كتبه لـ(بيغ ثينك): ديريك بيرز
منشور بتاريخ: 30/4/2018
ترجمة: احمد طريف المدرس
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: مينا خالد
تنتشر عدم القدرة على وصف ما هو الله في امريكا على نطاق واسع، حيث وجدت دراسة جديدة لـ(بيو ريسيرتش) اجريت على 4729 من البالغين أن تسعة من كل عشرة أمريكيين يؤمنون بوجود قوة عليا، لكنهم لا يتفقون على ماهية هذه القوة.
حيث يؤمن أربعة أخماس 4/5 الامريكان بالله، في حين أن 9٪ ممن لا يؤمنون بالله يزعمون أنهم يؤمنون بوجود قوة عليا روحية. كما يعتقد ربع المؤمنين أن هذه القوة الأعلى ليست كما يصفها الكتاب المقدس، في حين يعتقد 56 % من المؤمنين أن القوة العليا هي الاله الموصوف في الكتاب المقدس.
ويعتقد عشر الامريكان أنه لا توجد قوة عليا. بحسب الكاتب جاك مايلز الحائز على جائزة بوليتزر فإن هذه المشكلة لا تؤثر فقط على عامة الناس. يواجه حتى علماء الدين صعوبات مماثلة في وصف ملامح قوة عليا. وفي مقدمته الشاملة عن اديان العالم يقول ماليز أن الخبراء يناقشون الدين بنشاط مثل نقاشهم لمصطلحات أخرى غامضة، مثل الموسيقى والفن والرياضيات. بعض تعريفات الدين فضفاضة للغاية بحيث تسمح لأي شيء تقريباً أن يصنف كدين. وبعضها الاخر صارمة للغاية بحيث تستثني كل شيء يوخذ عادة كدين. نفس الشيء ينطبق على الله فأولئك الذين يؤمنون بالله الكتاب المقدس يصفونه كإله كلي القوة والمعرفة ومحب ويستطيع أن يحدد معظم أو كل ما يحدث في حياتهم. لا يؤمن أولئك الذين يميلون إلى القوة الروحية بدور هذه السلطة في التدخل في حياتهم أو حتى انها قوى مطلقة، وتبقى كل هذه التعريفات مبهمة.
يعتقد نصف المشاركين بالبحث أن هذه القوة العليا لها يد نشطة في معظم الحالات أو كلها، في حين يقول 18٪ أنها تتدخل في بعض الاحيان فقط. ولكن عندما تصبح الامور اكثر شخصية، ترتفع هذه الأرقام: 80٪ من البالغين يعتقدون أن الله يحميهم، في حين أن الثلثين يعتقدون أنهم قد حصلوا على مكافأة من الله. بينما تبقى قضية الحساب أقل وضوحاً: 60 % من المشاركيين يصنفون الله كقاض نهائي، في حين يدعي 40 % أنهم قد عوقبوا من قبل الله. كما يتحدث حوالي 3/4 الأمريكيين إلى الله، لكن 30٪ فقط يقولون أنه قد رد. وتعتبر الصلاة هي الآلية السائدة لهذه المحادثة، على الرغم من أن 40 % من المشاركين يزعمون أنهم لا يصلون إلا أنهم لا يزالون يتحدثون معه. ويبدو أن مفهوم مخاطبة الاله كغير عاقل متجذر في نسيج الوعي، قد تسبب مخاطبة الاله كوعي مذكر الذعر حتى ولو كان ذلك صحيحاً نحوياً. فكثيراً ما نتخيل الله على أنه إنسان أكبر بقدرات اكثر.
رغم أن هذه الدراسة رائعة إلا انها محدودة. حيث يهيمن المسيحيون على المشاركين. يشكل اليهود واللاأدريون جزءاً مهماً من الناحية الإحصائية من السكان، وذلك على عكس المسلمين والبوذيين والهندوس وغيرهم من الأقليات الدينية (في الولايات المتحدة). إلا أن هذه الدراسة، التي تمت في دولة ذات اغلبية مسيحية، تقدم رؤى مهمة حول المعتقدات الروحية الأساسية التي تشكل أيديولوجيات القيادة في الثقافة. يعتقد 93 % من المسيحيين أن الله يحب الجميع بغض النظر عن عيوبهم. وهذه نسبة كبيرة للغاية بالنظر إلى الخطاب الاجتماعي السلبي الحالي. ويزعم الكثير من المسيحيين أن الله كلي القدرة، بينما يزعم 78٪ أنه بإمكانه تغيير الأحداث العالمية. في المجموع، يعتقد ثلاثة أرباع المسيحيين الأمريكيين أن الله يمتلك هذه الصفات الثلاث – أن الإله محب، كلي العلم وكل القدرة.
هذه البيانات المتوقعة. ومع ذلك، فإن 70٪ من المواطنين غير المتدينين يؤمنون بوجود قوة عليا. ويشمل هذا العدد 17% ممن يعتقدون أن الإله في الكتاب المقدس هو الاله الفعلي، في حين أن أكثر من نصفهم يقول أن الكتاب الجيد لا يستوعب الجوهر.
بينما يعتقد أكثر من الربع بعدم وجود أي قوة عليا. كما نسبة المؤمنين بوجود قوة عليا في صفوف اللاادريين اكبر من النسبة عند الملحدين. تؤثر ثلاثة عوامل بشكل كبير على المعتقد: صغر السن وارتفاع المستوى التعليمي يقلل احتمال الإيمان بإله الكتاب المقدس. أما العالم للثالث، فهو الانتماء السياسي: حيث يؤمن 70 % من الجمهوريين في إله الكتاب المقدس، مقارنة ب45 % فقط للديمقراطيين. كما في حالة الاعتقاد بقوة عليا، 39 % للجمهوريين مقابل 23 % للديمقراطيين. تقدم الدراسة شرح لدور فكرة الاله بتغير العالم والتأثير به. ومهما كانت معتقداتك (أو عدم وجودها)، يقدم هذا البحث نظرة على الأفكار المتنوعة التي تشترك بيها مع مواطنو أمة كاملة. كما أنه يوفر فرصة لممارسة مبدأ ديني قديم: التواضع. إن اعتقادك أنت ومجموعتك انكم وحدكم تعرفون الممثل الحقيقي للقوة العليا (او الله) لا يؤدي إلا إلى نشوب صراعات عند مصادفة اصحاب الآراء المختلفة. و هذا لا يجعل مهارات التواصل جيدة في أي مجتمع. بابل تفوز مرة أخرى!
المقال باللغة الإنجليزية: هنا