القلق الاجتماعي هو الثالث من حيث أكثر المشكلات العقلية انتشارا في الولايات المتحدة الأمريكية، في الواقع يوجد ما يزيد عن 19 مليون شخص مصاب بالقلق الاجتماعي الحاد، بينما يكتفي كل شخص طبيعي بالبحث عن الأعراض فقط دون أدنى محاولة لفهم طبيعة هذا المرض، أو إظهار أي مظهر من مظاهر التعاطف مع المصابين.
للمصابين بعض التصرفات التي قد تبدو لنا طبيعية، إنهم كسولون، يحب الواحد فيهم أن يعيش منعزلا، كما أنه ليس ودودا، دائم التوهم بالمرض أي لديه وساوس حيال إصابته ونتائجها، بالإضافة إلى ذلك فإن كل تصرفاته توحي بأنه ليس طبيعيا.
إن كان هناك شخص ما تهتم له، أو تعمل معه، يعاني من القلق الاجتماعي، فعليك أن تتعرف على أعراض هذا المرض وأن تدرك طبيعته، والبحث عن طريقة يمكنك بها تشجيع ومساندة هذا الشخص بدلاً من نقده واتهامه .
تتعرف في هذا المقال على 13 تصرف شائع للأشخاص المصابين بالقلق الإجتماعي، وكيفية التصرف حيال هذه التصرفات، بالإضافة إلى كيفية دعم المصاب .
1. يفضلون التعامل مع أشياء مألوفة وأعمال روتينية، وذلك بسبب سوء تكيفهم مع أي تغير اجتماعي جديد
المسائل الصحية العقلية لا تحدد بالضرورة شخصية الفرد، لأنها ببساطة تحدد جانب واحد فقط من شخصيته، ذلك لأن الشخص الذي يمر بمشكلة عقلية مثل هذه، يمكن أن يكون ذكياً، منتجاً، كما أنه يمتلك الكثير من الصفات الشخصية والمهنية، التي تصنفه كشخص إيجابي إلى حد ما . إدراكك لإيجابيته وثناؤك عليها يُوضح لهم أنك لا تهتم بهذه الصفة السلبية فقط ( قلقهم الإجتماعي ) بل تنظر لما هو أبعد من ذلك، تنظر لقيمتهم كأشخاص.
2. يصابون بالإرهاق والإجهاد سريعاً
كما أنهم ينامون بشكل أكثر، ويبدو عليهم الإجهاد، حتى أنهم لا يشاركون في أي نقاش حتى لو كان الشخص منهم نشيطاً في حالته الطبيعية، ويفضل الشخص منهم أن يقضي ساعات التمشية في أماكن آمنة خاصة به ( عادة في المنزل ) مفكراً في كم المواقف التي قد يجد نفسه متورطاً بها. ماذا سيقول إذا احرجَ لذلك في موقف ما؟ كيف سيتعامل مع أي اجتماع في العمل أو نقاش ما في الفصول المدرسية؟ عقلهم لا يتوقف أبدا عن هذا وذلك شيء منهك فعلاً !
عوضاً عن انتقادهم، ما رأيك في أن تضع نفسك مكانهم ؟ إنه أمر منهك أليس كذلك ؟ لذا بدلاً من انتقادهم خصص لهم جزءا من وقتك.
3. بإمكانهم الإنغلاق على أنفسهم أو الإفصاح والتعامل مع من حولهم
هذه آلية دفاعية نمتلكها جميعاً – قد لا تظهر في معظم الأحيان – البعض منا يغضب، البعض قد ينفعل ويبدأ في إلقاء اللوم بشكل قاس نوعاً ما.
لذا لماذا نستمر في انتقاد الأشخاص المصابين بالقلق الإجتماعي بسبب آليتهم الدفاعية الخاصة، هل لأنها مختلفة عن خاصتنا ؟ كجزء من تطوير تعاطفك تجاه هؤلاء الأشخاص يجب عليك أن تدرك أن لديهم ردود أفعال خاصة بهم تجاه الضغط، كما لدينا نحن .
4. إنهم خجولون بطريقة فظيعة
في الوقت الذي يتقبل فيه أي شخص يوم سئ بكل تفاصيله، يهتم الأشخاص المصابون بالقلق الإجتماعي بمنظرهم الخارجي، مقتنعين أنه يتم الحكم عليهم دوماً بالطريقة التي يبدون عليها. أتعلم ما يجب أن يكون رد فعلك الوحيد تجاه ذلك ؟ عليك أن تبدأ في مجاملتهم بشأن منظرهم الخارجي، أخبرهم بأن ملابسهم تبدو أنيقة جداً عليهم، وأن لون ما يرتدونه رائع جداً، امدح أي ميزة جسدية بهم بقدر ما تستطيع، هذا يعزز لديهم الثقة بالنفس والشعور بأنهم مقبولون.
