منشور بتاريخ: June 27, 2017
بقلم: ديريك ديريس “DEREK BERES”
ترجمة: مصطفى شهباز
تصميم: إبراهيم الساكني
مجال صناعة الفيتامينات المُكمّلة المزدهر بفضل غياب الرقابة الحكومية أصبح يُزاحم الطب البديل. ورغم أن كل واحد منهما ينطلق من مبادئ متعارضة مع ذلك يقوم المستهلكون بشرائهما معاً مما ساهم بتوليد اقتصاد يبلغ حجمه 34 مليون دولار سنويًا.
الــ (Homeopathy) هو نوع من أنواع الطب البديل يَتَّبع أسلوب علاج المرض بجرعات قليلة من مسببات نفس المرض ويستند على فكرة خاطئة تقترح انه كلما يتم تقليل كثافة الدواء كلما أصبح أكثر فعالية. تحتوي بعض علاجاتهم على كميات قليلة من المواد الفعالة بينما لا تحتوي اغلبها على أي مواد فعالة. من يقوم بشرائها فهو يتناول ماء مخلوط بالسكر على افتراض أن “جوهر” المادة سيقوم بشفائه. على سبيل المثال أحد علاجاتهم (Oscillococcinum) لا يحتوي على أي جزيئة من كبد البط الذي يفترض انه من ضمن مكوناته.
الفيتامينات ليس بالضرورة أفضل حالًا. فبينما تحتوي حبوب الفيتامينات مكونات حقيقية إلا أنك بتناولها لا تقوم بتحميل جسمك بمكونات غير مفيدة فقط وإنما بمكونات خطيرة أيضاً. كمثال فإنك في حال تناولك كمية من فيتامين سي لا يحتاجها جسمك فإنك تضع نفسك في خطر عسر الهضم، الاسهال، الغثيان، الصداع وفي حالات نادرة الموت.
يتم شراء أدوية الـ (Homeopathy) لأن العديد من الأشخاص لا يعرفون كيفية تصنيعها. على العكس من ذلك تقوم صناعة الفيتامينات على العقلية الحديثة: الزيادة أفضل. إذا كانت عشر مكونات غذائية جيدة فمئة منها أفضل بعشر مرات. لكن بالحقيقة هذا ليس صحيحاً بالمرة. لكن بما أن معظم الفيتامينات مفيدة نسبياً يتجاهل معظمنا تفاصيل الموضوع.
وقد أثرت هذه العقلية على استهلاكنا للكثير من الأدوية، على سبيل المثال قطرات الفيتامينات ودواء نوتروبيكس لزيادة القدرات الادراكية هي اخر العلاجات الصاعدة بقوة.
لعدة سنوات حاصر التستوستيرون سوق صناعة الفياجرا واعداً الرجال بإبعاد الشيخوخة وتنشيط حياتهم الجنسية.
هل يستفيد الرجال من العلاج بالتستوستيرون؟ بالتأكيد.
لكن موقع (JAMA) للأبحاث الطبية نشر دراسة تكشف عن أن نصف الرجال الذين تلقوا هذا العلاج لا يحتاجون إليه وهذا يوضح عقلية “الزيادة أفضل” بجلاء.
كما في حالة الفيتامينات فإن نتائج زيادة التستوستيرون ليست حميدة. وهي قد لا تكون زيادة في حيوية الرجل وقدرته الجنسية كما يوضح تقرير النيويورك تايمز “كشف علماء أعصاب عن أدلة تثبت أنه عندما يأخذ الرجال التستوستيرون يميلون لاتخاذ قرارات متسرعة وخاطئة.”
في بحث لجامعتي بنسلفانيا وجامعة ويسترن يونيفرستي أوف أونتاريو تم إيجاد علاقة بين التستوستيرون وسطحية التفكير. حيث تم دراسة 243 رجل من كاليفورنيا قام نصفهم بدهن جل التستوستيرون على اجسامهم في حين أعطي النصف الاخر مرهم وهمي وبعد 4 ساعات ونصف عادوا للمختبر ليخضعوا للفحص.
أحد الاختبارات هو اختبار شائع جداً ومن المفاجئ ألا تجيب عليه بصورة صحيحة، لكن هذا ما حدث: سعر كرة ومضرب دولار و10 سنتات. سعر المضرب أكثر من سعر الكرة بدولار. ما هو سعر الكرة منفردة؟ وما هو سعر المضرب؟
عندما تقرأ دولار و10 سنتات يبدو السؤال سهلا، سعر المضرب دولار وسعر الكرة 10 سنتات وهذه هي الإجابة الخاطئة التي يجيب بها نسبة عالية من الناس.
يذكرنا أستاذ التسويق ادم ألتر في كتابه “ما لا يمكن مقاومته” أننا دائما ما نختار المسار الذي يملك مقاومة فكرية أقل:
“يفضل الناس التفكير بمقدار يضمن الحصول على استنتاج مقبول فقط. هذا البخل في التفكير هو أمر منطقي تطوريًا لأن التفكير مكلف.”
وكما يقول ألتر يقوم البشر باختيار اختصارات ذهنية لتقليل حمل التفكير. ومن الواضح أن التستوستيرون يلعب دوراً في هذه العملية وكما ظهر في نتائج البحث السابق، الرجال الذين أعطي لهم التستوستيرون يرتكبون الخطأ بديهي في سؤال الكرة والمضرب بنسبة 35% أكثر من الرجال بمستويات الهورمون الطبيعية ويكونوا أكثر تسرعاً في إعطاء الإجابة الخاطئة من الاخرين.
في بحث اخر اجري على عاملين في مجال التجارة في سوق الأسهم حيث تم اعطائهم جرعات من التستوستيرون وكانت النتائج كما يلي:
“الرجال الذي تلقوا التستوستيرون قاموا بتقدير قيمة الأصول بصورة مبالغ فيها مقارنة مع الرجال الذي تلقوا هرمون وهمي. وكانوا أبطأ في تجميع المعلومات وتقدير هبوط أسعار الأسهم في قراراتهم التجارية.”
هل من الممكن أن أزمة الرهن العقاري حدثت بسبب زيادة التستوستيرون؟ من الممكن جداً. هذا ما يحدث عن اندفاع الهرمونات في مجرى الدم في حين أن الكثير من الرجال لا يحتاجون إليه أصلا.
الزيادة لا تعني الفائدة حيث إن كيمياء البيولوجيا البشرية حساسة جداً، حتى الاختلافات الصغيرة من مختلف العناصر الغذائية والمركبات تؤثر بشكل كبير على أجسامنا وعقولنا.
الثقة بالنفس هي ميزة رائعة وتستحق التنمية. لكن عندما تجتمع مع الحماس الأعمى تكون النتائج كارثية. رأينا الكثير من الأمثلة في الماضي لكن مع التوعية بهذا الأمر قد نجد وسائل أفضل.
السلوك المدروس والعميق قد يكون بالضد من ميولنا الطبيعية لكن يجب ضبط الإيقاع. الانضباط من أجل فعل الصحيح هي صفة يجب تحقيقها بدلا من الانصياع لميولنا البيولوجية، عندها تكون النتائج مرضية للجميع.