ترجمة: Sarah.A / Amr Omran
بوستر: بهاء محمد
================
“كل إنسان لديه كل الحق ليعيش حياته الخاصة ، والحرب تدمر حيوات مليئة باللأمل”
علي الرغم من مساهماته الهائلة في العلم ،ألبرت آينشاتين لم يكن عبقرياً منعزل ، محادثاته وحرصه من اي وقت مضي ومساهماته وشركائه المتنوعين كالفيلسوف الهندي طاغور والفتاة الصغيرة من جنوب أفريقيا التي كانت تريد أن تكون عالمة.
في 1931 دعاه معهد التعاون الفكري لتبادل الأفكار في مجالات متعددة حول السياسة والسلام مع مفكر من إختياره.
وقد اختار سيجموند فرويد الذي ولد في 6 مايو عام 1856 ، وكان آينشاتين التقي به لفترة قصيرةعام 1927 وعمل معه ، علي الرغم من كونه متشككاً من التحليل النفسي ، الفيزيائي العظيم كان معجباً بفرويد.
عدة رسائل تبعت هذا اللقاء ، لمناقشة العموميات المجردة في الطبيعة الانسانية والخطوات المحتملة للتقليل من العنف في العالم.
وعلي منعطف من السخرية, المراسلات نشرت فقط في عام 1933 ، بعد هتلر الذي كان يريد ان يستخدم سلطته ليعاقب الاثنين بالمنفي.
في كتيب صغير محدود الطباعة أسمه “لماذاالحرب؟”. فقط 2000 نسخة تم طبعهم من الترجمة الانجيلزية والتي ضاعت معظمها أثناء الحرب.
لكن جوهر هذه المراسلات والتي تثير الدهشة انها غير مشهورة ، حفظت في مجلد عام 1960 يسمي “آينشاتين عن السلام” توجد في المكتبة العامة وتضم مقدمة من قبل برتراند راسل.
في رسالة مؤرخة 29 أبريل من عام 1931, آينشاتين يرثي حاله لفرويد:
أنا مُعجب كثيراً بشعفك للتأكد دائماً من الحقيقة, الشغف الذي هيمن علي كل شئ في تفكيرك. لقد أظهرت بوضوح لاشك فيه كيف ترتبط الغرائز العدوانية والتدميرية وانها شئ مُلزم في النفس الإنسانية مع الحب والشهوة للحياة. وفي الوقت ذاته, حججك المقنعة تُظهر عُمق تفانيك لتحقيق هدف عظيم للتحرر الداخلي والخارجي للإنسان من شرور الحرب. كان هذا أملنا العميق لأولئك الذي نعتبرهم قادة أخلاقيين وروحانيين خارج حدود حياتهم الخاصة وخارج وطنهم, من زمن المسيح الي زمن غوته وكانت. ليس امراً كبيراً ان يتم الاعتراف بمثل هؤلاء الرجال عالمياً علي أنهم قادة. على الرغم من أن رغبتهم في التأثير على مجرى الشؤون الإنسانية كانت غير فعالة تماماً؟
وأنا مقتنع بأن هؤلاء الرجال تقريباً من العظماء الذين حققوا إنجازتهم, ومعروفين بأنهم قادة حتي لو كانت مجموعات صغيرة تتشارك نفس القيم. ولكن كان لديهم تأثير صغير يُذكر على مجرى الأحداث السياسية. يبدو تقريباً أن هذا النطاق من النشاط البشري هو الأكثر أهمية لمصير الدول ولا مفر منه في يد حفنة من السياسيين عديمي المسئولية.
القادة السياسيين أو الحكومات يدينون بسلطتهم إما لاستخدامهم القوة او لانتخابهم عن طريق الجماهير. لايمكن اعتبار مثل هذه الاسباب كعناصر معنوية واخلاقية للتفوق في الأمة. في وقتنا, النخبة الفكرية لا تمارس أي نوع من التأثير المباشر على تاريخ العالم, والحقيقة المؤكدة انه بالتقسيم الي عدة نُخب وفصائل يجعل من المستحيل لاعضائها من التعاون في حل مشكلات اليوم.
