الكاتب: بول راتنر
نشر في موقع: بيغ ثينك
بتاريخ: 31 يوليو 2019
ترجمة: محمد علي العوادي
تدقيق ومراجعة: نعمان البياتي
تصميم الصورة: امير محمد
إن لهذه النظرية الفيزيائية المعقدة رأيٌ يفسر سبب وجودنا في عالم واحد بدلاً من عوالم متعددة.
- قد تفسر نظرية الداروينية الكمية، التي أوجدها (فويتشيك زوريك)، إزالة الترابط الكمي.
- جاءت هذه النظرية لتجسر العلاقة بين ميكانيكا الكم والفيزياء الكلاسيكية.
- تؤيد النظريَّةَ ثلاثُ دراسات أجريت مؤخراً.
كثيراً ما تعبّر ميكانيكا الكم عن أفكار توجبُ الرويَّة والتبصُّر – ربما بسبب التباين الظاهر بينها وبين الفيزياء الكلاسيكية، فواحد من أهم ألغازها هو التراكب الكمي – قدرة الجسيم على التواجد في مدى من الحالات الممكنة؛ إن هذا بالتأكيد لا ينسجم مع تجاربنا اليومية، فمن الواضح أننا نعيش في عالم واحد متسق، حيث لا تختفي الأشياء التي نراها تارة وتنوجد تارة أخرى، ولعلنا نجد سبب هذا الاختلاف موجوداً في الداروينية الكمية، وهي نظرية عززتها ثلاث تجارب حديثة.
لطالما كان توحيد الفيزياء الكلاسيكية وميكانيكا الكم المطمع المقدس الذي تسعى نحوه الفيزياء الحديثة، وتحاول الداروينية الكمية، وهي نظرية طرحها عالمُ الفيزياء النظريّ (فويتشيك زوريك) لأول مرة عام 2003 في مختبر (لوس ألاموس) الوطني، الموافقة بينهما بتفسير عملية إزالة الترابط الكمي – السبيل الذي يتبعه النظام الكمي ليعود إلى الحالة الطبيعية (الكلاسيكية)؛ تقترح نظرية (زوريك) أن فكّ الترابط لا يحدث بالمراقبة بل بالكيفية التي يتفاعل بها النظام مع محيطه. إن قوة تأثير البيئة هي التي تمنع الأجسام الكبيرة مثل أجسادنا أو القمر، على سبيل المثال، من الحلول في حالات كمية.
يقول (زوريك) أن الأنظمة الكمية تعرض “حالات دالّة” – خصائص معينة مثل موقع الجسيم أو سرعته والتي تكون قابلة للقياس-، فعند تفاعل الأجسام مع محيطها، يزول تأثير التراكب الكمي (نحو تبدُّل السرعات أو الموقع)، مع بقاء الحالة الدالّة فقط، وهي الحالة التي يستطيع الناس مشاهدتها كونها تترك آثارها الواضحة على البيئة، ووفقاً لرأي (زوريك)، إن الحالة “الأكثر انسجاماً” مع البيئة هي وحدها التي تنبثق من عملية فكّ الترابط، وهنا محل ارتباط هذا الرأي بنظرية داروين.
في مقابلة مع معهد الأسئلة التأسيسية في عام 2008، توسع (زوريك) في نظريته، فقال “إن الفكرة الأساس في الداروينية الكمية هي أننا لا نقيس أي شيء بشكل مباشر”، وأضاف أن “[البيئة] تشبه لوحة إعلانية هائلة تنشر نسخاً متعددة من المعلومات عن عالمنا في كل مكان”.
إن كنت مهتماً بهذه المسألة المعقدة، سيكون أمراً مفرحاً إذا ما عرفت أن ثمة دراسات أجريت مؤخراً لاختبار الداروينية الكمية، كما أفادت مجلة (كوانتا)، فقد تحرت ثلاث مجاميع بحثية من إيطاليا والصين وألمانيا عن الآثار التي تركها النظام الكمي على البيئة؛ وتضمنت تجربتان منهما إرسال ليزر فوتوني عبر أجهزة بصريَة، وبحثت الثالثة في مجال خلل الفراغ النيتروجيني، وكما أخبر (زوريك) مجلة (كوانتا): “قدَّمَت جميع هذه الدراسات ما كان متوقعاً، ولو بنسبة مقاربة”.
قام بالبحث كل من (ماورو باترنوسترو)، الفيزيائي في جامعة الملكة في (بلفاست)، ومعاونون من جامعة (سابينزا) في روما، والخبير الكمي (جيان وي بان) ومؤلفون آخرون في جامعة العلوم والتكنولوجيا في الصين، أما الفريق الثالث فيتضمن الفيزيائي (فيدور جيليزكو) من جامعة (أولم) في ألمانيا بالتعاون مع (زوريك) وآخرين.
لا تزال هذه الدراسات طور النشوء، وسنتعلم الكثير من التجارب المستقبلية في هذا الحقل، لنتعرف بصورة أوسع عن الطريقة التي يخلص بها عالمنا من الاحتمالات المختلفة.
المصدر: هنا