درس الباحثون في البنك الإحتياطي الفيدرالي في كليفلاند تحرّكات أسعار النفط وسوق الأسهم واكتشفوا أمرًا أثارَ استغراب الكثيرين وهو أن هنالك ارتباط كبير بين الإثنين، الدراسة لا تثبت بالضرورة بأن أسعار النفط لها تأثير محدود جدًّا على أسعار سوق الأسهم، إنّها تشير فقط إلى ذلك، ومع ذلك فإن المحلّلين لا يمكنهم في الحقيقة التنبُّـؤ بطريقة ردّة فعل الأسهم تجاه تغيُّر أسعار النفط.
ّإنّ إرتباط التغيُّـر في أسعار عناصر الإنتاج الرئيسية أمر مألوف، مثل النفط، وأداء المؤشّرات الرئيسية لسوق الأسهم، حيث أن أي زيادة في أسعار النفط سوف تؤدّي إلى زيادة في تكاليف المدخلات لمعظم الشركات مما يضطر المستهلكين لإنفاق المزيد من الأموال على البنزين وبالتالي تخفيض أرباح الشركات، والعكس صحيح عندما تنخفض أسعار النفط.
أندريا بيسكاتوري، الخبير الإقتصادي في صندوق النقد الدولي (IMF) حاول إختبار هذه النظرية في عام 2008. قام باستوري بقياس التغيّرات في مقياس (S&P 500) كبديل لأسعار الأسهم وأسعار النفط الخام. اكتشف أنّ متغيّراتها انتقلت فقط في بعض الأحيان بنفس الإتجاه وبنفس التوقيت. ولكن حينها كانت العلاقة ضعيفة، كما اكتشف أنه لا يوجد ارتباط بينهما عند مستوى ثقة 95%.
لماذا لا يقود النفط أسعار الأسهم؟
لماذا لم يجد الخبراء الإقتصاديّون في البنك الإحتياطي الفيدرالي علاقةً قوية بين سوق الأسهم وأسعار النفط؟ هنالك عِـدّة تفسيرات:
أوّل هذه التفسيرات وأكثرها وضوحًا هو أن هنالك الكثير من أسعار عوامل الإنتاج في الإقتصاد مثل الأجور وأسعار الفائدة والمعادن الصناعية والبلاستيك وتكنولوجيا الحاسوب، والتي يمكن أن تعوّض التغييرات في تكاليف الطاقة، والإحتمال الآخر هو أنّ الشركات أصبحت متطوّرة بشكلٍ متزايد في قراءة الأسواق المستقبلية وأكثر قُـدرة على استباق التحوّلات في أسعار عوامل الإنتاج، وكذلك يجب أن تكون الشركة أكثر قُـدرة على تحويل عمليات الإنتاج لتعويض تكاليف الوقود المُـضافة. ويرى بعض الإقتصاديين أنّ أسعار الأسهم في كثير من الأحيان ترتفع عند توقُّـع زيادة في كميّة الأموال والذي يحدث بشكلٍ مستقل عن أسعار النفط.
يجب أن يكون هنالك تمييز في الفرق بين التوجُّـهات الرئيسيّة لأسعار النفط والتوجُّـهات لأسعار أسهم الشركات، حيث يتم تحديد أسعار النفط من خلال العرض والطلب على المنتجات النفطيّة القائمة، فخلال التوسُّـع الإقتصادي قد ترتفع الأسعار كنتيجة لزيادة الإستهلاك والذي بدوره ربّما يسقط كنتيجة لزيادة الإنتاج.
بينما يكون صعود وهبوط أسعار الأسهم مرتبطًا بإعلان الأرباح والقيم الحقيقية وقدرة المستثمر على تحمُّـل المخاطر وعوامل أخرى كثيرة. وعلى الرغم من أنّ أسعار الأسهم عادةً ما تُـجمع وتُـقدّم معاً، إلا أنّه من الممكن جدًّا أن تؤثّر أسعار النفط على بعض القطاعات بشكلٍ أكبر من القطاعات الأخرى. وبعبارةٍ أخرى فإن الإقتصاد معقَّـد جدًّا بحيث أنّ التنبُّـؤ بسلعةٍ واحدة لا يؤدّي إلى توجيه جميع الأنشطة التجارية بطريقةٍ يمكن التنبُّـؤ بها.
أسعار النفط والنقل
يرتبط قطاع واحد في سوق الأسهم بقوة مع السعر الفوري للنفط: إنّه النقل. وهذا أمر منطقي لأنّ تكلفة المدخلات لشركات النقل هي الوقود، ولهذا فإنّ المستثمرين يرغبون ببيع أسهمهم في شركات النقل عندما تكون أسعار النفط مرتفعة، وعلى العكس من ذلك فإنّه من المنطقي شراء الأسهم عندما تكون أسعار النفط منخفضة.
المصدر: هنا