وقد ناقش ان الوسيلة الوحيدة الايجابية للتقدم هو من خلال إنشاء “مُنظمة مجانية من الرجال الذين يقدمون ضماناً علي قدرتهم ونزاهة عملهم من خلال عملهم وإنجازاتهم السابقة”, لقد تصور قوة بهذه الكيفية قبل عقود من وسائل الاعلام الاجتماعية وتمكن من إعطاء نظرة مُقربة للعالم اليوم:
مجموعةمن النظام الدولي, والذي اعضائه سيظلوا علي اتصال ببعضهم البعض من خلال التبادل المستمر للآراء, ومن الممكن ان تكتسب وجهة نظر هامة وتأثير أخلاقي جيد علي حل مشاكل السياسية لو امتلكت أساليب معينة خاصة بها, بدعم من توقيعات الأعضاء المؤيدين لها, والتي يتم الادلاء بها صحافياً امام عامة الجماهير. وبالطبع مثل هذه المُنظمة ستعاني من العيوب التي كثيراً ما أدت الي انحطاط في المُنظمات العلمية, الخطر الذي من الممكن ان يقوده هذا الانحطاط, مع الاسف الوقت الحالي من اي وقت قد مضي نحن نختبر عيوب في الطبيعة الإنسانية. مع ذلك وبالرغم من كل هذه العيوب, يجب علينا علي الاقل ان نحاول تشكيل مثل هذه المنظمة علي الرغم من كل هذه المخاطر؟ يبدو ذلك أنه واجب حتمي علينا!
أنا أعرض عليك هذه الاقتراحات عوضاً عن أي شخص في العالم, لأن إحساسك بالواقع ليس محجوب بغمامة بسبب تفكيرك الإيجابي وتقديرك لتغيير مما هو ليس عليه بعض الأشخاص الآخرين ولأنك تجمع بين صفات الحس النقدي, الجدية والمسؤولية.
الصيف التالي, آينشاتين دعي رسمياً فرويد للمشاركة في معهد لتبادل التعاون الفكري, نقدملكم نص موجز:
هذه هي المشكلة: هل هناك أي طريقة لحماية البشرية من خطر الحرب؟ فمن المعروف أنه مع تقدم العلم الحديث، هذه المسألة أصبحت مسألة حياة او موت بالنسبة للحضارة التي نعرفها، مع ذلك كل محاولة لإثارة غيرة الجماهير وإيجاد حل أنتهت بشكل مأساوي يُرثي له.
وقد فسر لماذا كان يسعي وراء لفرويد:
أولئك الذين مكلفون لمعالجة المشكلة عملياً ومهنياً يزدادون إدراكاً لعجزهم في التعامل معها, والآن لدينا رغبة حيوية جدا لمعرفة وجهات نظرالرجال الذين يريدون إمتصاصها بواسطة السعي وراء العلوم, يمكن أن نري مشاكل العالم من منظور جديد. بالنسبة لي, ويتمثل الهدف الطبيعي وراء أفكاري أنه لم يقدم أي فكرة ثاقبة عن الأماكن المُظلمة في إرادة الإنسان وشعوره. بالتالي, عن طريق الاستبيان المقترح الآن, أستطيع أن أفعل أكثر من السعي وراء هذا السؤال لتوضيح هذه القضية وتمهيد أرض الواقع لحلول أكثر وضوحاً, لتُمكنك من جلب ضوء معرفتك بعيدة المدى عن حياة الإنسان الغريزية وتمارسها علي المُشكلة. هناك بالتأكيد عوائق نفسية مثل وجود شخصاً عادياً في مجال العلوم العقلية قد يكون محتملاً ضمن حدود ضيقة من التخمين, ولكن الذي يحدد أوجه الترابُط والتقلبات سيكون عاجز عن سبر الأغوار, أنا مُقتنع أنك ستقترح أساليب علمية, ملقاة بشكل او بآخر عن المنظوُر السياسي, والتي ستُزُيل تلك العقبات.
آينشاتين, كان يصف نفسه بقوله “أنا احد الاشخاص الذي لديه مناعة من التحيز الوطني,” ويطرح أفكاره الخاصة لعلها قد تحتوي على الحل. هيئة التشريعية والقضائية الدولية, التي من شأنها تسوية جميع النزاعات بالتراضي, ولكنها تشعر بالإنزعاج من التحديات التي تواجه هذا المفهوم:
هذه هي الحقيقة التي علينا أن ندركها, القانون والقوة سيسيران سوياً لامحالة, والقرارات القضائية تقترب أكثر نحو العدالة المثالية التي يُطالب بها المجتمع (الذين عن إسمهم ومصالحهم سيكونان واضحين عند الأحكام الصادرة) طالما أن المجتمع لديه قوة فعالة لإلتزام الإحترام فيما يتعلق بمثالية القانون. لكن في الوقت الحاضر نحن بعيدون كل البعد عن إمتلاك أي منظمة تتجاوز الحدود الوطنية المختصة لإصدار الأحكام من سلطة لا تقبل الجدل لتنفيذ أحكامها. وبالتالي انا بقيادة حقائق مٌقررة ومسلم بها: إن السعي للأمن الدولي يتضمن الإستسلام غير المشروط من قبل كل أُمة, في تدبير معين من حرية عملها. -وهذا يعني سيادتها- ومن الواضح بعيداً عن كل الشكوك أنهلا يوجد طريقة أُخرى يمكن أن تؤدي إلى مثل هذا الأمان.
