بقلم: ويل كريسب وسداد الصالحي
بتاريخ: ٢/آب / ٢٠٢٠
ترجمة: رحاب الهلالي
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: حسن عبدالامير
المبنى المتهالك ذو الثلاث طوابق في ضواحي بيروت تداخلت مع العمارات السكنية والشقق وسط الشارع المزدحم.
لكن عندما خطا محمد عبر الباب استقبلته ساحة داخلية فخمة بتقنيات متطورة ووميض خاطف لمعدات وحواسيب متخصصة.
دخل الشاب العراقي معسكر تدريبي متخصص في الأخبار الملفقة لمدة ١٠ أيام يدار من قبل ميليشيات موالية لإيران ( حزب الله ) التي أعدته لنشر الرعب والفرقة في الشرق الأوسط، وعلمته كيف يُنشئ حسابات وهمية لأشخاص مفترضين في شبكات التواصل الاجتماعي ومن ثم ينشر الدعاية المغرضة والمعلومات المضللة عبر النت وبالتالي زرع التوتر واحياناً الموت في بلده.
تجربته لم تكن فريدة..
كشف تحقيق التليغراف إن حزب الله درب الآلاف من ناشطي وسائل التواصل الموالين لإيران ساعدوا بإنشاء ما يسمى جيوش إلكترونية عبر المنطقة.
كشفت الصحيفة أنه منذ ٢٠١٢ أرسل حزب الله أفراد إلى لبنان لتلقي دورات تعلم المشاركين كيفية معالجة الصور رقمياً، إدارة أعداد كبيرة من حسابات وسائل التواصل الوهمية، فبركة الفيديوهات، تفادي رقابة الفيسبوك، نشر المعلومات المضللة عبر النت بفاعلية.
الطلبة المشاركين في الدورات قادمون من: العراق، المملكة العربية السعودية، البحرين، سوريا حسب لقاءات مع متحدثين للتيليغراف بظروف سرية.
يكشف المعسكر دور ايران المؤذي في المنطقة وعمق رغبتها بنشر ايديولوجيتها الثورية في الشرق الأوسط المتشظي حسب محلل.
تقرير عمليات حزب الله الرقمية يرتكز على اكثر من ٢٠ لقاء مع سياسين ومحللين ومتخصصين في وسائل تواصل الاجتماعي وأعضاء في ميليشيات عراقية وعدة أعضاء في تشكيلات جيوش إلكترونية. بما في ذلك لقاءان مفصلان مع شخصين متورطين لوجستياً بإرسال أشخاص إلى دورات حزب الله في لبنان لعدة سنوات ولديهما معرفة وثيقة حول كيفية العمل.
قبل الوصول إلى لبنان أخبر محمد أنه ليس من المسموح له الحديث لأي شخص حول رحلته إلى بيروت. وخلال ١٠ أيام كاملة كان الطلاب مراقبين من قبل .CCTV
” عندما وصلت كنت متوتراً بسبب إجراءات السرية المرافقة ” يقول محمد ..وأضاف “إن من استقبله إمام من حزب الله يرتدي الزي الديني التقليدي.”
تم تغيير أسماء محمد وعبدالله حفاظاً على هوياتهم.
في اليوم التالي التقى المتخصص الذي سيعلمه جوانب مختلفة من الدورة والذي يرتدي ملابس عصرية وبلا لحية. بعض المدربين لم ينضموا للطاقم بينما اخذوا أماكنهم بين صفوف الطلاب في الصلاة المشتركة خلال النهار.
وقال لصحيفة التلغراف من العراق حيث يواصل تدريبه مع مجندين جدد: “عندما ألتقيت المدريين المتخصصين وأدركت مدى عمق التقنيات المستخدمة في الدورة كُنت متحمس جداً.”
خلال السنوات التي أعقبت دورته الاولى في ٢٠١٥ استمر محمد بإرسال عشرات الأشخاص من مناطق مختلفة ليتلقوا تدريبهم في بيروت، وساعد بإنشاء فرق جديدة من متخصصي وسائل التواصل والقراصنة.
