كتبه لموقع “ذا اتلانتيك”: نيكولا تويلي، سينثيا غرابر وغاستروبود
منشور بتاريخ: 28/8/2018
ترجمة: أحمد الحسيني
تدقيق: آلاء عبد الأمير
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
منذ أكثر من قرن من الزمن، أضاف المصنّعون المغامرون مواداً كيميائية حافظة جديدة تماماً إلى الأطعمة، لإبقائها طازجة أثناء انتقالها من المزارع إلى المدن الأمريكية الآخذة بالنمو بسرعة. لم يعد الحليب يمتلك رائحة زنخة! واللحوم لم تفسد بعدها! لكن بعض العلماء تساءلوا: هل يمكن أن تكون كل هذه المواد الحافظة ضارة أكثر من كونها نافعة؟
أخذ كيميائيٌ صليبيّ يدعى ”هارفي واشنطن وايلي“ على عاتقه نقل هذه المعركة إلى واشنطن العاصمة، حيث قام بتجنيد فريق أُطلق عليه اسم”فرقة السم” لاختبار الآثار الصحية لهذه المواد، وفي هذه العملية، أنشأ أول قانون في البلاد للحماية من السموم الموجودة في أغذيتنا، لكن هل نجح في ذلك؟ هل المواد الحافظة التي نأكلها اليوم آمنة؟
في أواخر القرن التاسع عشر، كانت أمريكا تسرع بالتغيير، وكذلك أنظمتها الغذائية. كانت البلاد تتجه نحو التصنيع، ومع انتقال الناس إلى المدن بحثاً عن الوظائف، لم يعودوا يقطفون طماطمهم، وكذلك لم يستخرجوا زبدتهم من حليب أبقارهم المحلية. كان على الطعام أن يسافر أبعد للوصول إلى سكان المدينة، وفي عصر ما قبل التبريد الاصطناعي، كان الطعام يفسد بسرعة. لكن كان هناك حل، وجاء الحل من العلماء الذين يعملون في مجال كيميائي جديد ومثير: “المواد الحافظة” التي وعدت بإبقاء الطعام طازجاً لأيام، وحتى لأسابيع. بحلول ثمانينات وتسعينات القرن التاسع عشر، كان الأمريكيون يستهلكون المواد الحافظة مثل الفورمالديهايد، والبوراكس، وحمض الساليسيليك في وجبات الإفطار والغداء والعشاء.
لا أحد يعرف كم أكل الناس من هذه المضافات، ناهيك عما قد يفعله هذا المزيج اليومي من المواد الكيميائية لهم. لكن ”وايلي“، وهو فلاح مُصلِح تدرب على الكيمياء، قلقٌ من أن المواد الحافظة قد تضر بالناس، وهذا ما وصفته ”ديبورا بلوم“ في كتابها ”الفرقة السامة“: ”حملة كيميائيّ عازم لأجل سلامة الغذاء في نهاية القرن العشرين.“
تولى ”وايلي“ وظيفة في وزارة الزراعة الأمريكية، حيث أطلق تجربة ثورية أسماها “تجارب الجداول الصحية”، التي سرعان ما سميت “تجارب فرقة السموم” “من قبل الصحفيين. وكانت “فرقة السم” التابعة لـوايلي مكونة من موظفين حكوميين ذكور يافعين من ذوي الصحة الجيدة، عملوا على استهلاك كبسولات من البوراكس والفورمالدهايد وغيرها من المواد الحافظة إلى جانب وجباتهم اليومية لتجريب التأثير. أدت نتائج التجارب الصادمة إلى صدور قانون الغذاء والدواء لعام 1906، وبالتالي إلى إنشاء منظمة (إدارة الغذاء والدواء الأمريكية)، مما أدى لتغيير ما تأكله الأمة الأمريكية.
نظريًا، نجاح ”وايلي“ يجب أن يضمن أن جميع المواد الحافظة المضافة إلى غذائنا اليوم، آمنة. لكن في الواقع، آخر تحديث تشريعي جرى في عام 1958 فيه ثغرة تعني أننا اليوم لا نمتلك فكرة عن عدد المضافات في طعامنا أو مدى أمانها.
لمعلومات أكثر يمكنكم الاستماع (هنا) إلى المقابلة الصوتية مع ”لورا مكليري“، مديرة السياسة لمركز العلوم في المصلحة العامة، حيث تصفحنا أحدث التطورات والاتجاهات في تراث ”وايلي“، مع أسئلة: لماذا بعض المواد الكيميائية التي تسببت في مرض “فرقة السم” الخاصة به -منذ أكثر من مائة عام- لازالت موجودة في غذائنا؟ وماذا يمكن أن يخبرنا العلم الحديث عن مخاطرها؟ وما مدى أمان الطعام اليوم؟ وما الذي يلزم تغييره لجعله أكثر أمانًا؟
المقال باللغة الإنجليزية: هنا