الرئيسية / بيئة / جيران العراق يسحبون مياه الهلال الخصيب لتطوير مشاريع الزراعة والطاقة في تركيا وإيران

جيران العراق يسحبون مياه الهلال الخصيب لتطوير مشاريع الزراعة والطاقة في تركيا وإيران

كتبه لواشنطن تايمز: كلكامش نبيل ومحمود النجار
منشور بتاريخ: 19/8/2018
ترجمة: كلكامش نبيل
تصميم الصورة: اسماء عبد محمد

بغداد – بعد دحر سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على الأراضي في البلاد، يواجه العراق الآن تهديداً وجودياً آخر في معاركه مع إيران وتركيا المجاورتين له من أجل الحصول على تدفقات المياه المتزايدة الندرة والمنسابة من الشمال في جسد الهلال الخصيب، الذي كان مزدهرا فيما مضى.
قال حسن الجنابي، وزير الموارد المائية العراقي، “الانخفاض في منسوب المياه دراماتيكي. أدى هطول الأمطار بشكل غير منتظم وبناء السدود في البلدان المجاورة إلى انخفاض إجمالي بنسبة أكثر من 40 في المائة في التدفق السنوي عبر حوض نهري دجلة والفرات.”
ونتجت أكبر هذه التأثيرات من مشروع سد تركي كبير على نهر دجلة، والذي يتدفق جنوباً عبر العراق من مصادر في إيران وجنوب تركيا. حيث تعمل أنقرة الآن على ملء سد إليسو – وهو سد عملاق يبلغ ارتفاعه 440 قدمًا ويبلغ عرضه 6,000 قدم – ويقع على بعد 70 ميلاً إلى الشمال من الحدود العراقية.
قال ريان ذنون العباسي، أخصائي المياه في مركز الدراسات الإقليمية بجامعة الموصل، بأن من المتوقع أن يقلل مشروع سد إليسو حصة العراق من تدفق نهر دجلة من نحو 738 مليار قدم مكعب إلى 343 مليار قدم مكعب سنوياً.
وأضاف السيد ذنون العباسي، “ستتأثر محطات الكهرباء في العراق بهذا الانخفاض. سيتم استنفاد الثروة السمكية في الأنهار أيضًا.”
وبهدف تعزيز توليد الطاقة وتوسيع الزراعة في جنوب شرق تركيا، تم إطلاق سد إليسو بالتزامن مع تحويل إيران لمجرى نهر سيروان، أحد روافد نهر دجلة، مما تسبب في حدوث المزيد من الانخفاض في منسوب المياه في النهر.
ويأتي حوالي 30 في المائة من التدفق السنوي لنهر دجلة من إيران، حيث من المقرر أن يكتمل بناء سد داران هذا العام. وقدر خبراء المياه في العراق بأن ذلك سيقلل من تدفق المياه عبر سيروان بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مما يترك الكثير من وسط وجنوب العراق بدون إمدادات كافية من المياه.
قال فاضل الزعبي، ممثل منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في العراق، “ليس هناك اتفاق بين الدول حول تقاسم الموارد المائية للنهرين. تسيطر كل دولة مجاورة على تدفق المياه إلى العراق وفقًا لمصالحها واحتياجاتها وظروفها دون التقيد بأي حصة أو اعتبار.”
يتسبب هذا الوضع في قلق متزايد لدى السكان في جميع أنحاء العراق، حيث تؤدي شحة المياه إلى تفاقم التحديات التي تواجه السكان الذين يكافحون من أجل حياة طبيعية وسط الظروف السياسية المتقلبة بعد أكثر من عقد من الحرب.
شرع جيران العراق في تنفيذ مشاريع السدود تزامنا مع ذروة ضعف الحكومة المركزية في بغداد، والتي كانت ذات مرة تتمتع بسمعة مقاومة عنيدة لأي انتهاك أجنبي يمس بتدفقات المياه إلى البلاد.
في التسعينات، قامت تركيا بتحويل مجرى نهر الفرات بهدف ملء خزان سد أتاتورك. هددت الحكومة العراقية، الأقوى في ذلك الوقت، بتفجير السد، مما دفع أنقرة إلى إبطاء عملية التحويل.
في الفترة الأخيرة، سارع المسؤولون العراقيون إلى إيجاد حلول لمشكلة نقص المياه لأغراض الزراعة والشرب.
قال حسام بوتاني، المحلل بمركز صنع السياسات، وهو مركز أبحاث مقره اسطنبول، إن العراق لديه “خياران دبلوماسيان للتعامل مع الأزمة. يتعلق أحدهما بالتفاوض المباشر مع الأتراك، فيما يتمثل الآخر في اللجوء إلى الأمم المتحدة كوسيط محتمل في الأزمة.”
وأشار السيد بوتاني إلى أن السلطات التركية قد أوقفت ملء سد أليسو لمدة شهر واحد بعد محادثات ثنائية مع بغداد في حزيران/ يونيو. قال، “آمل أن يتمكن العراق من العمل مع الأتراك للتوقيع على اتفاقية طويلة الأمد لتقاسم المياه وأن تساعد الدول الأخرى في دفع تكاليف برامج الحفظ والري. إذا لم ينجح ذلك، سيكون في الإمكان الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي ليصدر قرارًا ملزمًا يحذر من مخاطر حروب المياه المحتملة.”
يساهم الوضع الحالي في تعريض الأمن الغذائي للعراق للخطر – وهي مفارقة بالنظر إلى كون العراق يقع ضمن الهلال الخصيب، حيث طورت الإنسانية الزراعة لأول مرة.
قال السيد بوتاني، “مع خسارة أكثر من 50 في المائة من مياه العراق، سيتحول ما يقرب من 3 ملايين ميل مربع من الأراضي الزراعية في العراق إلى صحراء.”
تاريخيًا، كان حوض دجلة والفرات يستقبل متوسط تدفق سنوي مشترك يقترب من 3 تريليون قدم مكعب. قبل غزو الولايات المتحدة للعراق في عام 2003، استمد العراقيون حوالي 20 في المئة من كهرباءهم من 12 محطة للطاقة الكهرومائية في البلاد.
أدى تدني تدفقات الأنهار بفعل السدود التركية والإيرانية، بالإضافة إلى تغير المناخ وضعف الصيانة الناجم عن انخفاض الإيرادات النفطية والحرب الأخيرة مع تنظيم الدولة الإسلامية، إلى جعل العراقيين يعانون من انقطاع التيار الكهربائي بشكل متكرر.
قالت زهراء الحسناوي، وهي طبيبة أسنان من الحلة، المدينة التي يسكنها 400 ألف نسمة على بعد نحو 60 ميلا جنوبي بغداد، “الآن، نحصل على الكهرباء في دورات متناوبة – ساعتان كهرباء وساعتان انقطاع. إنه أمر مرهق حقا. لا تقوم الحكومة بمهام أساسية مثل كري الأنهار أو تعليم المزارعين كيفية استخدام إجراءات الري الذكية كما هو الحال في الأردن.”

