ترجمة: سجى مبارك
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: مثنى حسين
الصين تثير الشكوك بادعائها إطلاق سراح معظم المسلمين في مخيمات الاعتقال
أين الدليل على صحة ذلك؟
أعلن كبار المسؤولين الصينين يوم الثلاثاء أنه تم اطلاق سراح غالبية المسلمين المعتقلين في مخيمات الاحتجاز “وأعيدوا إلى المجتمع”. ولكنهم لم يقدموا أي دليل يثبت صحة ذلك-واوضح خبراء صينيون أن لديهم اسبابهم للشك في ادعائهم.
على الارجح فإن الصين تحاول اسكات الانتقادات الدولية حول الاعداد الضخمة لمخيمات الاعتقال، والتي من المقدر أنها تضم على الاقل مليون من الاويغور, وهي اقلية معظمها من المسلمين تتركز في الشمال الغربي من منطقة شينجانغ.
نائب محافظ شينجانغ الكين تونياز أخبر الصحفيين في مؤتمر بكين الصحفي, وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز بأن: “غالبية الاشخاص الذين خضعوا للتعليم والتدريب تم اعادتهم إلى المجتمع وإلى عوائلهم. ونجح أغلبهم في الحصول على وظائف” .ثم اضاف قائلاً أن المعتقلين السابقين حالياً “يعيشون بسعادة”.
أضاف هذا الاعلان صبغة نجاح على جهود حزب المجتمع الصيني “لإعادة تعليم” المسلمين وهذا ما اثار حفيظة جالية الاويغور.
“لن اصدق ادعاءات الصين مالم اسمع من اختي ” روشان عباس, امريكية اويغورية والتي اصبحت المتحدثة باسم شعبها في شينجانغ, اخبرتني يوم الثلاثاء” لازالت اختي مفقودة منذ سبتمبر 2018. هي طبيبة متقاعدة, وتتحدث الصينية بطلاقة, وحزب المجتمع الصيني ليس لديه أي سبب لاعتقالها او “لإعادة تعليمها”.
يشكك الباحثون في ذلك أيضاً، حيث صرح ديفيد بروفي, خبير في شأن شينجانغ في جامعة سيدني لصحيفة وول ستريت: “نحن على دراية بأن بعض الاشخاص تم اطلاق سراحهم ,ولكنا نعلم كذلك بأن هناك اشخاص جدد يتم اعتقالهم.”
على الرغم من أساليب القمع التي يتعرض لها الاويغور تعتبر من الازمات الانسانية المروعة في عالم اليوم إلا أنها مهملة بشكل كبير. تصنف الصين شعب الاويغور كانفصاليين وكإرهابيين, وتصف الاسلام كمرض عقلي يغذي هذا التطرف. في عام 2017 ,قامت بافتتاح مخيمات اعتقال عديدة تهدف الى التلقين الاجباري. هذه الاماكن تم رصدها كأماكن للموت, وللتعذيب, ولإجبار المسلمين على حفظ انشطة حزب المجتمع الصيني, وكذلك اجبارهم على شرب الخمر واكل لحم الخنزير.
هل تم اجبار الاويغور على “العمل” في المصانع؟
إن من المحتمل أن العديد من المعتقلين السابقين لديهم وظائف الآن, كما يدعي الصينيون _ولكن السؤال الاهم اذا ما كان قد تم اجبارهم على العمل في هذه الوظائف.
لعدة اشهر ,كان الخبراء والمحللون يعربون عن مخاوفهم بأن الصين تستخدم مخيمات الاعتقال هذه كمغذي لنظام عمل اجباري جديد بديل عن نظام “اعادة التعليم من خلال العمل” الذي لا يعمل به حالياً والذي اجبر مئات الالاف من المواطنين على العمل لمدة سنوات.
كما اخبر بروفي الصحيفة: “كيف أن هذا التوظيف تضمن نقل اجباري لاماكن اخرى في الصين؟ وكيف أن معظمه تم من خلال مخيمات التعليم التي تم استبدالها حالياً بمصانع شديدة الحراسة.”
حصلنا مؤخراً على دليل دامغ على أن الصين تنقل الاويغور من المخيمات إلى المصانع, حيث يتم العمل بصورة قسرية في تطريز الثياب. لاحظ محللون من خلال صور الاقمار الصناعية أن هناك أبنية تبدو كمصانع او مستودعات قرب المخيمات.
