كتبه لموقع “بيغ ثينك”: سكوتي هيندريكس
منشور بتاريخ: 2018/8/18
ترجمة: أحمد طريف المُدرّس
تدقيق لغوي: عقيل صكر
تصميم: اسماء عبد محمد
إليك تجربة ممتعة لتجربتها. اذهب إلى المطبخ، وابحث عن علبة سباغيتي، اخرج عود من هذه المعكرونة، وامسكه من الطرفين، واثنيهما حتّى ينكسر من المنتصف، كم عدد القطع الناتجة؟ إذا حصلت على قطعتين كبيرتين، وقطعة واحدة صغيرة على الأقل فأنت لست وحدك.
“ريتشارد فاينمان” عالم فيزياء مرموق، عازف بونغو، وكاتب، أمضى أمسية في محاولة لكسر السباغيتي إلى قطعتين من خلال ثنيها من كلا الطرفين. بعد أن أمضى ساعات في المطبخ وقد أهدر الكثير من المعكرونة، اعترف هو وصديقه “داني هيليس” بالهزيمة. والأسوأ من ذلك أنه لم يكن لديهم أي حل لسبب كسر السباغيتي دائماً إلى ثلاث قطع على الأقل.
بقي السبب غامضاً بدون حل؛ حتى عام (2005)، عندما فاز العالمان الفرنسيان (باسيل أودولي) و (سيباستيان نيوكيرش)، بجائزة إي جي نوبل، وهي جائزة تُمنح للعلماء للعمل الأقل أهمية من الاكتشافات، التي تفوز بجوائز نوبل، حيث شرحوا أخيراً سبب حدوث ذلك. كانت ورقتهم مضحكة للقرّاء، لأنها تأخذ مثل هذه القضية العادية على محمل الجد.
لقد أثبتوا أنه عندما يتم تثبيت قضيب مُعيّن بنقطة معينة، مثل: عندما يتم قطع الأسباغيتي إلى النصف عن طريق ثنيه من الأطراف، يتم إنشاء تأثير (الارتداد). هذا يسبّب طاقة تردّد؛ من مكان الكسر الأول؛ إلى أجزاءٍ أخرى من القضيب، وغالباً ما يؤدّي إلى كسور ثانية في مكانٍ آخر.
في حين أنَّ هذا حسم مسألة لماذا كَسر المعكرونة – السباغيتي – إلى ثلاث قطع؛ أو أكثر، فإنه لم يثبت إذا كان لديهم دائماً لكسر هذه الطريقة. ظلّت مسألة ما إذا كان يمكن تنظيم (ارتداد) غير مستقر.
أراد الفيزيائيون بأنفسهم؛ أن يحاولوا فوراً كسر المعكرونة إلى قطعتين، باستخدام هذه المعلومات.
قرأ كل من (رونالد هايسر، و فيشال باتيل)، وهما طالبان في الدراسات العليا، في (كورنيل) ومعهد (ماساتشوستس) للتكنولوجيا، عن قصّة فاينمان في الصف، وألهمتهم القصة في محاولة العثور على ما يمكن عمله، للتأكّد من أن المعكرونة قد تنكسر دوماً.
من خلال وضع النودلز في آلة خاصة، بُنيت لهذه المهمّة؛ ولتسجيل الانحناء، باستخدام كاميرا عالية الجودة، تمكّن العلماء الشباب من مشاهدة التفاصيل الدقيقة تماماً أثناء التكسير، وبعد كسر أكثر من (500) نودلز، وجدوا الحل.
تنقسم الإسباغيتي إلى قطعتين؛ إذا كان (الارتداد) منتشراً بشكل صحيح من خلال المعكرونة؛ عن طريق لفّها أثناء تثبيتها. يجب أن يكون الألتواء شديداً، ما يقرب من (360) درجة. ويجب شد طرفي المعكرونة معا ببطء شديد.
يضيف الألتواء موجة أخرى من الطاقة إلى (الارتداد)، والتي تميل إلى جعل المعكرونة تنقسم مرة أخرى. عندما تمضي الموجتان في المعكرونة في نفس الوقت، يتم تقليل الضغط الأكثر شدّة على العينة، ويتم منع الكسر الثاني.
النتائج صحيحة بالنسبة للسباغيتي بأقطار مختلفة، على الرغم من أن العلماء لاحظوا أن المعكرونة الأخرى قد تتصرّف بشكل مختلف. بعد أن تم حل مشكلة كيفيّة كسر السباغيتي بشكل صحيح، فإنهم يخطّطون للتركيز على لينجويني.
ما هو التطبيق الممكن لهذا الاكتشاف؟
لا يقتصر تأثير (الارتداد) على المعكرونة غير المطبوخة، ويمكن تطبيقها على قضبان من جميع الأنواع. يمكن اكتشاف كيفية أليات مهمة للمشاريع الهندسية في المستقبل.
إن معرفة كيفية تقسيم الأشياء وفشل تقسيمها؛ يسهّل معرفة عملية إنشائها. إن الأنابيب النانوية الكربونية، والأسطوانات القوية الفائقة؛ التي غالبا ما يتم الترويج لها، كمواد البناء في المستقبل، هي أيضاً قضبان يمكن فهمها بشكل أفضل، بفضل هذه التجربة الغريبة.
أحياناً تكون الاكتشافات الكبيرة مستوحاة من أسئلة سخيفة. لم يكن الأمر كذلك لريتشارد فينمان، الذي كان يثني السباغيتي منذ سبعين عاما، لم نكن نعرف ما نعرفه الآن عن كيفية إنتشار الطاقة، من خلال القضبان وكيفية التحكّم في الكسر. وعلى الرغم من أن جميع الأسئلة السخيفة لن تؤدّي إلى مثل هذا الاكتشاف المهم، إلا أنها يمكن أن تساعدنا جميعاً في التعلّم.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا