كتبه ل (نيويورك تايمز): مجلس تحرير المجلة
بتأريخ: 31\3\2018
ترجمة: أحمد حازم سلطان
تدقيق: ريام عيسى
تصميم: مينا خالد
منذ أيام، اتخذ (سكوت برويت)، مدير وكالة حماية البيئة، خطوة أخرى لتقييد التحقيق العلمي الذي ظل لسنوات يتبع سياسة سليمة في وكالة يبدو أن (برويت) مصمم على تدميرها. أخبر مرؤوسيه أنه لم يعد بإمكانهم وضع سياسات على أساس الدراسات التي تضمنت بيانات سرية. على مر السنين، كانت مثل هذه الدراسات حاسمة في إقامة روابط بين الوفيات والتلوث، والتي أدت إلى تشريعات أنقذت العديد من الأرواح. الحد من قبل صانعي القرار لتلك الدراسات فقط والتي تحوي بيانات صحية متاحة للعامة يضيق وبشدة من مجال البحث.
دفعنا هذا للبحث مرة أخرى (لقد كنا هنا من قبل مع السيد برويت) عن الكلمة التي تصف عداء إدارة ترامب للبحث العلمي. إن كلمة “ازدراء” تقفز إلى الذهن. بعد مرور أربعة عشر شهراً من ولايته، لم يقم الرئيس ترامب بعد بتعيين مدير لمكتب سياسات العلوم والتكنولوجيا في البيت الأبيض، أو أي من المديرين المنتسبين الأربعة المخولين من قبل الكونغرس، وهي المناصب التي زودت رؤساء الولايات المتحدة ولعقود من الزمن بالنصائح غير المتحيزة.
هناك كلمة أخرى وهي “الخوف”. يبدو الأشخاص الذين يديرون هذه الحكومة _جميعاً_ مرعوبين من التحقيق العلمي والطرق التي يمكن أن يهدد بها وعد السيد ترامب بتخفيف التشريعات المتعلقة بشركات الوقود الحجري (الأحفوري) وزيادة أرباحهم، بغض النظر عن التكلفة التي تتحملها الصحة العامة والكوكب. فكر بالأمر من وجهة نظر السيد ترامب. لماذا يريد مستشارًا علميًا يخبره أن العلاقة بين التغير المناخي وحرق الوقود الأحفوري أمر لا يقبل الجدل، وأنه يجب أن يلتزم باتفاق باريس بشأن تغير المناخ، وأنه من الخطأ الفادح أن نتبرأ من كل جهود الرئيس أوباما لإبطاء الاحتباس الحراري الخطير في الغلاف الجوي للأرض؟
الأفضل أن يدفن رأسه في الرمال، كما تفعل النعام، فتختفي الحاجة إلى سياسات تنظم انبعاثات الغازات بشكل سحري والتي تساهم بظاهرة الإحتباس الحراري أو الملوثات الخطيرة مثل السخام والزئبق. وهي بالتأكيد طريقة عمل السيد برويت. كما قالت كل من جينا مكارثي وهي مديرة سابقة لوكالة حماية البيئة ونائبتها عن قسم جودة الهواء جانيت مكابي، في جريدة “تايمز أوب”: هدف برويت بسيط: لا توجد دراسات أو بيانات أو قواعد. ”
لقد كان السيد برويت يكره العلم والحقيقة منذ اليوم الأول. وفي الخريف الماضي، أعلن أن العلماء الذين يتلقون أو كانوا قد حصلوا على منح بحثية فيدرالية، سيتم منعهم من العمل في اللجان الاستشارية العلمية (حوالي أربع وعشرين لجنة) التابعة للوكالة. وقال إن الغرض من ذلك هو القضاء على تضارب المصالح. كان الهدف الحقيقي، كما اتضح بعد فترة وجيزة، هو خلق وظائف شاغرة يمكن أن يملأها خبراء الصناعة ومسؤولوا الدولة الذين يدفعون باتجاه لوائح متساهلة – أولئك الذين مصالحهم الخاصة والمتضاربة ستترك دون مسائلة. وكما ذكر أندرو روزنبرغ، مدير مركز العلوم والديمقراطية في اتحاد العلماء المهتمين في ذلك الوقت، إن إدعاء السيد برويت بأن التمويل الفيدرالي ينبغي أن يستثني العلماء من المجلس الإستشاري لوكالة حماية البيئة في حين لا ينبغي أن يستبعد تمويل الصناعة هو إدعاء سخيف.
