ترجمة: حمزة رافع
تصميم: مكي السرحان
في السادس من ابريل عام 1994 بدأت جماعات الهوتو بذبح اقوام التوتسي في راوندا ، كان العالم يشاهد استمرار المذابح و يقف بصمت ، على مدى 100 يوم خلفت هذه المذبحة مايقارب 800,000 قتيل من التوتسي و الهوتو.
من هم جماعات التوتسي و الهوتو؟
في بداية نشوء راوندا كان الناس فيها يعيشون على تربية المواشي ، الجماعة التي كانت تملك اغلبية المواشي تسمى “توتسي” والبقية يسمون “هوتو” ، في ذلك الوقت كان الشخص يستطيع بسهولة ان يتغير بين هذين الجماعتين من خلال الزواج او من خلال اكتساب عدد اكبر من المواشي.
لم تكن هذه الفروق موجودة حتى جاء المستعمرون الاوروبيون للمنطقة و ظهرت مصطلحات “توتسي” و “هوتو” بشكل عرقي. الالمان كان اول من استعمر راوندا في 1894 , واعطوا مسؤليات الحكم في المنطقة لقبائل التوتسي لكونهم يملكون صفات شكلية اقرب الى الاوروبيين من بشرة فاتحة و قوام اطول.
عندما خسر الالمان استعمارهم بعد الحرب العالمية الاولى ، سيطر البلجيكيين على راوندا في عام 1993, عزز البلجيكيون الانقسام العرقي في راوندا بحيث كان على كل شخص ان يحمل بطاقة خاصة تبين كون حاملها اما من التوتسي او من الهوتو او تاوا (التاوا هي جماعة صغيرة جداً من الصيادين يعيشون في راوندا).
بالرغم من كون جماعات التوتسي تمثل فقط 10% من السكان و الهوتو تمثل 90% ، الا ان البلجيكيين اعطوا مقاليد الحكم للجماعة الاصغر و هي التوتسي فقط لانهم يشبهون الاوروبيين وهذا ما ضايق جماعة الهوتو.
واجه البلجيكيون ثورة كانت تقودها جماعة الهوتو والغرض منها كان استقلال روندا من الاستعمار البلجيكي ، لكن بلجيكا تداركت الامر وقامت بتشكيل حكومة جديدة من ابناء الهوتو وهذا ازعج جماعة التوتسي بعد ان كانو هم من يحكمون البلد.
الحدث الذي اشعل المذبحة:
في الثامنة والنصف من مساء السادس من ابريل 1994، الرئيس الراوندي چوفينال هابيارمانا (Juvenal Habyarimana) كان عائداً من اجتماع القمة في تنزانيا عندما ضربه صاروخ ارض-جو فوق سماء العاصمة كيگالي وقتل كل من كان على متنها. منذ عام 1973 الرئيس هابيارمانا وهو من جماعة الهوتو، اعتمد نظام حكم شمولي مما ادى الى ابعاد التوتسي من المشاركة في الحكم، لكن هذا تغير علم 1993 حين وقع الرئيس على اتفاقية (اروشا) التي اضعفت من سيطرة الهوتو في راوندا و مكنت التوتسي من المشاركة فيها ، وهذا كان السبب الاساسي في انزعاج للمتطرفين من الهوتو. على الرغم من عدم اتضاح الطرف الذي تسبب في اغتيال الرئيس الا ان الهوتو كانوا المستفيدين من هذه الاحداث (تحطم للطائرة وقتل الرئيس) ، فبعد 24 ساعة من اعلان مقتل الرئيس استولى متطرفو الهوتو على الحكومة و القوا الوم على التوتسي باغتيال الرئيس وبدأوا المذبحة.
100 يوم من المذابح:
بدأت عمليات القتل في العاصمة كيگالي حيث قامت جماعة (interahamwe) ومعناها (الذين يضربون كالواحد) وهي منظمة شبابية معاصرة انشأت من قبل المتطرفين الهوتو، قاموا بقطع الطرق و التدقيق على البيانات الشخصية وقتل كل من كان من التوتسي بالسكاكين و المناجل، بعد ايام قليلة كانت هذه الاحداث قد امتدت في كل اجزاء راوندا.
في السابع من ابريل من نفس العام بدأ متطرفو الهوتو بحملات لقتل السياسيين من كلا الطرفين الهوتو والتوتسي ، تم قتل رئيس الوزراء بالرغم من محاولة 10 افراد من قوات حفظ السلام البلجيكيين حمايته الا ان الجميع قد قتل ، وهنا بدات بلجيكا بسحب قواتها من راوندا.