 

تبدو هذه القناة الواقعة في جنوب شرق بغداد جافة ومليئة بالملح. يكافح العراق، المعروف تاريخياً باسم “بلاد ما بين النهرين”، مع شحة المياه بسبب السدود المقامة في تركيا وإيران، وقلة الأمطار وتقادم البنية التحتية الهيدرولوجية. لقد أثر انخفاض مستويات المياه بشكل كبير على الزراعة والموارد الحيوانية. (اسوشيتد برس/ ملف)

وقد دفعت أزمة المياه المسؤولين في العاصمة العراقية بغداد إلى أن يطلبوا من المزارعين التوقف عن زراعة الرز والذرة والحبوب. وزاد هذا القرار من الأعباء التي شعر بها المزارعون بعد أن خفضت الحكومة المساحات المخصصة لإنتاج الرز في العام الماضي.
قال حميد النايف، المتحدث باسم وزارة الزراعة، “لم يعد من الممكن زراعة محاصيل الحبوب من دون الحصول على تصريح. كميات المياه اللازمة لذلك غير متوفرة.”
نتيجة لذلك، بدأت بغداد بشراء 50,000 طن من القمح من الولايات المتحدة وكندا وأستراليا. يتهم بعض العراقيين علانية حكومتهم بإهمال مصالح البلاد الاستراتيجية في مجال المياه.
قال أيوب ذنون، وهو مساعد صيدلي يبلغ من العمر 26 عاماً من مدينة الموصل، “لماذا نسمع، منذ بضعة أشهر فقط، بأن هذا الجفاف سيضرب البلاد بسبب السد الذي بنته تركيا؟ لقد أصبحت مياه الصنبور أكثر قتامة في اللون وغير مناسبة للشرب. على الحكومة العراقية أن تفعل شيئاً للحفاظ على المياه.”

المقال باللغة الإنجليزية: هنا

عن Ahmed Alwaeli

Designer, Translator..

شاهد أيضاً

كيف ربحت أنجيلا ميركل مقامرتها في استقبال اللاجئين

بقلم: فيلب اولترمان لموقع: ذا كارديان بتاريخ:30/آب/2020 ترجمة :رهام بصمه جي تدقيق: ريام عيسى  تصميم …

الجواز الأمريكي لا فائدة منه

يمكنني التنقل حيث شئت بجواز سفري الألماني. ولكن عدد الدول التي تسمح للأمريكيين بالدخول تكاد …