كتبه لموقع “آي إف إل ساينس”: آلياه كوفنر
منشور بتاريخ:11/7/2018
ترجمة: عباس قاسم
تدقيق ومراجعة: نعمان البياتي
تصميم: أحمد الوائليّ
اكتشاف جديد يخص السعي المتواصل لمعرفة متى هاجر أسلافنا خارج إفريقيا يعيد المسار الزمني للوراء مجدداً.
نقلاً عن مجلة “نايتشور”، قام فريق من علماء الجيولوجيا والآثار والأنثروبولوجيا، بتوصيف مخبأ مملوء بأدوات حجرية، والذي اكتُشِفَ في جانب تل شديد الانحدار في هضبة اللوس التابعة لشمال وسط الصين، وقد عُثِرَ على 96 مطرقة صخرية غير معدلة رقائقية الشكل في 17 طبقة من الرواسب والتي يعود تاريخها من 2,12 إلى 2,26 مليون سنة مضت، مما يوفر أدلة على إن فصيلة من أشباه البشر-أي نسل البشر من ثنائيات الحركة والتي تتضمن جنسنا وجنس الهومو وأقربائه القدماء المنقرضين- قد استقرت في المنطقة قبل 400,000 سنة مما تشير إليه الأحفوريات والأدوات التي جمعت سابقاً.
كتب عالم الأنثروبولوجيا الحيوية والجيولوجي في جامعة تكساس “جون كابيلمان” في مقال مرافق قائلاً “إن أقدم موقع معروف لأشباه البشر خارج إفريقيا إلى الآن هو في بلدة دامنيسي في جورجيا، وقد كشفت عمليات التنقيب التي أجريت في المنطقة عن اكتشافات مذهلة لبقايا أشباه بشر متعددين، وأدوات حجرية تعود لحوالي 1,85 إلى 1,78 مليون سنة”؛ وقد أكدت مجموعة من المواقع المتنوعة على امتداد شرق أوروبا وغرب آسيا على إن التنوع السكاني للبشر بدأ بعد مستوطنة دامنيسي بفترة قصيرة.
شرح البروفيسور “كابيلمان” أهمية الاكتشافات التي اقتُرِحت على يد المؤلف “تشاويو تشو” وزملائه في رسالة إلكترونية أرسلها إلى “آي إف إل ساينس” قائلاً: “كانت لدينا أدلة سابقة على تواجد أشباه بشر خارج إفريقيا وعلى امتداد آسيا منذ أقل من 2 مليون سنة، أما العمل الجديد فينقل التاريخ إلى الخلف ولكن الأهم من ذلك إنه أظهر انتشاراً واسعاً عبر آسيا”.
حفر فريق “تشو” موقع “تشن جن” الخلاب لأكثر من عقد من الزمن (2004 حتى 2017)، كاشفين الغطاء عن ثروات من الحجارة، إضافة لشظايا عظمية تعود لعوائل حيوانات كالظباء والغزلان والخنازير، غير إنه لم يجرِ فحصها بحثاً عن علامات ذبح؛ وقد وثق فريق البحث خلال عملية الاستخراج الدقيقة مكان تواجد كل عنصر في الطبقات الأحفورية المكونة من التربة والوحل، وبسبب تحديدنا لتاريخ الانقلابات في الحقل المغناطيسي للأرض خلال الـ 5 مليون سنة السابقة، فإن عمر المواد المترسبة يمكن تقديره عن طريق القطبية المحفوظة للمواد المعدنية المشحونة باستخدام ما يدعى الجدول الزمني لقطبية مغناطيسية الأرض (جي بي تي أي).
وقد أظهر قياس الـ (جي بي تي اس) لطبقات الهضبة بأن تلك القطع الأثرية طُرحت هناك من قبل سكان بشريين قبل 0.85 مليون سنة، وخلال هذا الوقت تحول مناخ المنطقة ما بين الدافئ والرطب إلى البارد والجاف لأكثر من أربعة وعشرين مرة، وقد عُثِر على أدوات في الطبقات الدافئة الترابية خمس مرات أكثر من الطبقات الباردة الطينية، مما يقدم النظرية البديهية التي تفرض إن سكان هضبة “اللوس” من أشباه البشر ازدهروا في الفترات الاستوائية، وواجهوا صعوبات متزايدة في العصور الجليدية.
وأضاف “كابيلمان” قائلاً: “يبدو إن التجمعات السكانية المبكرة هذه كانت مُحددةً بالظروف المناخية المتطرفة، وكانت قادرة على التوسع شمالاً خلال الفترات الأكثر دفئاً”، “أما ما يفعلونه بهذه الأدوات فيبقى بحاجة للتوضيح، ولكن الأدلة الراهنة تشير إلى إنهم ربما استخدموها في تجهيز المواد الغذائية”.
نظراً لقلة الأحفوريات فإنه من المستحيل معرفة أية فصيلة من أشباه البشر صنعت تلك الأدوات، ونظراً إلى الفجوات العديدة في فهمنا للشجرة التطورية للإنسان، فإنه سيكون من الصعب تحديد ذلك يقيناً حتى وإن كشفت عمليات التنقيب التي ينفذها “تشو” عن عظام بشرية؛ إن أقدم عينة مكتشفة حالياً لإنسان متحضر من جنس “الهومو” هي عظمة فك عمرها 2.8 مليون سنة، عثر عليها في إثيوبيا، مشيرةً إلى إن بداية نشأة الذرية كانت في ذلك الوقت تقريباً، وطبقاً لـ”كابيلمان”، فإنه بسبب عدم وجود حفريات لأشباه بشر أوليين مثل “أسترالوبيثكس” خارج إفريقيا فإن الكثيرين في هذا المجال يعتقدون بأن بعض الأصناف غير المعروفة من “الهومو” كانوا أول المغادرين، وتدعم الجماجم الموجودة في “دامنيسي” هذه الفرضية لأنها تمتلك تشابهات تركيبية كثيرة مع أول فصائل “الهومو” في إفريقيا.
وحتى الاكتشاف المثير القادم فإن الأسرار المتعلقة بأصلنا كثيرة.
المقال باللغة الإنجليزية: هنا