—————————————
ترجمة: عبد الرحمن محمد
تدقيق: واثق عبد النبي
تصميم: مصطفى خالد
—————————-
أسئلة وأجوبة:
لماذا يقوم المتطرفون بتدمير المواقع الدينية الأثرية في الموصل؟
تقوم الولاية الإسلامية بهدم المقابر والتماثيل والمساجد، بالإضافة إلى أضرحة هي من الأهمية بمكان لكل من المسيحيين والمسلمين واليهود.
تُعرف الموصل منذ القدم بأنها أرضاً لمختلف الديانات. فمنذ أن أُسست ثاني أكبر مدينة في العراق عام 6000 قبل الميلاد وهى وطن يأوي الفرس والعرب والأتراك، هذا بالإضافة إلى المسيحيين من مختلف الطوائف. تقع آثار مدينة نينوى (أكبر معاقل الآثار ومعقل الإمبراطورية الآشورية) بين حدود الدولة الحديثة، أما الآن فالموصل واقعة تحت سيطرة ما يُعرف بالدولة الإسلامية.
فمنذ أن استولوا على المدينة القديمة في العاشر من يونيو؛ يعمل متطرفوا الدولة الإسلامية (والتي كانت تعرف سابقاً باسم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام) على محو أي دليل من شأنه الإفصاح عن تنوع هذا التاريخ.
ووفقاً لبعض التقديرات، فقد ثبت أن ستون ألف مسيحي قد عاشوا في مدينة الموصل على مدار العقد الماضي؛ العدد الذي قد يكون انخفض إلى النصف على مدى العقد الماضي نظراً للأضطراب الذي خيم على ربوع البلدة، أما الآن فقد اقترب إلى الصفر نتيجة لأوامر متطرفي الدولة الإسلامية لهم باعتناق الإسلام أو مغادرة المدينة أو الموت.
وتلك هي المرة الأولى ــ حسبما يُقال ــ التي لم يُقام فيها قداس يوم الأحد بالموصل منذ 1600 عام.
ويعمل أعضاء الدولة الإسلامية على اقتلاع أي دليل ملموس على معتقدات يرون أنها لا تتناسب الصورة التي رسموها للإسلام بشكل صارم متعصب. فقد قام المقاتلين المتطرفون بإزالة وتدمير ما يزيد على عشرات المقابر، والتماثيل، والمساجد؛ بالإضافة إلى الأضرحة التي تمثل قيمة كبيرة لليهود، والمسيحيين، وكذلك المسلمين، كموقع يقال أنه مكان دفن النبي التوراتي يونس، وهو المكان الذي أحيط بالمتفجرات وتم نسفه الأسبوع الماضي. هذا بالإضافة إلى هدم ضريح النبي (شيث) والذي يعتبر ثالث أبناء آدم وحواء.
أصيب علماء الآثار، والمؤرخين، وحتى السكان المحليين بالذهول التام فور رؤية هذا المشهد. لمياء الكيلاني هي عالمة آثار من أصل عراقي بريطاني وتعمل كمساعد باحث أول بمعهد الآثار في جامعة لندن، وباحث أول بقسم اللغات وثقافة الشرق الأوسط والأدنى بجامعة لندن. لمياء الكيلانى، التي ولدت في العراق وتعلمت في بريطانيا، قضت الحظ الأوفر من حياتها المهنية في مسقط رأسها (العراق). وكانت قبل ذلك قد شغلت منصب مستشار وزير العراق لشؤون متحف بغداد؛ وفى حوار لها مع ناشيونال جيوغرافيك أسدلت الستار عن التراث المادي والروحي الذي فُقد في الموصل اليوم.
وجاء نص الحوار على النحو الآتي:
س/ هل كنتِ موجودة في متحف بغداد حين نُهب عام 2003؟ وهل هناك أوجه تشابه بين ما كان يحدث حينها وما يحدث ألان؟
– لقد انتقلت إلى بغداد في شهر يونيه عام 2003؛ بعد حدوث عملية النهب. وهناك فرق بين ما حدث حينها وما يحدث الآن في الموصل. ففي عام 2003 لم يُدمر منزل، فحينها كانت سرقة آثار من متحف العراق ونهب المواقع الأثرية بطريقة غير شرعية؛ أما في الموصل فإن المستهدف بالتخريب هي المنشآت الإسلامية بل والعديد من أشكال التراث [أرى القيم].
تعتبر الموصل من أكثر المدن عراقة في العراق. فنينوى الآن جزء متأصل من المدينة والتي كانت في الماضي تقع خارج الموصل. وخلال القرن التاسع وما بعده، كانت الموصل مهبطاً لكل الهجرات والأرساليات الدينية المسيحية. ويقع خارج المدينة أحد أقدم الأديرة في العالم (دير مار متى) أو ما يعرف بـ St. Mathews.
س/ وهل هذا الدير آمن حتى الآن؟
– لم أسمع شئ بهذا الشأن لذا من المحتمل أن يكون آمنا. يقول البعض أن أصل هذا الدير يرجع إلى ما قبل القرن الرابع إلى القرن الثاني.
