الرغم من أن الحياة على الأرض تبدو مستقرة وغير متغيرة،يأتي المد ويذهب الجزر، تشرق الشمس وتغرب، وتأتي الأشهر وتمضي -كما تفعل دوماً – في خضم هذا المخطط الكبير للأشياء، كوننا في الحقيقة هو مكانٌ مفعمٌ بالحيوية والحركة. في كل يوم، تولد مئات النجوم وتموت، وفي النهاية، سيحدث الأمر نفسه لشمسنا.
بعد بضعة مليارات سنينٍ من الآن، وبينما تبدأ شمسنا بالتحول إلى عملاقٍ أحمر، ستبدأ درجات الحرارة بالارتفاع، وسوف تنتهي الحياة. وبعد ذلك ببضع مليارات السنين فقط، وعندما تكون الشمس قد أستهلكت بالكامل مخزونها من المادة الذي يجعلها تحافظ على الانصهار النووي فيها، ستدخل الشمس في مخاضات موتها. وعندما يحصل هذا، سوف تلقي بطبقاتها الخارجية إلى الخارج، وفي النهاية، تتلاشى إلى ظلام.
لايوجد شيء حتمي في كوننا.. لكن أحقاً؟
الذرة هي الحجر الأساس في الوحدة البنائية للمادة. فالذرات، بشكلٍ حرفي، هي ما جعلت كوننا على ما هو عليه. فعندما نموت، لاترجع أجسادنا إلى اللاشيء؛ فهي بالأحرى تتحلل إلى مكوناتها الأولية و يعاد تدويرها إلى النظام البيئي. باختصار، تدوم ذراتنا لفترة طويلة بعد موتنا.
لكن ما طول الفترة الزمنية التي تستمر فيها الذرات بالبقاء؟ هل ستتحل في النهايةِ إلى .. لاشيء؟
للإجابةِ على هذا السؤال، عليك أن تفهم القليل عن كيفية عمل الذرات. كما قد تعلم، تحتوي الذرات على البروتونات والنيوترونات، وهذه تكون محاطة بـِ “قوقعة” من الإلكترونات. عدد الإلكترونات الموجودة في السحابة الإلكترونية تكون مساوية لعدد البروتونات، مما يساعد على تكوين الاستقرار.
في النهاية، عدد البروتونات هو ما يحدد العدد الذري. كمثال على ذلك، لعنصر الهيليوم بروتونين، لذا عدده الذري هو 2 (ويكون تسلسله الثاني في الجدول الدوري للعناصر). عدد النيوترونات الموجودة في الذرة الواحدة يكون متناسقاً، لكن ليس دائماً. وإذا لم تحتوي ذرة ما على العدد “الصحيح”للنيوترونات، فقد تخسر الذرة، في بعض الحالات من هذا النوع، نيوتروناً (مثل فقدان أحد جواربك في الغسيل). عند حصول هذا، تصبح الذرة غير مستقرة، وفي محاولةٍ لها لتصبح ذرة مستقرة، تقوم الذرة بإطلاق جزيء دون ذري. على الأكثر, يكون هذا الجزيء إلكتروناً. وتلك هي طريقة تحلل (انهيار) الذرات.
متى ما يكون لديك ذرةٌ مثقلة، توجد خطورة أن تبدأ هذه الذرة بالتحلل إلى جزيئاتٍ أصغر. وهذا ما يسمى بـِ “التحلل الإشعاعي” وهذا التحلل من الأنواع البسيطة جدا. الرجاء التفضل في فتح الرابط أعلاه لمعرفة المزيد عن التحلل الأشعاعي.
رجوعاً إلى نقطتنا الأولى، للأسف، هذه عملية تحديدٍ عشوائية (وهذا يعني أن لديها “توزيعاً يعتمد على الإحتمالية العشوائية، أو نمط يمكن تحليله إحصائياُ ولكن قد لا يُتنبأ به بدقة”). بصيغة أخرى،لانستطيع تحديد الوقت الذي يحصل فيه التحلل بدقة – وقت إطلاق جزيء دون ذري؛ على أي حال، وبما أننا نستطيع تحليل النمط، نستطيع تحديد عدد الذرات التي ستتحلل في معدلٍ زمني. والذي يسمى بِ “نصف-العمر,” وهذا تقدير معتمدٌ جداً.
بما أنه يوجد عدد نهائي من البروتونات والنيوترونات لكل ذرة، فستقوم الذرة ببعث الجزيئات إلى أن تصل إلى نقطة يصبح فيها نصف-عمرها طويلاً جدا، وثابتاً بشكلٍ فاعل. كمثال، يُعتَقد بأن لدى عنصر الـ بزموث-209 أطول معدل تحلُلي. تخضعلما يسمى “تحللالـ ألفا,” ويبلغ نصف-عمرها أكثرمن مليار مرة أكبر من العمر التقديري للكون. لذا، لكل الأسباب والنوايا، عنصر البزموث-209 هو أبديٌ بشكل أساسي.
استناداً إلى ذلك، الحياة الأبدية الحقيقة تعتمد على احتمالية تحلل البروتونات من عدمها. قد وضع بعض العلماء، بعض الفرضيات المتعلقة بهذا الأمر، ويشار إلى هذا بـِ “تحلل البروتون” (شكل افتراضي من التحلل الأشعاعي). وفقاً لإحدى الأفكار، وهونموذج جورجي كًلاشو, تمر البروتونات في مراحل انتقالية لتتحول إلى بوزيترونو بيونمحايد, والتي تتحلل بعدئذٍ إلى فوتوني أشعة كًاما. تشير التقديرات إلى أن نصف-عمر البروتونات يبلغ 1.29X1034 عاماً.
تِلك، إن لم تعلم، مدةٌ طويلةٌ جداً: على أيةِ حال، لاتوجد دلائل اختبارية على تحلل البروتون. لكن الأبحاث التي تطبق في إحدى أعظم مختبرات العالم، مع قليلٍ من الحظ، قد تكشف شيئاً ما في المستقبل.
المصدر: هنا