على الرغم من أن التصنيفات العالمية للجامعات مسألة خلافية، بسبب إعتراض بعض الخبراء على المعايير التي يتم إعتمادها في مثل هذه التصنيفات، وإتهام البعض لها بأنها مادية وربحية، أو أنها تركز على البنى التحتية وتهمل قياس مستوى جودة التعليم، إلا إن الكثير منها تحمل مصداقية كبيرة وتحاول التوفيق بين قياس جودة التعليم وجودة الخدمات الجامعية والسمعة العلمية لتلك المؤسسات. ويعتقد البعض بأن هذه التصنيفات تحبط الدول النامية – التي تخصص نسبة ضئيلة من الدخل القومي للإنفاق على التعليم والبحث العلمي – حيث قد تقدم تلك الدول على ضخ كل تلك المخصصات المالية المحدودة أصلاً على جامعة كبيرة في العاصمة بهدف تطويرها وإدخالها في التصنيفات وتهمل بقية الجامعات التي تخدم أعداداً كبيرة من الطلاب في المدن الأخرى. وأياً كانت وجهات النظر المؤيدة أو المعارضة لمصداقية هذه التصنيفات أو النفع الذي تعود به على مستوى التعليم فإننا سنستعرض معكم نتائج التنصيف العالمي للجامعات QS الذي صدر في حزيران/ يونيو لعام 2016.
سأتناول هنا مناقشة نتائج التصنيف العالمي وأركز على دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على وجه الخصوص. إعتمد هذا التصنيف للجامعات على مستوى العالم على المعايير التالية:
1- السمعة الأكاديمية للجامعة (40% من النقاط): ويعني ذلك سمعة الجامعة في الأوساط الأكاديمية حول العالم وذلك بذكر أساتذة من مختلف الدول لأسماء جامعات يعتقدون بأنها ذات شأن كبير في مجال إختصاصهم.
2- سمعة الجامعة لدى أرباب العمل (10% من النقاط): ويعني ذلك ثقة أرباب العمل بخريجي هذه الجامعات.
3- نسبة أعضاء هيئة التدريس إلى الطلاب (20% من النقاط).
4- نسبة الإستشهاد العلمي بأبحاث صادرة عن الجامعة لكل بحث (20% من النقاط)
5- نسبة أعضاء هيئة التدريس من الأجانب (5% من النقاط)
6- نسبة الطلاب الأجانب في الجامعة (5% من النقاط)
وتبدو هذه المعايير ذات مصداقية كبيرة، حيث إنها تركز على المستوى العلمي للجامعة، وأهميتها في مجال البحث العلمي، وثقة أصحاب العمل بها، فضلاً عن توفيرها لمناخٍ دولي للدراسة.
ووفقاً للنتائج، كانت المراكز العشرة الأولى في العالم من نصيب 5 جامعاتٍ أميركية و4 جامعاتٍ من المملكة المتحدة وجامعة سويسرية واحدة. ولم تتضمن قائمة أول 100 جامعة على العالم أية جامعة من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. فيما ضمت قائمة أول 200 جامعة على العالم جامعتين إسرائيليتين وجامعة سعودية واحدة. وفي الفئة من 201-300 نجد جامعتين من إسرائيل وجامعة من المملكة العربية السعودية فضلاً عن الجامعة الأميركية في بيروت. وفي الفئة من 301-400 نجد أول جامعة تركية، فضلا عن جامعة الملك عبد العزيز السعودية، والجامعة الأميركية في القاهرة. وتضم الفئة من 401-500 ثلاث جامعاتٍ إماراتية، و4 جامعاتٍ تركية، وجامعة واحدة لكلٍ من إيران وقطر والبحرين. وبذلك تغيب أي جامعة حكومية من العراق أو مصر عن قائمة أول 500 جامعة على مستوى العالم. وفي الفئة من 501-600 نجد ثلاث جامعاتٍ من المملكة العربية السعودية، وجامعة واحدة لكلٍ من مصر، والإمارات العربية المتحدة، وتركيا، وإيران وسلطنة عُمان. وفي الفئة من 601-700 نجد جامعة بغداد – الجامعة العراقية الوحيدة في التصنيف العالمي – وتتقاسم ذات الفئة مع الجامعة اللبنانية الأميركية وتسبقهما جامعة القديس يوسف ببيروت. وفي ذات الفئة نجد جامعتين من الأردن وجامعة لكلٍ من إسرائيل والإمارات العربية المتحدة وتركيا والمملكة العربية السعودية. وفي الفئة 701-800 نجد ثلاث جامعاتٍ تركية، وثلاث جامعاتٍ مصرية، وجامعة واحدة لكلٍ من الإمارات العربية المتحدة، والكويت، والبحرين، وإسرائيل. وفي الفئة غير المصنفة بعد الـ 800 نجد جامعة إسرائيلية واحدة وأخرى سعودية من منطقة الشرق الأوسط.
