كتبه لموقع “فايس”: سام نيكولز
منشور بتاريخ: 4/6/2018
ترجمة: وميض صباح
مراجعة وتدقيق:آلاء عبد الأمير
تصميم: أسماء عبد محمد
إليكم كشف الغموض حول الإعلانات المتزامنة مع الكلام، قبل عامين، حدث لي شيء غريب جداً، حيث كنت أنا وصديق لي جالسان في حانة، وهواتفنا في جيوبنا، وكنا نتناقش عن رحلتنا الأخيرة إلى اليابان وعن رغبتنا في زيارتها مرة أخرى. في اليوم التالي تلقيت أنا وصديقي إعلانات منبثقة على صفحاتنا في فيسبوك، عن رحلات رخيصة إلى طوكيو. بدا الأمر وكأنها صدفة مجنونة، ولكن على ما يبدو أن كل شخص منا لديه قصة مع هاتفه الذكي الذي يتنصت عليه. هل هي مجرد تخيلات فحسب؟ أم أن هواتفنا الذكية بالفعل تنصت لما نقوله؟
وفقا للدكتور “بيتر هينواي” كبير المستشارين الأمنيين في شركة أمن البيانات “أستريكس” والمحاضر والباحث السابق في جامعة “إديث كوان” فإن الإجابة على هذه التساؤلات هي نعم، ولكن ربما ليست بالسوء التي تبدو عليه.
لجعل هاتفك الذكي يستجيب لأوامرك الصوتية، فأنت بحاجة إلى جملة معينة متفق عليها، مثلاً أن تقول “هي سيري” أو “اوكي غوغل”. في غياب هذه العبارات، تتم معالجة البيانات الصوتية داخل الهاتف الخاص بك فقط. قد لا يبدو هذا الأمر مثيراً للقلق، ولكن لا يزال بإمكان التطبيقات الأخرى على هاتفك – كتطبيق فيسبوك على سبيل المثال – الوصول إلى هذه البيانات “غير الفعالة”. والأمر متروك لهم فيما إذا استخدموا هذه البيانات أم لا.
يقول الدكتور بيتر: “بين الحين والآخر، يتم رفع مقاطع صغيرة من البيانات الصوتية لسيرفرات بعض التطبيقات (مثل فيسبوك)، ولكن لا يوجد فهم حقيقي للعبارات التي تحفز عملية تسجيل تلك البيانات ورفعها، سواء كان التوقيت أو الموقع أو استخدام مهام معينة. من المؤكد أن تلك التطبيقات تقوم باستخدام صلاحيات الميكروفون بشكل دوري، ثم تقوم بإرسال البيانات بشكل مشفر، لذلك يكون من الصعب جداً تحديد ما هي العبارات المحفزة للعملية بشكل دقيق”.
واستطرد القول إن بعض التطبيقات مثل فيسبوك وانستغرام يمكن أن يكون لديها الآلاف من تلك العبارات المحفزة، قد تكون محادثة عادية مع صديق حول الحاجة إلى بنطال جينز جديد كافية لتنشيطه. ولكن على الرغم من وجود هذه التكنولوجيا، فإن شركات مثل فيسبوك ترفض بشدة الاستماع إلى محادثاتنا.
يكمل بيتر: “إن شركة غوغل صريحة بشأن هذا الموضوع، لذا أنا افترض أن الشركات الأخرى تفعل الشيء نفسه، ليس هناك سبب يمنعهم من ذلك. في الحقيقة هو أمر منطقي من وجهة نظر تسويقية، حيث إن اتفاقيات الاستخدام والقانون يسمحان بذلك، ولكن لا توجد طريقة للتأكد”.
بناء على ذلك، قررت إجراء اختبار صغير، حاولت أن أقول مجموعة من العبارات بالقرب من هاتفي يمكن أن تستخدم نظريا كعبارات محفزة، مرتين في اليوم ولمدة خمسة أيام، عبارات مثل أنى أفكر في العودة إلى الجامعة وأحتاج إلى بعض القمصان الرخيصة للعمل. ثم قمت بمراقبة الإعلانات الممولة على فيسبوك بعناية للتأكد من امكانية حصول أي تغير في الاعلانات.
التغير حصلت في نفس الليلة. فجأة ظهرت لي إعلانات عن دورات دراسية في جامعات مختلفة، وإعلانات عن بعض العلامات التجارية التي تقدم ملابس بأسعار رخيصة. وكذلك أدت محادثة خاصة مع صديق حول نفاد بيانات الانترنيت للجهاز المحمول الخاص بي إلى إعلان عن خطط بيانات انترنيت رخيصة بسعة 20 غيغابايت. على الرغم من أن جميع الصفقات الإعلانية كانت مناسبة لي، إلا أن الأمر برمته كان مدهشاً ومرعباً في آن واحد.
أخبرني بيتر أنه على الرغم من عدم وجود ضمانات لأمن تلك البيانات بشكل تام، إلا أنه أكد أن الشركات لا تبيع بيانات مشتركيها مباشرة إلى المعلنين، حيث كما نعلم لا يحتاج المعلنون إلى بياناتنا لكي نرى إعلاناتهم.
وأضاف: “بدلاً من أن تقدم الشركات للمعلنين قائمة بالأشخاص الذين يتبعون ديموغرافيتهم، فهم يقولون للمعلنين، لما لا تعطونا بعض المال وسنقوم بإيصال اعلاناتكم إلى أولئك المهتمين بها، حيث أن هذه الشركات لو سمحت لمعلومات مشتركيها بالانتشار فسيخسرون الوصول الحصري لها، لذلك سيحاولون إبقائها سرية قدر الإمكان”.
وذهب بيتر إلى القول إنه بالرغم من أن شركات التكنولوجيا تقدر قيمة بياناتنا، إلا أنها لا تحميها من الوكالات الأمنية الحكومية، ونظراً لأن معظم شركات التكنولوجيا تقع في الولايات المتحدة، فإن وكالة الامن القومي أو حتى وكالة الاستخبارات المركزية الامريكيتين يمكنهما أن يطلعا على بياناتك، سواء كان ذلك الأمر قانونياً في بلدك أم لا.
إذن فالأمر حقيقي، هواتفنا تستمع إلينا ويمكن أن يتم استخدام أي شيء نقوله بالقرب من هواتفنا ضدنا. ولكن، وفقاً للدكتور بيتر على الأقل، لا يجب أن يكون معظم الناس خائفين من ذلك.
فما لم تكن صحفياً أو محامياً أو لديك اطلاع على معلومات حساسة نوعاً ما، فإن بياناتك ستكون متاحة فقط للمعلنين. إذا كنت تحب وتعيش حياة طبيعية، أو كنت تتحدث مع أصدقائك حول السفر إلى اليابان كمثال، فهذا ليس مختلفاً تماماً بالنسبة للمعلنين الذين يطلعون على سجل التصفح الخاص بك.
يضيف بيتر: “يبدو الأمر مجرد امتداد لما كانت عليه الإعلانات في التلفزيون، بكن بدلاً من ظهور الإعلانات للجمهور في وقت الذروة، فهي الآن تظهر حسب اهتمامات المشتركين وعاداتهم في تصفح الأنترنيت. لكنني في الحقيقة لا اعتقد أن ذلك يمثل تهديداً لمعظم الناس”.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا