منذ عام 2013، سيطر تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المتطرف (المعروف أيضاً بإسم داعش) على مساحاتٍ كبيرة من الأراضي الواقعة في شرق سوريا وغرب العراق، المنطقة التي تعتبر أيضا موطناُ لبعضٍ من أقدم وأهم المواقع الأثرية على وجه الأرض. وقد تفاخرت المجموعة بتدمير المعالم الأثرية والأعمال الفنية التي تعتبرها “غير إسلامية”، وأصدرت العديد من أشرطة الفيديو التي تظهر مقاتليها وهم يقومون بتدمير تلك المواقع المهمة بإستخدام المطارق الثقيلة، والجرافات، وأصابع الديناميت. كما تمكن تنظيم داعش أيضاً من جمع الأموال عن طريق بيع القطع الأثرية المنهوبة في السوق السوداء. وعلى الرغم من أن الحجم الكامل للضرر الذي ألحقه تنظيم داعش لا يُمكن التحقق منه بشكلٍ مستقل، ومن الممكن أن يستعصي فهمه تماماً لسنواتٍ عديدة، إلا إننا نقدم هنا سبعة مواقع قد تعرضت للتدمير، أو الضرر، أو التهديد.
7- النمرود
النمرود هو الإسم الحديث للمدينة الآشورية المعروفة في الكتاب المقدس بإسم كالح “كلخو”. تأسست المدينة في القرن 13 قبل الميلاد، ووصلت إلى ذروتها في القرن التاسع ق. م. عندما قام الملك آشورناصربال الثاني بنقل العاصمة الملكية من آشور إليها. تم التنقيب في الموقع في القرنين التاسع عشر والعشرين للميلاد، وقد أسفرت التنقيبات عن كنوزٍ محفوظة الآن في متاحف عديدة في جميع أنحاء العالم. تم ترميم القصر المسوّر من قبل الحكومة العراقية في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، وتم عرض العديد من المنحوتات البارزة والتماثيل هناك. في أوائل عام 2015، إنتشرت تقارير تفيد بقيام تنظيم داعش بتدمير الموقع، قبل أن يتمّ بث شريط فيديو يظهر قيامهم بنسف القصر بإستخدام المتفجرات.
6- آشور
على بعد حوالي 70 ميلاُ (110 كم) إلى الجنوب من مدينة الموصل، تقع مدينة آشور القديمة، والتي تعرف الآن بالإسم العربي “قلعة الشرقاط”. يرجع تاريخ المدينة إلى الألف الثالث قبل الميلاد، وقد كانت آشور في الفترة من القرن الرابع عشر ق.م. وحتى القرن التاسع ق.م. أول عاصمة للإمبراطورية الآشورية. وحتى بعد قيام آشورناصربال الثاني بنقل العاصمة الإدارية إلى النمرود، بقيت آشور العاصمة الدينية للإمبراطورية ومكان دفن الملوك الآشوريين. تعرضت المدينة للتدمير على يد الميديين والبابليين عام 614 ق.م.، لكن آثاراً مهمة نجت، بما في ذلك العديد من القصور الملكية. منذ عام 2014، ومدينة آشور تقع ضمن الأراضي الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش.
5- ماري ودورا أوروبوس
يُعتقد إن مدينة ماري القديمة والواقعة على الضفة الغربية لنهر الفرات في سوريا قد تم إستيطانها في وقتٍ مبكر يرقى إلى الألف الرابع ق.م. وقد نالت شهرتها بفضل الإرشيف، المؤلف من 25.000 من الألواح الطينية، الذي عُثر عليه هناك. وفّرت تلك الألواح، المكتوبة باللغة الأكدية والتي تضمّ مراسلاتٍ دبلوماسية فضلا عن مجموعة متنوعة من النصوص القانونية والإقتصادية، للباحثين نظرة غير مسبوقة على المجتمع والسياسة في الشرق الأوسط القديم في الألف الثاني قبل الميلاد. وعلى بعد بضعة أميالٍ من مدينة ماري، تقع مدينة دورا أوروبوس الإغريقية الرومانية، التي إزدهرت في الفترة الممتدة من حوالي عام 300 ق.م. وحتى العام 250 للميلاد. في القرن العشرين الميلادي، نقّب علماء الآثار عن عددٍ من المباني المحفوظة بشكلٍ إستثنائي في الموقع، ممّا دفع بأحد المؤرخين ليُطلق عليها إسم “بومبي الشرق”. أظهرت صور الأقمار الصناعية قيام اللصوص، ومنذ إستيلاء تنظيم داعش على الموقع عام 2014، بتنفيذ العديد من الحفريات غير المُصرّح بها في كلا الموقعين.