بالتالي، نجد بأن إسرائيل تضم 7 جامعات ضمن تصنيف أفضل 800 جامعة في العالم، وجاءت الجامعة العبرية في المرتبة 148 على مستوى العالم لتكون أول جامعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى معهد إسرائيل للتكنولوجيا (التخنيون) الذي جاء بالمرتبة 198. وبالتالي تقع المؤسستان التعليميتان ضمن أول 200 جامعة في العالم. فيما حلت جامعة تل أبيب بالمرتبة 203 وجامعة بن غوريون في النقب بالمرتبة 256 على مستوى العالم. وبالتالي فإن إسرائيل تمتلك 4 جامعات ضمن قائمة الـ 500 جامعة الأولى في العالم. وجاءت جامعة بار إيلان في الفئة 601-650 وجامعة حيفا في الفئة 701-800 ومعهد وايزمان للعلوم في الفئة غير المصنفة ما بعد الـ 800.
كما ضمت قائمة أفضل 800 جامعة في العالم 8 جامعاتٍ سعودية، وحلت جامعة الملك فهد للبترول والمعادن في المرتبة 199. وجاءت جامعة الملك سعود بالمرتبة 237 وجامعة الملك عبد العزيز بالمرتبة 303. وبذلك تتوفر المملكة على 3 جامعات ضمن فئة أول 500 جامعة على مستوى العالم. وكان ترتيب الجامعات الخمسة الأخرى كالآتي: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وجامعة الملك خالد، وجامعة أم القرى ضمن الفئة 551-600، وجامعة الملك فيصل بالمرتبة 651-700، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ضمن الفئة غير المصنفة ما بعد الـ 800.
ونجح لبنان في إمتلاك ثلاث جامعات في قائمة أفضل 800 جامعة في العالم، بحصول الجامعة الأميركية في بيروت على المرتبة 268، وهي الجامعة اللبنانية الوحيدة ضمن قائمة أول 500 جامعة. وحلت جامعة القديس يوسف ببيروت في المرتبة 601-650، فيما جاءت الجامعة اللبنانية الأميركية ضمن فئة 651-700 متقاسمة هذه الفئة مع جامعة بغداد.
وتمكنت مصر من إدراج خمسٍ من جامعاتها ضمن القائمة العالمية، وحلت الجامعة الأميركية في القاهرة بالمرتبة 345 لتكون الجامعة المصرية الوحيدة ضمن أول 500 جامعة على مستوى العالم. فيما جاءت جامعة القاهرة العريقة بالمرتبة 501-550، وتقاسمت جامعات عين شمس، والأزهر، والإسكندرية الفئة ما بعد الـ 700.