يقول عبدالله: ” إنها صناعة الوهم. يجني حزب الله ملايين الدولارات من إدارة تلك الدورات ولكن بالنسبة للممولين فإن الامر يستحق إنفاق الأموال.”
عبد الله الذي طلب إخفاء اسمه الكامل سياسي في أحد أكبر الأحزاب العراقية وتورط شخصياً بإرسال اشخاص إلى بيروت للتدرب على كيفية إنشاء وإدارة شبكات تواصل مزيفة.
” الأمر أصبح مشروع تجاري بالنسبة لحزب الله، الناس الذين ارسلناهم طوروا مهاراتهم في بيروت وعند عودتهم دربوا ناشطين داخل العراق.”
تدريب مشابه عرض في إيران ولكن ليس متاحاً للعامة ولا سهل الوصول كما يقول عبد الله.
حزب الله مدرج كمنظمة إرهابية من قبل ٨٠ دولة بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأيضاً في أوربا والمنطقة العربية.
في تقرير أمريكي أُعد من قبل اعضاء في الكونغرس عام ٢٠١١ ” يدرب حزب الله ويدرس ناشطون بواسطة معارضون شيعة في العراق” أعتبر ذلك السبب الرئيسي خلف تصنيف حزب الله كمنظمة ارهابية.
من بين المجاميع التي تصل إلى التدريب في كتائب حزب الله مجموعة عراقية مسلحة وثيقة الصلة بحزب الله اللبناني.
تدير المجموعة مهام عدة من بينها معسكرات وسائل تواصل استخدمت شبكتها عام ٢٠١٩ لإنشاء فيديوهات بتقنيات عالية تعادي شخصيات عامة تعتبرها ضمن اعدائها.
تقنية مشابهة استخدمت من قبل جميع الجيوش الالكترونية وانشأت شبكة مزيفة تقوم بالاعجاب والتعليق ومشاركة منشورات بعضها البعض.
مهند السماوي رئيس مركز الإعلام الرقمي العراقي، وهو مركز للإعلام المستقل يراقب ويحلل المعلومات، يعتقد إن مدخولات معلومات وسائل التواصل المزيفة في بلدان شرق أوسطية كالعراق هي أعلى من مثيلاتها في أوربا والولايات المتحدة.
” تأثير الحسابات الوهمية التي تنشر معلومات مضللة مضر جداً بالعراق والأمر يزداد سوءاً بمرور الوقت.”
الحالات المفبركة ورسائل العنف التي تنتشر على الشبكة يمكن أن تقود مباشرة إلى العنف المميت في الحياة الواقعية في العراق.” كما يقول.
مقتل الخبير الأمني هشام الهاشمي في ٦/ تموز تبعته آلاف المنشورات من العراق والتي تقول إن شركتي فيس بوك وتويتر تتحملان جزء من مسؤولية موته.
الهاشمي كان هدف لحملات على وسائل التواصل طيلة أشهر قبل مقتله. متهمينه بالتحريض على قتل الشيعة.
مقتل الهاشمي جرس إنذار لوسائل التواصل الاجتماعي من أجل إيقاف نشر المعلومات الكاذبة.
في آيار من هذا العام أزالت فيس بوك ٣٢٤ صفحة ، ٧١ حساب ، 5 مجموعات ، ٣١ حساب إنستغرام والتي أنفقت ما مجموعه ٢٧٠ الف دولار على إعلانات ممولة على منصة فيس بوك.
تلك الصفحات يتبعها ما يقارب 4.4 مليون حساب.
أظهرت الصفحات المغلقة علامات على سلوك مزيف حسب فيسبوك. الشبكة التي تتمركز في كردستان العراق تستخدم حسابات وهمية وتنتحل شخصيات سياسيين وأحزاب محلية، بالإضافة لإدارات الصفحات التي تستخدم لبث الأخبار.
المصدر: هنا