قُتل الاطفال والنساء والرجال ، وبسبب ارتفاع اسعار الطلقات النارية كانت عمليات القتل تتم بالاسلحة البيضاء من سكاكين و مناجل وغيرها، الكثير كانوا يُعذبون قبل القتل وكانوا ايضاً يُخيرون في دفع سعر الطلقات النارية لكي يقتلوا بسرعة وبدون تعذيب.
تعرضت الالاف من نساء التوتسي للاغتصاب والتعذيب قبل القتل ، نسبة كبيرة من النساء كانوا يستخدمون كعبيد للجنس و تعرضوا لممارسات شنيعة، كانت تقطع اثدائهن و توضع ادوات حادة في اعضائهن الخاصة.
المذابح في الكنائس ، المستشفيات و المدارس :
التجأ الاف كن التوتسي في الكنائس والمستشفيات والمكاتب الحكومية التي من المفترض ان تكون اماكن محمية، لكن افظع المذابح حدثت في كنيسة نيروبي للكاثوليك الرومان في 15-16 ابريل 1994، حيث شجع عمدة البلدة وهو من الهوتو ، شجع التوتسي الخائفين للدخول والاحتماء داخل الكنيسة بعد ذلك قام بخيانتهم وتسليمهم لمتطرفي الهوتو.
الجثث:
منع متطرفو الهوتو دفن جثث التوتسي التي سرعان ما بدات بالتحلل و تركوها في الشوارع واماكن المذابح لتصبح طعام للكلاب و الجرذان.
رميت الكثير من الجثث في الانهار والبحيرات من اجل “اعادة التوتسي الى اثيوبيا” حسب الاسطورة التي تقول ان التوتسي هم اجانب و قد جائوا من اثيوبيا.
دور الاعلام الكبير في المذبحة:
لسنوات عديدة كانت جريدة (Kangura) المسؤولة من قبل متطرفي الهوتو، كانت تبث الكره ضد التوتسي حيث قامت في عام 1990 بنشر مقال بعنوان “الوصايا العشر للهوتو” والتي نصت على ان كل شخص من الهوتو متزوج من التوتسي يعتبر خائن، وكل شخص يقوم باعمال مع توتسي خائن ايضاً، كما دعت ايضا لجعل المؤسسات المهمة في البلد بقيادة الهوتو و الجيش بقيادة الهوتو وذلك لعزل و اضعاف للتوتسي .
لعب ايضاً RTLM (مؤسسة الراديو والتلفزيون) دوراً في انتشار العنف حيث بثت منشورات تحض على الكراهية لفترة طويلة و مع بداية المذابح دعت الى “قطع الاشجار الطويلة” وهي شيفرة للهوتو للبدء بقتل التوتسي كانت ايضا تستخدم مصطلح “الصراصير” في الاشارة الى التوتسي ، وتدعو الهوتو لسحق الصراصير.
كانت ايضا تبث اسماء وعناوين اشخاص في دعوة لقتلهم و تحث الهوتو الغير مشاركين في المذابح للمشاركة ، كان اي شخص من الهوتو يرفض المشاركة يخير بين ان يقتل التوتسي او يتم قتله.
العالم وقف مشاهداً للاحداث:
كثرت التساؤلات حول سبب صمت العالم كله تجاه هذه الاحداث، بعض الدول اعتقدت انه وبسبب قتل المعتدلين الهوتو في بداية الاحداث اذن تعتبر الاحداث حرب اهلية وليست مذبحة, بعض الابحاث اظهرت ان كثير من الدول اعتبرت الاحداث مذبحة لكنها وقفت صامتة لانها لاتريد ان تتدخل وتتكلف الاموال ونفقات فرض السلم.
انتهاء الابادة الجماعية في راوندا:
انتهت احداث راوندا عندما تمكنت وحدات راوندا الوطنية من استلام ملف الامن في البلاد ، تتألف وحدات راوندا الوطنية من عناصر عسكرية مدربة من التوتسي الذين كانوا في المنفى، اغلبهم كان في اوغاندا، استولت هذه الوحدات على البلاد في منتصف يوليو 1994 حينها انتهت المذابح اخيراً.
المصدر:
http://history1900s.about.com/od/rwandangenocide/a/Rwanda-Genocide.htm