الباحث الماني ادريان زنز لعب دوراً رئيسياً في الكشف عن انتهاكات حقوق الانسان في شينجانغ, حيث قال بالاستناد إلى وثائق رسمية صينية واعلام الدولة إن البلاد تحيك “خطة كبيرة للعمل الاجباري” كوسيلة للسيطرة اجتماعياً. “إن الوثائق الحكومية تروج بأن العمالة التي يتم توفيرها من مخيمات الاعتقال قامت بجذب العديد من الشركات الصينية للاستثمار في شينجانغ ” كتب ذلك في تقريره هذا الشهر.
في حديثه إلى الصحافة اوضح زنز: “هؤلاء الذين يتواجدون في المخيمات من المفترض حصولهم على وظائف, وظائف دائمية في المصنع. سبب ذلك لكي يسهل على الحكومة التحكم بهم من خلال هذه الوظائف. حيث أنهم لا يستطيعون الخروج للذهاب للمسجد يوم الجمعة, ولا يمكنهم الصوم, او ممارسة طقوسهم الدينية.”
رداً على الدليل حول العمل الاجباري, قامت محلات بيع الملابس المفرد الشهيرة (تارغيت Target) بالتحقيق مع مزوديها لمعرفة ما اذا كانت البضائع مرتبطة بمصانع شينجانغ .
المسؤولين في مؤتمر بكين لم يسلطوا الضوء على المزاعم حول المصانع, ولكن ما قالوه يوحي بذلك. “بإمكانكم القول بأنه ربما نسبة90 بالمئة قد وجدوا لهم اعمال تناسبهم وبرواتب عالية” قال شورات ذاكر, المسؤول المحلي في شينجانغ, وفقاً لصحيفة التايمز. “هؤلاء الاشخاص الذين اصبحوا عامل ايجابي في المجتمع, قاموا بتحفيز الناس على العمل والتوظيف”.
العام الماضي, دفاعاً عن نظام المخيمات, قال ذاكر بأن الحكومة كانت تهيأ “استمارات للوظائف” خصيصا للمعتقلين.
لا تسمح الصين للصحفيين بالقيام بالتحقيقات حول واقعة شينجانغ بأنفسهم – وبغياب هكذا تقارير, يجب على المجتمع الدولي أن يشك في التصريحات في مؤتمر بكين.
من المعروف أن الصحفيين الاجانب يتم ملاحقتهم والتضييق عليهم عندما يقتربون من شينجانغ: في بعض الحالات، يتم تهديدهم بالاعتقال وتخريب ادواتهم.
بالطبع فإن التشديد الذي يتعرض له الصحفيون لا يقارن بالمراقبة التي يتعرض لها الاويغور بشكل يومي. تريد الحكومة تشديد السيطرة عليهم, خاصة وانها الآن تقوم بتنفيذ مشروعها وهو مشروع كبير في شينجانغ الغنية بالنفط والموارد. لذلك قامت بتشديد المراقبة ,عن طريق ارسال طائرات بدون طيار متنكرة كطيور تحلق فوق المنطقة.
تستخدم الصين أيضاً نظام التعرف على الوجوه خاص للاويغور وصفته صحيفة التايمز بأنه “عنصرية الكترونية” .حيث أن الاويغور يجبرون على تسليم بيانات احصاء حيوية: عينات الحمض النووي وبصمات الاصابع وتسجيل اصواتهم وفصائل دمهم. عندما يمشون في الشارع يتم ايقافهم في عدة نقاط للتفتيش حيث تقوم السلطات بتفتيش هواتفهم .
الاويغور تم اجبارهم على تنصيب برنامج للمراقبة على هواتفهم يدعى(JingWang). وقام المسؤولين بتنصيب شيفرات خارج منازل الاويغور, ما يمنح السلطات الوصول لبياناتهم الشخصية.
نظرا لشدة المراقبة الصينية, فأن شيء واحد واضح للغاية: حتى اذا كان فعلاً غالبية الاويغور قد تم اطلاق سراحهم من المخيمات, وحتى اذا كان لا يتم اجبارهم على العمل في المصانع, فإن “الحرية” التي يختبرونها عند عودتهم إلى منازلهم ليست حرية على الاطلاق. وهم بالتأكيد لا “يعيشون بسعادة” كما وصفهم نائب محافظ شينجانغ.
المصدر :هنا