على الرغم من أن وكالة حماية البيئة هي مركز الإنكار، وتجنب الحقائق غير الملائمة هي ممارسة شائعة في أماكن أخرى في الإدارة. في العام الماضي ، أعاد وزير الداخلية ريان زينك تعيين جويل كليمنت، مدير قسم تحليل السياسات وأحد كبار الخبراء في تأثير تغير المناخ على القطب الشمالي، إلى وظيفة محاسبية (استقال السيد كليمنت احتجاجًا). كما أمر السيد زينك الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب بإلغاء دراستين تتعارضان مع هدف الإدارة المتمثل في توسيع إنتاج الوقود الأحفوري المحلي. كانت إحداهما تدرس المخاطر الصحية على الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من مواقع مناجم الفحم السطحي في أبالاتشي؛ والأخرى بحثت طرق تعزيز برنامج التفتيش على سلامة النفط والغازفي القسم.
حتى المفردات الرسمية الخاصة بظاهرة الإحتباس الحراري تغيرت، كما لو أن المشاكل يمكن تبديدها ببساطة من خلال وصفها بمصطلحات أكثر لطفاً. في قسم الزراعة، على سبيل المثال، يتم تشجيع الموظفين على استخدام مصطلحات مثل “تطرف الطقس” بدلاً من “تغير المناخ”. تم إزالة صفحات الويب الخاصة بالإحتباس الحراري أو تعديلها أو إخفائها في جميع أنحاء الإدارة. في الأسبوع الماضي، وخشية أن يكون هناك أي ارتباك في المناطق النائية، تلقى موظفو وكالة حماية البيئة في المكاتب الإقليمية قائمة بنقاط الحوار التي توجههم لإخبار الناس بأن “تبقى الثغرات واضحة بما في ذلك فهمنا لدور النشاط البشري” في ظاهرة الاحتباس الحراري. هذا هو أثر برويت : إزرع الشك حول العلوم الثابتة كلما أمكنك ذلك.
عزز مستشارو السيد ترامب الاقتصاديون هذا الإتجاه. وقد طالبت ميزانيته الأخيرة بتخفيضات كبيرة في التمويل، وفي بعض الحالات، القضاء على البرامج التي تهدف إلى حماية صحة البشر وبناء القدرة على مقاومة آثار تغير المناخ – ومن بينها برنامج البحوث الساحلية الوطني التابع لدائرة المحيطات والغلاف الجوي وفعالية الطاقة والتكنولوجيا المتقدمة في وزارة الطاقة. إلا أن الكونجرس رفض بحكمة هذه التخفيضات، بفضل العمل الشاق الذي قام به تشارلز شومر ونانسي بيلوسي، الزعيمان الديمقراطيان لمجلس الشيوخ ومجلس النواب. سواء أثرت جهودهما في تغيير عقلية السيد ترامب ومساعديه أو لا فإنها ستبقى معروضة.
ويعتقد على نطاق واسع أن السيد برويت يضع نفسه في موضع الترشح للحاكم في ولايته الأصلية، أوكلاهوما. كما يبدو أنه يطمح إلى مكتب النائب العام، والمدهش ما يقال انه يحمل طموحات رئاسية. ولكن من غير المحتمل أن يحقق هو وزينك أي من طموحاتهما في المدى المنظور، ولكن طالما أن لديهما الدعم من قبل الرئيس ، يمكننا أن نتوقع المزيد من عدم احترام العلوم وممارسيها.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا