” البشرية” ..” الإستهلاك “..ليست فقط خاطئة ولكنها تزعزع ثقتنا بأنفسنا ودواخلنا وما نحن قادرين على القيام به.
بتسمية الرأسمالية كعامل رئيس فنحن نتمرن بصورة جزئية على الظروف التي تجعلنا بشراً أفضل، بفعل ذلك، نحن نتعلم معالجة القضايا بطريقة أخرى.. هناك قوة بتسمية الأشياء بمسمياتها من أجل مواجهتها. وكما كتبت الكاتبة والناشطة البيئية ربيكا سولانت: “تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية يقطع الطريق على الأكاذيب التي توجدها..الإشارة ..التنميط..المناقشة..التجنب..التشجيع..الفعل..الإختلاف..ليست جميعها تعني تغيير العالم، ولكنها خطوات أولية لذلك”. تقرير المؤسسة العالمية للحياة البرية أصر على جمع الأصوات حول العالم وجعل فقدان التنوع الحيوي هو الشغل الشاغل. ولكن توحيد الأصوات غير ذا فائدة دون إيجاد الكلمات المناسبة.. كلما فشلنا نحن والمنظمات المعنية بتسمية الرأسمالية كعامل رئيس في إنقراض الحيوانات النادرة كلما بقينا أضعف في مواجهة هذه المأساة.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا