ترجمة: حسين الحافظ
تدقيق: ريام عيسى
ميشال مان , ثوماس بيترسون , سوسان جوي هاسول \ 8-9-2017
عندما بدأت تكساس تلملم جراحها من الدمار الهائل الناتج عن الاعصار هارفي كان جنوب شرق الولايات المتحدة الامريكية يتهيأ لوُصول الاعصار ايرما، والجميع يسأل السؤال الشائع: ما دور الانسان والتغير المناخي في كل هذا؟
أبدى العلماء استعداداً للإجابة عن هذا السؤال، ولكن غالباً كانت الاجابات تعتمد وجهات نظر مختلفة بناءً على البيانات التي اعتمدوا عليها، مما أدى الى المزيد من الالتباس بدلاً من التنوير. جزء من المشكلة هو أن هناك على الأقل طريقتان مختلفتان رئيسيتان لوصف المشكلة، وهذا ينعكس إلى اكثر من نهج فلسفي مختلف لفهم الموضوع.
النهج الأول هو حساب العمليات الفيزيائية البسيطة وما الدور الذي تلعبه. هناك روابط مؤكدة غير قابلة للجدل ممكن التحدث عنها فوراً بين التغير المناخي والاحداث المتطرفة الحالية بسبب أنها قد أُختُبِرَت بالفعل بشكل عام بغض النظر عن أي عاصفة محددة.
على سبيل المثال، ممكن أن نستنتج أن ارتفاع مستوى سطح البحر ساهم في الفيضانات الساحلية المرافقة للأعاصير الحالية: وصل ارتفاع الماء إلى قدم واحد تقريباً في منتزه باتري في نيويورك نتيجة إعصار ساندي ووصل إلى حوالي نصف قدم في الإعصار هارفي. فزيادة قدم واحد في ساحل نيويورك وساحل نيوجيرسي جعل إعصار ساندي يشبه موجه مياه بارتفاع 14 قدم و أدى إلى 25 ميل مربع إضافي من الفيضانات وخسائر تُقدَر بعدة مليارات من الدولارات.
ماذا عن زيادة قوة هذه الأعاصير؟ وهذا ما خَلُصَت له مخاوف العلماء.
سواءكان ذلك صحيحاً أو لا نستطيع أن نرى عواصف مدارية اكثر ( وهي مسألة خاضعة للبحث من قبل الاوساط العلمية) وأن اقوى العواصف سوف تصبح اقوى، مثلاً تزداد سرعة الرياح تقريباً بمقدار ثمانية متراً في الثانية عن كل درجة مئوية واحدة زيادة من الحرارة . و غير محتمل أن تكون مصادفة ان اقوى الأعاصير المسجلة ( بناء على مقياس سرعة الرياح) في الكرة الأرضية، في نصف الكرة الشمالي والجنوبي والمحيط الهادي والان الاعصار ايرنا في المحيط الأطلسي المفتوح حدثت في العامين الماضيين. وأن إعصار اقوى لا يعني فقط رياح مدمرة اقوى بل وفيضان اكبر يضاف إلى السواحل نتيجة ارتفاع مستوى سطح البحر.
و اكثر من ذلك، اذا زادت درجة حرارة سطح المحيط تؤدي الى رطوبة هواء اكثر. وهناك قاعدة رئيسية في الثرموداينمك الجوي اسمها معادلة سيليزي-كلابيرون Clausius-Clapeyron تنص هذه القاعدة بأن أي زيادة مقدارها درجة مئوية واحدة في سطح البحر تؤدي الى زيادة بالنسبة المئوية للرطوبة مقدارها 7 بالمئة للهواء. زادت درجة حرارة سطح البحر العالمية الآن درجة مئوية واحدة في افضل الأحوال اما في الظروف الشائعة متوقع أن تزيد لعدة درجات عن الحد الطبيعي نتيجة لذلك. ساهمت الزيادة الغير طبيعية في درجة حرارة سطح البحر في قوة الفيضانات في اعصاري هارفي و ايرن في عام 2011.
رابط اخر اكثر جدلية. فجزء من ما اسفرت عنه تسجيل فيضانات مصاحبة لاعصاري هارفي وايرن كان بطئ حركة العواصف، و التي سمحت بأمطار مستمرة على شرق تكساس ونيو انجلاند. وحَضِيَت الحركة البطيئة لهذه العواصف بتفضيل المناطق الشبه استوائية الواسعة ذات الضغط المرتفع في جنوب الولايات المتحدة وبعيدة عن تيارات الشمال، و تنبئت نماذج محاكات المناخ بشئ ما فُسِرَعلى أنه نتيجة للمسببات البشرية في التغير المناخي. وايضاً هناك بعض الادلة الاولية وهو زيادة حرارة القطب الشمالي الذي قد يحبذ توقف نُظُم الطقس في خط العرض المتوسط، ومع هذا فأن هذه الأبحاث في طليعة العلوم و تعتبر قيد الدراسة.