5. سيكون لديهم المزيد من الوعكات الصحية لأن جهازهم المناعي معرض للخطر بإستمرار
UCLA study دراسة جديدة تظهر أن القلق الإجتماعي يشعل نشاط أجزاء معينة من المخ تؤثر على وظائف الجهاز المناعي .
استمرار نشاط هذه الأجزاء يؤثر سلباً على الجهاز المناعي، وتجعل الجسد معرضا للمرض والأوبئة بشكل كبير. بدلاً من أن تنقد أحد المصابين بالقلق الاجتماعي وتتهمه بأنه يدعي المرض، تفهم وتقبل بأن هناك خطب ما في جسده يسبب تكرار حالاته المرضية.
6. يستجيبون بطريقة مختلفة للمواقف المحفزة التي تعتبرها أنت طبيعية، أو حتى ممتعة
تذكر ، أظهرت دراسة جديدة أنّ الأشخاص المصابين بالقلق الإجتماعي هم في حالة ” تأهب قصوى” طوال الوقت، هذا يعني أن الضوضاء، الكثير من المحادثات، وتجمعات الأشخاص الضخمة هي أشياء تفوق طاقة احتمالهم ، لذا ستجدهم ينسحبون من هذه الأماكن، يلوذون إلى الفرار ويتملصون منها.
دراسة جديدة قام بها جوتشاك وهاير- كلاهما طبيب نفسي – معروفة في الطب النفسي، وهي تثبت أن الضغط على طاقة احتمال المصابين بالقلق الإجتماعي يرتبط دوماً بإنخفاض نشاطهم الإجتماعي وسط الناس . لذا فإنك إن حاولت إجبار أحد المصابين على نشاط اجتماعي ما ، فإنك هكذا تضعه أمام أصعب المواقف التي قد يمر بها . حاول أن تقلل هذه النشاطات التي يمكن أن تشركه بها، على الأقل لبعض الوقت .
7. متأقلمون مع فكرة أنهم يجدون صعوبة في التعامل مع أي تغيير جديد يحدث في حياتهم مهما كان نوعه
قد تشعر بأنك متحمس لتغير مهني جديد، أو انتقال إلى بلد جديدة ومغامرة جيدة. لكن على الرغم من ذلك فإن المصاب بالقلق الاجتماعي لن يشاركك نفس الحماس، إذ إن أي تغيير من هذا القبيل هو بمثابة تهديد خطير للأمان بالنسبة لهم، ويتوجب عليك أن تدرك ذلك . في وسط حماسك لا يمكنك التغافل عن القلق الذي ينتابه. عليك أن تجد طرق تجعل شريكك يتأقلم مع التغيير التدريجي، ويتشارك معك بعض المعلومات حول كيفية تنظيم هذا التغيير والانتقال لمكان آخر دون التسبب في أي فوضى. بذلك فإنهم يكتسبون بالتدريج خبرة في هذا المكان الجديد، حتى لا تطغى عليهم حالة القلق الإجتماعية.
8. يريدون ردود أفعال إيجابية تجاه نوبات القلق التي تصيبهم، لا أسئلة غامضة كـ ” هل ستكون بخير؟ ” ؟
إنهم لا يشعرون بأنهم في حال جيدة ، كما أنهم لا يطيقون أن يستمر أحدهم في طرح هذا السؤال عليهم ، عوضاً عن ذلك عليك أن تتدارك الحالة المفاجئة التي تطرأ على المصاب ، وأن تضيف تعليقات مطمئنة وإيجابية مثل ..
” لقد تعرضتَ لمثل هذه الحالات من قبل واستطعت تخطيها، ستقوم أيضا بتخطي الأمر هذه المرة. أنا هنا لتقديم أي مساعدة يمكن أن تحتاجها مني، حتى لو كنت تريد مني أن أتركك وشأنك سأفعل ذلك من أجلك”.
9. يتم تخزين المواقف المؤلمة التي تعرضوا لها من قبل ، في مكان معين في دماغهم يختلف عن المكان الخاص بتخزين مواقفنا
جميعنا معرضون للمواقف المؤلمة في حياتنا كموت شخص محبوب بالنسبة لنا، أو التعرض للابتزاز أو الإيذاء وسوء المعاملة. تجارب صعبة نتعرض لها في طفولتنا أو في فترة المراهقة كالحرب واللجوء. يخزن الشخص السليم هذه الذكريات المؤلمة في الأجزاء الأمامية من الدماغ، جهة اليسار، أما الشخص المصاب بالقلق الإجتماعي فإنه يخزن هذه الذكريات المؤلمة في المناطق الخلفية من الدماغ المسئولة عن الإدراك الحسي. ولهذا فإنّ المناظر، الأصوات والروائح الخاصة بهذه التجارب المؤلمة تظهر من جديد في ذهن الشخص المصاب عندما يتعرض لموقف مؤلم مشابه.