4- دور شروكين
تعتبر دور شروكين (خًرسباد الحالية) موقعاً لقصر الملك الآشوري سرجون الثاني (الذي حكم في الفترة بين 721-705 ق.م.). ولم يتم إستخدام القصر والمدينة المحيطة به سوى لبضع سنوات، فقد تم إنجازها في وقتٍ متأخر من عهد الملك سرجون الثاني وسرعان ما تمّ هجرها بعد أن قُتل الملك في معركة. في آذار/مارس من عام 2015، أفادت تقارير بقيام تنظيم داعش بتدمير العديد من القطع الأثرية في الموقع، وتدمير الجدران وغيرها من الهياكل.
3- الحضر
على بعد سبعين ميلاً إلى الجنوب الغربي من مدينة الموصل، تقع أطلال الحضر، المدينة المحصّنة التي يرجع تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد. وتحت حكم البارثيين، كانت المدينة مركزاً تجارياً ومحطة وقوف للقوافل التي تحمل البضائع بين الشرق والعالم اليوناني-الروماني. تحمل عمارة الحضر، التي نجت وبقيت في حالةٍ ممتازة من الحفظ، طابع كلاُ من الحضارتين؛ حيثُ أستخدمت الأعمدة اليونانية-الرومانية الضخمة، لكن الزخارف تظهر تأثيراتٍ آشورية وفارسية. في نيسان/أبريل 2015، ظهر شريط فيديو يُظهر مقاتلي تنظيم داعش وهم يحطمون التماثيل والزخارف في جميع أرجاء الموقع. كما أفادت تقارير أخرى أيضاً بأن أجزاءاً من الموقع قد تمّ تجريفها.
2- نينوى ومتحف الموصل
تقع نينوى، أكبر وأقدم مدينة في الإمبراطورية الآشورية، على الضفة الشرقية لنهر دجلة. تأسست مدينة الموصل الحديثة على الضفة الغربية للنهر، وما أن توسعت المدينة وإمتدت إلى الضفة الشرقية، حتى أصبحت تحيط بالموقع بشكلٍ كامل. يُعتقد بأن أصول نينوى يرجع تاريخها للقرن السابع قبل الميلاد على أقل تقدير. في القرن الثامن ق.م.، تم توسيع المدينة وأعيد بناؤها من قبل الملك سنحاريب. مع ذلك، فقد تعرضت المدينة للنهب من قبل الغزاة في غضون أقل من قرنٍ من الزمان بعد ذلك، ولم تتمكّن من إستعادة شهرتها السابقة. من بين أشهر اللقى التي تم العثور عليها في نينوى ذلك الرأس البرونزي المذهل الذي يصوّر أحد الملوك، ربّما الملك سرجون الأكدي. في آذار/مارس من عام 2015، تم إصدار شريط فيديو يُظهر مقاتلين من تنظيم داعش وهم يقدمون على تحطيم القطع الأثرية في متحف الموصل، والذي يضمّ مجموعة مؤلفة من خليط من القطع الأصلية والنسخ الجصية. كما ظهر أعضاءٌ من المجموعة الإرهابية أيضاً في موقعٍ آخر وهم يستخدمون أدوات حفر لتدمير العديد من تماثيل الثيران المجنحة الضخمة.
1- تدمر
كمستوطنة في واحةٍ في عمق الصحراء الواقعة في جنوب ووسط سوريا، فقد إحتلت تدمر موقعا مهما على طريق القوافل الواصل بين آسيا وأوروبا. أصبحت تدمر مدينة تجارية دولية كبرى في القرن الأول الميلادي وسرعان ما إندمجت في النظام الإمبراطوري الروماني. وعلى مدى القرون التي أعقبت ذلك، كدّست المدينة ثروةً كبيرة. في عام 269 للميلاد، حاولت زنوبيا، ملكة تدمر، الإنفصال عن الإمبراطورية الرومانية، معلنةً إستقلال المدينة وقامت بإحتلال مصر ومعظم أجزاء الأناضول. لكن ذلك الإنتصار لم يدُم طويلاً، فسرعان ما أعاد الإمبراطور الروماني أورليان إحتلال المناطق الخاضعة للسيطرة التدمرية. كما تم إلقاء القبض على زنوبيا وأخذوها إلى روما. تضم تدمر واحدةً من أكبر مجموعات الآثار القديمة في الشرق الأوسط، بما في ذلك شارعٌ محاط بالأعمدة ومعبداً ضخماً للإله بيل (الإله التدمري المرادف للإله بعل). تنتشر المقابر البرجية والمدافن تحت الأرض في المناطق المحيطة بتدمر. في أيار/مايو من عام 2015، تقدم تنظيم داعش نحو تدمر. ولأنّ مقاتلي التنظيم قد ألحقوا الكثير من الأضرار بالمواقع الأثرية الواقعة تحت سيطرتهم، فقد كان هنالك قلقٌ على نطاقٍ واسع بشأن تعرّض المعالم الأثرية في تدمر للتدمير هي الأخرى.
المصدر: هنا