اما المنهج الثاني فهو دراسة الروابط بين النشاطات البشرية و الطقس المتطرف والتي تضمنت عمل محاكاة مناخية لنموذج الطقس بالحالتين بوجود وعدم وجود زيادة في غازات الدفيئة المنتجة من النشاطات البشرية للبحث عن وصف للأحداث على ضوء هذه الزيادة. حاليا ولعقود سابقة، اطلق علماء المناخ شعار ” لا تستطيع أن تنسب أي حدث فردي متطرف الى التغير المناخي العالمي”.
و في الوقت الذي بدأ به الصحفيين والسياسيين بترديد هذا الشعار، على الرغم من ذلك فأن العلم تقدم الى الامام. وعليه نَستطيع الآن أن نربط الاحداث الفردية في تأثير احتمالي. على سبيل المثال، اذا تناول لاعب رياضة كرة القاعدة (البايس بول) المنشطات ولاحظنا زيادة عشرون بالمئة في بلوغه للهدف، لا نستطيع أن نربط وصوله الى الهدف بشكل محدد الى تناوله المنشطات. و لكن نستطيع أن نقول أن تناوله للمنشطات زادت من احتمالية وصوله للهدف بنسبة عشرون بالمئة. و لبعض الظواهر الفيزيائية التي نناقشها الان، نرى تأثير لزيادة ثاني أوكسيد الكاربون تعمل كمنشطات للعواصف.
يقيم العلماء اليوم بشكل روتيني عن كيفية تأثير الاحترار العالمي على الاحداث المتطرفة. و بالرغم من أن هذه الدراسات تستعمل مناهج مختلفة الا أنهم جميعاً استنتجوا وجود عالمين: العالم الأول هو عالمنا الحالي مع تأثير زيادة غازات الدفيئة والذي نتج عنه زيادة في درجات الحرارة، والثاني بدون هذه الزيادة في غازات الدفيئة الحالية والحرارة الناتجة عنها. يستخدم معظم العلماء نماذج كمبيوتر معقدة ولكن البعض منهم يقارن بين الطقس في هذه الايام والطقس الذي شهدناه في الأعوام السابقة عندما كان مستوى غازات الدفيئة اقل من المستوى الحالي. تختلف بعض التقديرات في الاحتمالية والبعض الاخر تختلف في القوة، لهذا من الصعب في بعض الأحيان المقارنة بين النتائج. مشكلة اخرى تواجهنا وهي أن التقييم العلمي الدقيق لتأثير التغير المناخي على حدث معين يَتَطَلَب اشهر من الحسابات وتقوم بعض المجموعات البحثية بمحاولة التغلب على هذه العقبة.
هذه المناهج ليست متعارضة او غير متكافئة و انما بالحقيقة مكملة لبعضها من وجهة نظر فلسفية. الاستنتاج من قواعد الفيزياء البسيطة ممكن أن يخطئ بعض المضاعفات الخفية والتغذية العكسي. على سبيل المثال بينما تتنبأ معادلة سيليزي-كلابيرون بزيادة سبعة بالمئة عن كل درجة سيليزية واحدة زيادة في درجة حرارة سطح البحر الا أنها لا تأخذ بنظر الاعتبار بعض العوامل المضخمة الأخرى. فأن رطوبة اكثر في العاصفة معناه حرارة ناتجة عن التبخر اكبر والعواصف الأقوى معناه تيارات حمل اكبر وقوة رفع اعلى للمياه مما ينتج عنه امطار اكثر.
بينما تعتمد هذه المناهج على قدرة نماذج محاكاة المناخ على حل كل الظواهر الفيزيائية التي قد تربط التغير المناخي والأحداث المناخية المتطرفة بعضها يمكن أن يكون دقيقاً للغاية الا أنها لا يتم استيعابها من نماذج الجيل الحالي (الفيزياء تربط بين التغييرات في سلوك الجو نتيجة الذوبان الصفيحة الجليدية القطبية الشمالية أو دور الغطاء النباتي في تثبيت رطوبة التربة و الجفاف). في هذه الحالة النتيجة السلبية – نتيجة فشل ربط حدث معين بتأثيرات التغير المناخي- يمكن ببساطة أن يعكس عدم كفاءة المنهج بدل من عدم وجود روابط فيزيائية فعلية.
نحتاج إلى استخدام كل الأدوات المتوفرة للإجابة هذا الأسئلة العلمية. سيكون من الحكمة، أن نستنتج أنه يجب الانتظار نتيجة دراسات الكشف الرسمية والدراسات المساهمة قبل التصريح بأي دور بتأثيرات التغير المناخي على طريقة حدوث الأعاصير. نحن نعرف الكثير عن قواعد الفيزياء ويجب أن نصيغ هذه المعرفة بوضوح وحالاً لتوفر لنا رؤية ممكن أن تساعد الناس لبدء بالتعافي والتخطيط للمستقبل.
رابط المقال بالانكليزية: هنا