وعلى الرغم من عدم تضمن قائمة أول 200 جامعة على مستوى العالم لأية جامعةٍ تركية، فقد نجحت تركيا في أن تتضمن قائمة أول 500 جامعة على مستوى العالم خمسة جامعاتٍ تركية، فضلاً عن 5 جامعاتٍ أخرى ضمن قائمة أفضل 800 جامعة. وجاءت جامعة بيلكنت بالمرتبة 394، وحلت جامعة الشرق الأوسط التقنية في الفئة 431-440، وكلاً من جامعتي بوغازيتشي وسابانجي بالفئة 441-450، وجامعة كوتش في الفئة 481-490، وأغلبها جامعات غير حكومية. فيما كان ترتيب الجامعات الخمسة ما بعد الـ 500 كالآتي: جامعة إسطنبول التقنية (551-600)، وجامعة حجة تبه (651-700)، وجامعات أنقرة، وتشوكوروفا، وإسطنبول (في الفئة ما بعد الـ 700)، وهذا يعني أن الجامعات الحكومية جاءت بعد جامعتي بغداد والقاهرة.
كما ضمنت الإمارات العربية المتحدة دخول ستٍ من جامعاتها للتصنيف العالمي، وأحرزت ثلاثة منها مراتب ضمن أول 500 جامعة، هي الجامعة الأميركية في الشارقة (411-420)، وجامعة الإمارات العربية المتحدة (421-430)، وجامعة خليفة (481-490). فيما جاء ترتيب الجامعات الثلاث الأخرى كالآتي: الجامعة الأميركية في دبي (551-600)، وجامعة الشارقة (601-650)، وجامعة أبو ظبي (في الفئة ما بعد الـ 700).
فيما جاءت جامعة شريف للتكنولوجيا الإيرانية بترتيب 471-480، لتكون هي وجامعة طهران – التي جاءت بالمرتبة 551-600 – الجامعتين الإيرانيتين الوحيدتين ضمن أول 800 جامعة على مستوى العالم. وجاءت جامعة قطر لتكون الجامعة الثامنة من المنطقة في التصنيف العالمي بترتيب 480-490 والجامعة القطرية الوحيدة في القائمة. وجاءت جامعة الخليج العربي البحرينية بترتيب 491-500 لتكون مع جامعة البحرين (في الفئة ما بعد الـ 701) الجامعتين البحرينيتين الوحيدتين في قائمة التصنيف العالمي.
وجاءت جامعة السلطان قابوس بالمرتبة 501-550 لتكون الجامعة العمانية الوحيدة في القائمة، فيما إمتلك الأردن جامعتين ضمن أفضل 800 جامعة في العالم هي الجامعة الأردنية للعلوم والتكنولوجيا وجامعة الأردن وقد حلت كلتا الجامعتين في الفئة (601-650). وجاءت جامعة بغداد – الجامعة العراقية الوحيدة التي دخلت في التصنيف – بالمرتبة 651-700 وغابت العديد من الجامعات العراقية العريقة عن القائمة بسبب الأوضاع الأمنية وتعطلها عن العمل. فيما حلت جامعة الكويت بالمرتبة ما بعد الـ 701 على مستوى العالم. وبهذا لم تمتلك سلطنة عمان، ولا الأردن، ولا العراق، ولا الكويت أية جامعة ضمن قائمة أول 500 جامعة على مستوى العالم. وغابت اليمن وسوريا وليبيا عن التصنيفات العالمية والإقليمية بسبب العنف الدائر في هذه البلاد. كما غابت دول شمال أفريقيا – عدا مصر – عن القائمة أيضاً، بما في ذلك الجزائر التي تمتلك 102 جامعة.
أما القارة الأفريقية، فقد تضمنت قائمة أفضل 800 جامعة على مستوى العالم 16 جامعة أفريقية فقط، منها 8 جامعات من جنوب أفريقيا، و5 جامعاتٍ مصرية وجامعة واحدة لكلٍ من كينيا وغانا وأوغندا. ومن بين الـ 16 جامعة لم تحرز سوى 4 جامعاتٍ منها مواقع ضمن أول 500 جامعة على مستوى العالم.
المصدر: هنا