وهذا بحسب الدراسة التي نشرت في جريدة طب علم النفس الأمريكية بواسطة د.روث لانويث – جامعة ويستيرن أونتاريو – في يناير 2004 . لذا عليك أن تفهم أن الشخص المصاب بالقلق الإجتماعي لديه نوع من ” تكرار الحياة ” مما يعني أنه يعيش مواقفه المؤلمة أكثر من مرة، كما أنه يجد صعوبة في إدراك وتطوير حساسيته تجاه المواقف التي تحفز ذاكرته لتعيش هذه الذكريات من جديد.
10. يحتاجون لمساحة خاصة بهم
بينما تحاول أن تدفع الشخص المصاب للمشاركة في الأحداث والمواقف الاجتماعية، فإن هذا الشخص يحاول أن يتراجع أو ينسحب ليراجع بعض وجهات النظر الخاصة به ، ويسمح بإنشاء مشاركة تدريجية له في تلك النشاطات. من الأفضل أن تكون ردودك معه في هذه الحالة مشجعة مثل .. ” حسناً ، سوف أذهب بنفسي ، أنت ابقى هنا وسأراك لاحقاً ” ، هذا أفضل من أن تقول له .. ” أنا لا أفهم ما بك ! كل ما أطلبه منك هو أن ترافقني فقط للمشاركة في هذا الحدث ” توقف عن التركيز على احتياجاتك فقط ، وفكر في احتياجاته.
11. يعلمون أن مخاوفهم غير منطقية
لست مضطراً أن تذكرهم بهذه الحقيقة طوال الوقت، عوضاً عن أن يكون الرد ..” هذا جنون ” فكر في رد يثبت صحة مشاعرهم، مثلاً ” أنا أعرف بم تشعر الآن ، وأعرف أنك تريد التخلص من هذا الشعور، كيف يمكنني المساعدة في محو هذا الشعور من قلبك ؟ ” هذا يجعل الشخص المصاب يثق بك ويعبر عن مخاوفه، أفضل من تركه مكبوتاً، لأنّ الكبت لن يفعل سوى شيء واحد وهو زيادة الضغط عليه .
12. يخافون من مواقف اجتماعية جديدة لم يسبق لهم التعامل معها
الانشغال غير المنطقي بالمواقف الإجتماعية التي لم تحدث ولكن يمكن أن تحدث هي من الأعراض الرئيسية للقلق الإجتماعي . على سبيل المثال ، وصلت دعوة زفاف لشخص مصاب بالقلق الإجتماعي وحفل الإستقبال سيكون في أسابيع قليلة مقبلة ، على الفور فإن هذا الشخص ستنتابه الهواجس بشأن ذلك الحدث ، حيث سيقضي وقت مبالغ فيه يفكر فيما سيختار ليرتديه في هذا الحدث ! أي قصة شعر سوف يختارها ! من قد سيحضر هذا الحدث ايضاً ! ماهو المكان المخصص للجلوس في حفل الإستقبال وأين سأجلس وأين سيجلس الباقون ! ..إلخ .
لا يمكنك تغيير هذا الشعور لديهم لكن يمكنك تأييده وتوفير الاطمئنان له . قد تساعد في تحسين نفسيته بأن تعرض عليه مساعدتك له في اختيار الملابس التي سيرتديها ، قصة الشعر التي سوف تخفف من حدة مخاوفه .
طمأنة الشخص الذي وعدته بأن تظل ” دائماً إلى جواره ” خلال الحدث ، مهمة ، وعليك أن تفي بهذا الوعد معه .
13. سيتراجع إلى ” عزلته الآمنة ” كلما سنحت الفرصة
أهدت وسائل التواصل الإجتماعي للمصابين بالقلق الإجتماعي وسيلة تمكنهم من التواصل مع الأشخاص، كتابياً لا وجهاً إلى وجه. بدلاً من انتقادهم لقضائهم وقت طويل على فيسبوك أو تويتر أو في مشاهدة التليفزيون، اقترح عليهم الخروج للتنزه أو سهرة مميزة لعشاء ومشاهدة فيلم ما، هذه النشاطات ستعزز تفكيرهم بأنّ الخروج لقضاء بعض الوقت آمن كما هو الحال في المنزل أيضاً.
المصدر: هنا