بقلم: نيكولاس كليرمونت
ترجمة: رحاب الهلالي
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: امير محمد
١١/حزيران / ٢٠١٣
” كل شيء يحدث لسبب” ليست جملتي المفضلة لأسمعها من أحدهم، إنها جملة سيئة فلسفياً ودينياً ومنطقياً إضافة الى إنها نصيحة سيئة. هذه الجملة خليط من الجهل الشديد والغطرسة الشديدة.
أشكال أخرى ونماذج اخرى تتضمن: ليس هناك شيء يحدث مصادفة .كل ذلك جزء من خطة كونية، كل ذلك لتثقيف النسل وعقلنة ادعاءات مثيرة للسخرية تفترض إن هذا أفضل عالم يمكن العيش به. كل ذلك التضليل له نفس الصلة الوثيقة والاهمال المقصود.
انا شخصياً ، ببساطة ، لا استطيع تخيل كيف أنه من التفكير الإيجابي أن اقول ذلك لنفسي عندما أحاور ذاتي وأتمنى أن يكون كل شيء يحدث لسبب ما. الاستنتاج الوحيد هو أنه كائن من يكون واضع ذلك التصميم أو تلك الخطة فإن تلك الاسباب قاسية، غريبة الاطوار ..وحشية وبلا قلب.
عقلنة الادعاء الشهير القائل بأن هذا أفضل عالم متاح يقود إلى المشكلة المسماة “معضلة الشر”
تستجدي معضلة الشر أجوبة لسؤال كيف يمكن لعالم يدار بالمعرفة والقوة والإله الرحيم أن يتضمن الشر أيضاً؟؟ هل يمكن لإله بهذه الصفات المطلقة أن يشرح كيف إنه يعرف بوجود الشر ويرغب في إيقافه؟ حل تلك المعضلة ليس بالأمر المعقول.
في تحفته الادبية من الكوميديا السوداء (كانديد/التفاؤل ) يظهر فولتير العظيم بصورة مذهلة كيف يمكن لقصور الخيال أن يكون باعثاً على الإيمان إن كل شيء يحدث لسبب.
وهنا مشهد من كانديد يشرح فيه نظرته للعالم بعد أن شهد زلزال لشبونة عام ١٧٥٥ وانفجار بركان قضى على اكثر من ١٠٠٠٠٠ إنسان:
“كل ذلك في صالحنا ..اذا كان هناك زلزال في لشبونة وليس في مكان آخر، من المستحيل أن تكون الاشياء بغير ما هي عليه، لذا كل شيء ملائم”
كل ذلك نتيجة لتحجيم الخيال، تصور إن كل شيء يحدث لسبب لا يدع مجالاً لإمكانية أن يكون ولو امر صغير بشكل افضل، سيكون الأمر رائعاً لو أن كل شخص عانى بشكل أقل.
سيكون الأمر افضل لو أن لشبونة وميناء أوبرنس ليسا ثيمة لنفس الألم وكارثة طبيعية تولد قدراً متساوياً من المأساة في التاريخ الحديث.
لا اريد لصوتي أن يبدو كما لو أني لا أفهم التحفيز الذي تولده جملة كل شيء يحدث لسبب. الإيمان بالرعاية العليا والخطة الكونية هي المواساة التي يرغب كل شخص بتقديمها لنفسه في مرحلة ما. سواء كان الأمر مرتبط بالإله ام لا.
الاستفادة والرعاية وخرق العادة أشياء مضت من طفولتنا وفقدناها عندما كبرنا لذا انا ببساطة اقول أنها ليست طريقة فضلى للحصول على مواساة واقعية.
شهد فولتير في الواقع ذلك الزلزال، وذلك الأمر غيره للأبد، لقد جعل ذلك موقفه اقوى في مواجهة مؤسسة التفاؤل السقيم.
أكد له ذلك أنه بينما يستطيع الكون أن يكون مختلفاً، فنحن لا يمكننا أن نكون مختلفين عما نحن عليه.
في روايته ” حوريات تيتان ” رسم كورت فونيكوت دين متخيل يمارس في كنيسة الرب ..والتي هي مختلفة كلياً حيث تقام الصلوات لتجنب موافقة الرب على الامنيات.. هذه هي صلواتهم:
” مولاي الاعلى، موجد الكون، محرك المجرات، روح الموجات الكهرومغناطيسية، تشهق وتزفر ما لا يمكن تصوره من حجم الفراغ، باصق النار والحجارة، مبدد الالفيات ماذا يمكن أن نفعل إليك وأنت بهذا البرود ؟ لا شيء! ماذا يمكننا أن نفعل لنجذب اهتمامك ؟ لا شيء !
أيها البشر ، لنبتهج بلا مبالاة خالقنا لأن ذلك جعلنا أحرار وحقيقيون وأجلاء في النهاية ”
لن يطول الأمر على غبي مثلي ليكتشف الشغف في مقولة احدهم يحبني في الاعلى ، دانيال دنيت بطل التفكير الحر يتفق مع جملتي الاخيرة.
المصدر: هنا