بقلم جلجامش نبيل وتمارا عماد – تقرير خاص لصحيفة واشنطن تايمز – الاثنين 27 أغطس8 201:
ترجمة : علي محمد رجاي النداوي
مراجعة: امنة الصوفي
تصميم: احمد الوائلي
تزداد وتيرة الاحتجاجات العنيفة بسبب فشل السلطة في بغداد توفير الخدمات الاساسية والتنمية الاقتصادية
تدفق المحتجون في الشوارع وحاصروا حقول النفط في جنوب العراق وسط سخط متزايد بشأن فشل الحكومة في معالجة البطالة أو توفير مياه صالحة للشرب أو ضمان توفير كهرباء مستمرة لتشغيل تكييف الهواء الضروري للنجاة من حرارة الجو المروعة في شهر اب في العراق.
بعد أن نجحت الحكومة العراقية إلى حد كبير في القضاء على تهديد الدولة الإسلامية وتهدئة الضغوط الانفصالية في المنطقة الكردية في الشمال، وجدت الحكومة المركزية نفسها و بشكل مثير للسخرية امام تحدي أكبر لسلطتها في الجنوب ذات الاغلبية الشيعة. حيث ادى فشل الحكومي في توفير الخدمات الأساسية، من البنى التحتية والتنمية الاقتصادية الى اثارة موجة من الغضب هناك.
قال علي طه: (25 عام) احد المتدربين في معهد النفط في البصرة “أغلقنا الطرق الرئيسية المؤدية إلى حقل غاز القرنة كوسيلة للضغط على الحكومة لأن أعضاء مجلس المحافظة لم يفوا بوعدهم للتفاوض معنا بعد أن قتلت الشرطة طالبًا هنا”. .
وقد أطلقت الشرطة النار على المظاهرات، لقتل المتظاهرين وزادت من حدة الضغوطات. وتم قتل 14 متظاهراً وأصيب 650 منذ يوليو / تموز، وفقاً لما صرح به المقر الرئيسي العراقي لمرصد حقوق الإنسان في بغداد.
تزداد اعمال الشغب لدرجة أن هناك حديث عن إنشاء منطقة حكم ذاتي في الجنوب الغني بالنفط. يعتقد الكثيرون من اهالي البصرة أن بعض الاموال التي توفرها المحافظة من النفط يتم تبديدها أو سرقتها في العاصمة.
وصرح وليد الكتان، رئيس مجلس محافظة البصرة ،قبل شهر أن 25 من أعضاء الحكومة المحلية وقعوا عريضة لإنشاء منطقة مستقلة للبصرة. كما تعهد ممثلوها في البرلمان الوطني في نهاية الأسبوع بالتصويت ضد أي حكومة ائتلافية جديدة ما لم تتم معالجة المظالم الاقتصادية والاجتماعية في الجنوب.
ووفقا للإحصاءات الحكومية فان نصف سكان العراق تقريبا هم من الشباب تحت 19 عاما،وان معدل بطالة الشباب هو 18 في المائة. وقال مراقبون إن السلطات ألقت القبض على المئات ولكن أفرجت عن معظمهم بعد ان وقعوا ضمانات بعدم الانضمام الى الاحتجاجات .
وقال مرتضى علي (22 عاما) وهو طالب في معهد البصرة الفني “إن هذه التعهدات لن توقف الشبان العراقيين الاخرين من الانضمام الى الاحتجاجات”.
قال السيد علي “ان جو البصرة بائس، حيث يوجد ما لا يقل عن 400.000 شخص عاطل عن العمل في هذه المدينة التي يبلغ عدد سكانها مليوني نسمة. هؤلاء هم الناس الذين لا يستطيعون دفع ثمن المياه المعبأة، وهو أمر ضروري هنا لأن مياه الصنبور مليئة بالرواسب.
لاتزال الاحتجات هنالك مستمرة في الوقت الذي يسعى فيه السياسيون في بغداد لتشكيل ائتلاف حاكم ريثما تصادق المحكمة العليا على نتائج إعادة فرز اصوات الانتخابات البرلمانية التي جرت في ايار. وقد احتل أكبر حزبين من الأحزاب الشيعية في المركزين الأول والثاني، مما زاد الضغط على بغداد لتقديم قاعدتها السياسية.
