بقلم الكاتبة آن مورغان
ترجمة: رعد طالب
الكاتبة آن مورغان وضعت لنفسها تحدياً وهو قراءة كتاب من كل بلد في العالم في عام واحد. وتصف في هذا المقال تجربتها وما تعلمته. تقول آن: اعتدت أن أعتبر نفسي شخصا عالمياً ”كوزموبوليتاني“ لكن رفوف الكتب في بيتي علمتني شيئاً آخر، حيث وضعت في حساباتي أن أقرأ كتاباً من الـ 195 بلداً لمعرفة كل ما أفتقده من معرفة.
لم تكن لدي أدنى فكرة عن كيفية القيام بذلك، فجمعُ الكتب مما يقارب 200 بلداً أمر شاق؛ لذلك قمت بعمل مدونة وطلبت من الأصدقاء في أرجاء الكرة الأرضية أن يزودوني بعناوين أنجليزية من مختلف البلدان.
اسميت المدونة “سنة من القراءة” والاستجابة كانت مذهلة، فقد حصلت على المساعدة من جميع أنحاء الكوكب، وقد قام أشخاص بالبحث لساعات نيابة عني. بعض الأشخاص أرسلوا كتابات غير منشورة من رواياتهم، مما أتاح لي فرصة نادرة لقراءة كتب غير متوفرة لـ 62% من البريطانيين الذين لا يتحدثون سوى اللغة الانجليزية.
المهمة لم تكن سهلة حيث أن 4.5% فقط من الأعمال الأدبية التي نُشرت في انكلترا وايرلندا متوفرة ومنشورة باللغة الانجليزية .
الدول الصغيرة:
هناك دول كان من الصعب جداً العثور على ترجمات لمؤلفاتها وخصوصاً الدول الافريقية الناطقة بالفرنسية والبرتغالية، فهناك القليل جداً من المعروضات من دول مثل جزر القم، مدغشقر، وغينيا بيساو، وموزمبيق . أضطررت لعدد من الأعمال غير المنشورة لكتاب من هذه الدول، وكذلك الحال بالنسبة للجزر الصغيرة التي تشكل أمما مثل سان تومي، وبرينسيبي، وكذلك ساعدني فريق من المتطوعين من أوربا وأمريكا لترجمة بعض القصص القصيرة لبعض الكتاب لايجاد شيئاً ما لقراءته لبعض الثقافات!.
ثم أن هنالك أماكن من النادر أن يدونوا قصصهم وحكاياتهم، مثل جزر المارشال، حيث يتطلب أن تذهب إلى الرئيس “يسمى بالمحلية الايرويجي” لأخذ الأذن لسماع واحد من رواة القصص المحلية لالتقاطها ووضعها في كتاب. وبالمثل أيضاً في النيجر فالاساطير التقليدية حكراً على كبير الرواة، يسمى بالمحلية ”الكرويتس”، فالاصدارات المكتوبة قليلة لذلك تحتاج إلى الاستماع بنفسك ووضعها في كتاب.
كما أضطررت إلى الاتصال بالكاتبة جوليا دواني من جنوب السودان “الدولة التي تفتقر تماما للبنية التحتية من مدارس ومستشفيات والطرق، فقد استقلت قريباً بعد حرب أهلية طويلة”وقد كتبت لي جوليا قصصا قصيرة مفصلة عن بلادها.
استغرق تعقب هذه القصص الكثير من الوقت للقراءة والتدوين، وقد جلست غائمة العينين لليال عديدة لاتمّ هدفي بقراءة كتاب كل 1.87 يوماً.
لكن الجهد كان يستحق كل العناء الذي بذلته، فتجولت في طريقي”من خلال القراءة” بالمناظر الطبيعية والادبية لهذا الكوكب، لقد وجدت أني اتجول في الفضاءات العقلية للكتّاب، تجولت في المعابد البوذية الغريبة، تجولت من خلال انشغالات صبي راعي في جبال التاي في منغوليا، تجولت كذلك مع نو نو يي كدليل محلي، كذلك واجهت الاحتفالات الدينية في ميانيمار من منظور المتحولين جنسيا!.
على يد الكتاب الموهوبين، اكتشفت أني اسافر بدنيا وادخل الى عمق أفكار الذين يعيشون بعيداً في العالم وأرى العالم من منظارهم، لقد كانت التجربة أقوى من مئات التقارير الاخبارية، هذه القصص لم تفتح ذهني على التفاصيل الحياة في اماكن أخرى لكنها فتحت قلبي أيضاً للطريقة التي يشعر بها الناس وهذا بدوره غيّر تفكيري، فمن خلال قراءة القصص التي تشاركها معي الغرباء عبر العالم، ادركت أني لم أكن إنسانة معزولة لولعي بالكتب، لكني جزء من شبكة تمتد عبر انحاء العالم يشاركونني ولعي بالكتب.
لقد بدأت رحلتي كممارسة فكرية ثم تحول الأمر إلى شيء أكثر حيوية، حيث زرت أماكن مليئة بالحيوية والحب والضحك والغضب والحزن والخوف، أصبحت الأراضي التي كانت بالنسبة لي بعيدة ونائية، قريبة ومالوفة لدي، لقد تعلمت في أفضل الأحوال، أن الخيال يمكن أن يرسم عالما حقيقيا!..
رابط المقالة:
http://www.bbc.com/culture/story/20130715-reading-the-world-in-365-days