هناك اعتقادات قوية بأن الأمومة هي فعل استعباد والوظيفة هي ما يهم. إن هذه الطريقة في التفكير تعمل على غش النساء وتفقدهن الجزء الأكثر إشباعا في الحياة والأكثر تميزاً في الحب، مثل تلك المواقف تضر النساء ولا تنفعهن. إن أي فتاة شابة تقدّم حياتها المهنية على حساب حياتها الشخصية البحث عن رفيق مناسب، وتكوين عائلة، فإنها سوف تندم على ذلك. النساء تكون أكثر قابلية للإخصاب في فترة العشرينات من عمرهن، وتتناقص تلك النسبة حالما تصل إلى الثلاثينات من العمر. لكن الكثير من نساء اليوم واللاتي يكررن كذبة ” إن الوظيفة هي ما يهم”، لا يدركن مدى أهمية تكوين أسرة على سعادتها إلا في وقت متأخر. العمل الأكاديمي العلمي الذي يُمارس حالياً غير متوافق مع الأمومة. إن التركيز على “توازن العمل الحياتي” يقوم بتوضيح وتسليط الضوء على أنها ليست مشكلة كبيرة وأننا لا يمكننا الكلام عنها طيلة الوقت.
معظم النساء اللاتي أعرفهن واللاتي يحملن شهادات الدكتوراه وتركن الطريق المهني بسبب الأمومة كن سعيدات باختيارهن. إذا أردت أن تجعل المجال الأكاديمي جاذباً للمرأة، لا تجعلها تختار مابين أن تكون أماً جيدة وأكاديمية ناجحة في نفس الوقت.
كامرأة في الخامسة والثلاثين من العمر وحاصلة على درجة الدكتوراه في الفيزياء وقيامي بتأجيل البحث عن شريك مناسب، فأنا مستعدة لتأجير شهادتي العلمية والبقاء كأم جليسة المنزل لرجل يريد أطفالاً وتقع على عاتقه مسؤولية رعايتهم. على أية حال، أنا لا أود الرجوع إلى عالم حيث لا يمكنني فيه الحصول على فرصة للتعليم، وبالتأكيد لا أود الرجوع إلى عالم تُهمل فيه أفكار النساء فقط لكون صاحبات الفكرة نساء. أنا أفضل العمل والسعي نحو عالم يرى أهمية شديدة لدور الأمومة على أدمغة النساء وطبيعتهن البيولوجية، نحو عالم لا يرى الأمومة كمشروع ثانوي. وسواء حصل هذا الأمر أم لا، على المرأة أن تشعر بأهمية ذلك، أهميتها على مستوى حياتها في أن تصبح أمّاً، وأهمية ذلك الأمر لنا جميعاً لا يمكن نكرانها، نحن كمجتمع، نستفيد من النساء الذكيات، الطموحات، واللاتي يملكن الموهبة في أن يكن أمهات ويربين أطفالهن.
أعتقد أن من لا يملك درجة الدكتوراه في الفيزياء، عليه أن يبقي فمه مغلقاً وأن لا يتكلم حول كيفية زيادة النسوة الناجحات في هذا المجال. أذا أردت القيام بتغيير ما، عليك أن تنفذ سياسات تسمح للمزيد من النساء للتصالح مع طبيعتهن الأنثوية في الرعاية والتنشئة حيث أنهن مازلن ناجحات في هذا المجال.
أنا أود أن احذر كل عالمة شابة أعرفها، أن الأمومة قد تتفوق على العمل في الأهمية يوماً ما، وقد تندمين على تفضيل حياتكِ المهنية في يوم ما. إذا احتاج العلم يوماً ما للنساء، فإنه يحتاج لتقبّل الأمومة كجزء من تكوين المرأة، أو الاعتراف بحقيقة عدم احتياجه لنا. أما إذا احتاجنا، فإننا يجب أن نقوم بالعملين على نحو جيد. حتى ذلك اليوم، أتوقع أن الكثير من النساء يقمن باختيار ما تطورن عليه، ألا وهي الأمومة.
إنني أشك حتى في الأمهات العالمات في أن يقدمن تلك الإضافة الكبيرة لمجالي العلمي، إلا إذا أمكننا فتح الأذهان نحو الفكرة وندرك أننا بحاجة إلى تخفيف وتيرة برامج البحوث لبرهة قصيرة، وإعادة تغذية ما لدينا من بحوث، حينها سوف نرجع بحماسة والهام شديدين، لدراسة الكون الذي لم يقم بتطويرنا فحسب، إنما سمح لنا أن نأتي للحياة على هيئة جسمية أخرى مليئة بالسحر والجمال.
إليكم اقتراحات متخصصة لزيادة مشاركة المرأة في المجالات الأكاديمية:
١- دوام جزئي، أو خيار مرن أخر هو شيء مهم جداً خلال الفترة الأولى من زواجهن وتكوينهن للأسرة. حالياً، هو أمر يصعب التفاوض فيه.
٢- إزالة مستشاري الدراسات العليا المسيئين، وتغيير ثقافة العاملين في المجال العلمي في احترامهم للعلماء أياً كانوا.
٣- تدريب الأساتذة على أن يكونوا مدراء ناجحين في إدارة شؤون طلبة الدراسات العليا وما بعد الدكتوراه.
٤- تدريب طلبة الدراسات العليا : يجب أن يتضمن تعليمه الأدوات النفسية اللازمة التي تساعده في تخطي حالة الفشل، بناء الثقة من جديد والتفاوض من أجل المصلحة الشخصية. هذه أمور مهمة لكلا الرجال والنساء.
٥- الطريق الصعب في الوصول إلى شهادة الدكتوراه ٥-٦ سنوات، كما هو شائع ومعمول به في الجامعات الأوروبية.
٦- دعم المدارس الثانوية وزيادة البرامج الجاذبة والتي تؤدي إلى بدء الطلبة الموهوبين لدراستهم الجامعية وهم على استعداد كامل لدراسة مساقات ذات علمية متقدمة.
٧- توفير الدعم والتوجيه الكافي للفتيات اللاتي يردن الانخراط في المجالات الأكاديمية.
المدارس ذات الجنس الواحد تبدو أكثر إنتاجا للفتيات المستعدات لمثل هكذا تخصصات. هذه النقطة تحتاج إلى تحقيق كافي في صحتها لكي نبعدها عن شبهة المنظور المتحيز.
٨- تدريس الطلبة في أخر سنتين من مشوارهم الجامعي لبعض مساقات الدراسات العليا، كما هو معمول به في معظم الدول الأوروبية، يجعلهم قادرين اكثر على التركيز في بحوثهم لنيل الدكتوراه
المصدر: هنا