من جهة اخرى حث وزير الخارجية مايك بومبيو في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء حيدر العبادي السياسيين العراقيين على تشكيل حكومة اعتدالية. فيما جاء حزب السيد العبادي في المرتبة الثالثة في التصويت.
وقالت هيذر نوايرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية “شدد الوزير بومبيو على أهمية تشكيل حكومة عراقية اعتدالية وفقا للجدول الزمني الدستوري ملبياً توقعات الشعب العراقي” .
حصل تحالف السيد العبادي الانتخابي على 42 مقعدًا فقط في إعادة الفرز للجنة العليا المستقلة للانتخابات الأسبوع الماضي. ووجدت إعادة فرز الأصوات أن الكتلة المتحالفة مع رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر قد تصدرت الاستطلاعات، لكنها فازت بـ 54 مقعدا فقط، انه عدد قليل جدا بدون حلفاء لتشكيل حكومة من برلمان مكون من 329 عضوا .
وجاء تحالف الفتح – وهي جماعة شيعية شبه عسكرية موالين لإيران – في المرتبة الثانية بعدد 47 مقعدًا. وقد فقد هذا الحزب شعبيته بعد أن اتهمت ميليشيات خاضعة لسيطرته بإطلاق النار على المدنيين في الاحتجاجات.
بعد أن قطعت إيران الإمدادات الكهربائية إلى العراق في أوائل تموز في نزاع حول أسعار الطاقة، ألقى البعض باللوم على طهران في خلق حالة الفوضى لزعزعة استقرار البلاد والتسبب في مشاكل للسيد العبادي المدعوم من الولايات المتحدة، وهو شيعي معتدل حاول الوصول إلى الأقليات السنية والكردية.
وقال المتظاهر ببغداد عمر زياد سامي البالغ من العمر 39 عاماً: “قادة الأحزاب الدينية هم مجرد دمى من الإيرانيين.” هذه حركة عفوية تأتي بعد 15 عامًا من الموت والبؤس والفساد. لقد خرج الناس لرفض المافيا السياسية المسيطرة على الحكم “. أعتقد أن معظم المطالب يمكن تحقيقها إذا توقف السياسيون عن السرقة.
من جهتها قالت منظمة الشفافية الدولية، وهي منظمة رقابية عالمية، إن ترتيب العراق المتدني أصلاً هبط بثلاثة مراكز هذا العام في مؤشره العالمي لمقاييس الفساد. من أصل ما مجموعه 180 دولة، جاء العراق في المرتبة 169، ليكون خلف دول مثل تركمانستان وأنغولا وإريتريا.
في النجف، احدى المراكز الروحانية المقدسة الشيعية، كان المحتجون غاضبين من ثراء السياسيين “الدينيين” .
وقال طالب كاظم الزيادي، وهو محام محلي يبلغ من العمر 57 عاماً، إن ما يقرب من 72 مليون دولار “اختفى من مشروع تحسين إنتاج الغاز والنفط في مصفاة النجف المملوكة للدولة”. “نريد التحقيق في هذا، ونريد أن يعطي السياسيون المباني التي استولت عليها أحزابهم لاستخدامها كمدارس ومراكز صحية” .
وأصبح مطار النجف الذي يضم 65 رحلة أسبوعية إلى مطار الإمام الخميني الدولي في طهران نقطة اشتعال للمظاهرات. أحرق المحتجون صوراً للزعماء الإيرانيين بعد انقطاع التيار الكهربائي في يوليو.
وخلال احتجاج في 13 يوليو / تموز، قتلت الشرطة متظاهراً عمره 25 عاماً عند مدخل المطار بالذخيرة الحية وتوفي شاب في التاسعة عشرة من عمره بالاختناق بعد تعرضه للغاز المسيل للدموع.
وقال علي جاسب (27 عاما) وهو خريج جامعة عاطل عن العمل من مدينة الصدر وهي ضاحية فقيرة في بغداد ويقطنها أكثر من مليون نسمة “في كل مرة نذهب للاحتجاج نواجه معاناة نفسية أو جسدية.” “أولاً، يحاولون تفريق المظاهرات بالاعتقالات، ثم يحاولون تفريقنا بوعود كاذبة، وفي النهاية يستخدمون الغاز المسيل للدموع” .
لم ير أي سبب لوقف الاحتجاج ” هذا الجيل يصر على التغيير وسوف يُسمع حتى لو كان علينا أن نموت لإنهاء الفساد”
رابط المقال باللغة الانكليزية: هنا