وترجع الإمبراطورية السريانية إلى الألفية الأولى قبل الميلاد؛ ولكن هناك مواقع عدة يرجع أصلها إلى 10.000 عام . مما لا شك فيه أن الموصل تذخر بالعديد من المواقع الأثرية ؛ وهى غنية بالسكان أيضا فالسكان هناك يعتبرون أنفسهم قاطني مركز العالم . ويفتخر شعب الموصل بمدينتهم . أما بالنسبة للمسيحيين فقد لعبت الكنيسة الشرقية دورا فعالا في نشر المسيحية للشرق. وبالحديث عن الإسلام نجد أنه موجود هناك منذ البداية حيث انتشر في ربوع العراق في القرن السابع .
س/ هل تغيرت الموصل بشكل ملحوظ عقب التدخل الأمريكي في العراق ؟
– تعرف الموصل دائما بأنها مدينة تعددية . حيث يعيش فيها طوائف عدة ؛ وهناك فروع منبثقة من الإسلام أو المسيحية. فهناك ما يسمى بـ (الشاباك) أحد فروع الشيعة؛ إنهم يعيشون هناك بحرية مطلقة وفى أمان تام جنبا إلى جنب. ولكن في عام 2003 بدأ المتزمتون في التوافد على الموصل.
أتذكر عندما كنت في بغداد عامي 2003 و2004 حيث سمعت عن شوارع في الموصل يطلق الناس عليها (كندهار) ( القاعدة الدينية و السياسية التي يقوم عليها فكر ( طالبان ) في أفغانستان؛ حيث كان هناك كل هؤلاء المتزمتين والذين كانوا يرتدون ملابس على الطراز الإسلامي.
س/ وهل قمتي بزيارة المواقع التي قد تم تدميرها ؟
– نعم لقد ذهبت لزيارة المواقع الأثرية عام 2001 . حيث شاهدنا قبر النبي يونس والذي له مسجدا قد تم تجديده مرات عديدة . أما عن المئذنة فقد كانت منذ 1924 فقط حيث سقطت القديمة . وقد تم ترميم مسجد النبي يونس إلى حد ما وخلال فترة صدام كان هناك الكثير من التجديدات . وتذخر الموصل بعدد لا بأس به من الأضرحة التي ترجع إلى القرن التاسع والعاشر ؛ وبخاصة الثاني عشر والثالث عشر .
س/ بالنسبة لضريح النبي يونس؛ ألا يمثل هذا قيمة للمسلمين أيضا كما يمثل قيمة لليهود والمسيحيين؟
– بالتأكيد؛ حيث هناك – أو كان هناك – مسجدا مقاما عليه. من الصعب قول متى تم بناؤه؛ ولكن النبي يونس يستقر على قمة تل ربما كان معبد سرياني. وبعد الفترة السريانية أصبح معبدا زرادشتى.. بعد ذلك أصبح كنيسة ثم مسجدا.
و في التسعينات قام مجلس الدولة للآثار والتراث بالتنقيب في قاع هذا التل ومن ثم وجدوا بوابات تنتمي إلى قصر سرياني.
س/ لماذا تقوم عناصر الولاية الإسلامية بتدمير الأماكن التي تمثل أهمية للإسلام؟
– إنها أضرحة . فالولاية الإسلامية أو الجماعات السلفية المتشددة ترى أنه من الخطأ أن يذهب الإنسان لعبادة شخص ميت. فهم ضد هذا بكل تأكيد . لذلك ما يفعلونه ببساطة هو تدمير أي ضريح. ليس المساجد وإنما الأضرحة. وقد قاموا بالفعل بهدم المساجد أو المساجد الصغيرة التي تنتمي إلى الشيعة. ويعتبرون الشيعة غير متدينين وغير مسلمين.
يطلق على المساجد التي تنتمي إلى الشيعة اسم الحسينية. وتقوم جماعات الولاية الإسلامية بهدمها بانتظام ؛ ليس فقط في الموصل وإنما في أماكن أخرى.
وفى الدقيقة التي وصلوا فيها إلى الموصل قاموا بهدم ضريح يرجع إلى القرن الثاني عشر وينتمي لعلي بن الأثير مؤرخ وكاتب في هذه الفترة والذي اتهم حينها بأنه مرتد.
س/ ألا يشبهون أيضا حركة طالبان في أفغانستان عام 2011 عندما قاموا بالهجوم على القطع الأثرية التي تصور وجه أو جسد إنسان؟
– لا يوجد لدينا هذا النوع من الأضرحة في العراق؛ هذه التماثيل. ولكن يوجد هذا بشكل كبير في المواقع المسيحية. وقد يقوموا بتحطيم هذه التي في المواقع المسيحية إذا ما وصلوا إليهم.
لقد حاول المتطرفون أيضا – وقد فشلوا – أن يدمروا مئذنة الموصل المائلة والتي يقال أن عمرها 840 عاماً.
—————————————————
المصدر:-
http://bit.ly/XKEQsQ
#المشروع_العراقي_للترجمة
#Iraqi_translation_project
#اثار_الموصل
#داعش_ISIS