,(today’s heated debates on gun control) قبل وجود برنامج
آينشتاين يشير إلى الجماعات المؤيدة لحمل السلاح باعتبارها المتهم الرئيسي في إعاقة العمليةالتشريعية في هذه المدينة الفاضلة:
الرغبة في تناول السلطة الذي تتسم به الطبقة الحاكمة في كل دولة هو معاد ضد أية قيود على السيادة الوطنية. وغالبا ما يكون هذا الجوع للسلطة السياسية مدعوم من قبل أنشطة مجموعة أخرى, والتي تكون تطلعاتهم متوقفة علي الجشع, وأعمال إقتصادية. لدي خصوصاً في اعتباري مجموعة صغيرة ولكنها عازمة, نشطة في كل أُمة, تتألف من أشخاص غير مبالين بالاعتبارات والقيود اجتماعية, تتعلق بالحرب, وتصنيع وبيع الأسلحة, ببساطة مُناسبة لتعزيز مصالحهم الشخصية وتوسيع سلطتهم الشخصية…. سؤال آخر يلي ذلك أصعب من الذي سبق: كيف يمكن لهذه الزُمرة الصغيرة أن تثني إرادة الأغلبية؟, الذين يقفون برغم خسارتهم ومعاناتهم بسبب الحرب, لخدمة جشعهم…. وإجابة واضحة علي هذا السؤال ستبدو كأنها من الأقلية, الطبقةالحاكمة في الوقت الحاضر, تمتلك المدارس والصحافة, عادة الكنيسة أيضاً, تحت إصبعها. وهذا يمكنك من التنظيم والتأثير علي عواطف الجماهير, وتجعل منهم أدوات.
وصل آينشاتين الي سؤاله الرئيسي لفرويد:
هل من الممكن السيطرة على التطور العقلي للشخص من أجل مكافحة هوس الكراهية والدمار؟ بأي حال من الأحوال كل تفكيري مُنصب علي الجماهير الغير مُثقفة. والتجربة تثبت أنه بالأحرى كل من يُسمون بـ ” النخبةالمثقفة” هو أن معظمهم عرضة لإطلاق هذا الكم من الاقتراحات الكارثية. حيث أن المثقفين لا يوجد لديهم إتصال مباشر مع الحياة العادية لكنها تصادف انه اسهل حل في شكلها التركيبي – ولكن إذا أعتمدنا علي صحف النشر سيكون لدينا هنا أفضل فرصة لإكتشاف السبل والوسائل لحل جميع مصاعب النزاعات العسكرية.
وأنا أعلم أن في كتاباتك قد نجد إجابات هذه الأسئلة, صريحة أو ضمنية, واستيعابها في حل هذه المشكلة الملحة. ولكن سيكون أعظم خدمة لنا جميعاً لو أستطعتم تقديم وعرض مشكلة السلام العالمي في ضوء الاكتشافات الأخيرة, ولمثل هذا العرض أن يشق درب لأساليب جديدة ومثمرة للعمل في جميع المسائل الذي تتعلق بهذا الشأن.
بعد عدة أسابيع, في 12 سبتمبر 1932, تلقي آينشاتين خبراً من ليون ستاينيج, من عصبة الأمم الرئيسية التي سهلت هذه المراسلات, أن فرويد كان مهتماً بمجال تبادل الأفكار, مع الاعتبار أن ما قاله قد يكون متشائماً جداً في رأي الناس لكنه لا يستطيع أن يلطف الحقائق الغير مريحة:
“طوال حياتي لقد كنت أقول للناس الحقائق التي كان من الصعب عليهم إبتلاعها. والآن وأنا رجل عجوز, أنا بالتأكيد لا أرُيد أن أخدعهم”.
بعدها أكد آينشتاين لفرويد أنه يسعى لرد فعال من الناحية النفسية بدلاً من رد متفائل, المراسلات كانت في ذروتها وفرويد كتب لاحقاً في شهر سبتمبر:
عزيزي السيد آينشتاين: عندما علمت عن نيتك من دعوتك لي لتبادل وجهات النظر بناءاً علي موضوع تهتم به شخصياً لكنه يبدو أنه يستحق, وهو أيضاً لخدمة الصالح العام, أنا وافقت علي الفور. كنت أتوقع منك أن تختار مشكلة في حدود قابلة للمعرفة والعلم, وكما يبدو عليه اليوم هو موضوع كل واحد منا, عالم الفيزياء وعالم علم النفس, قد نقترب منه لزاوية قريبة لنلتقي أخيراً علي أرض مشتركة, علي الرغم من إختلاف أمكاننا. وبالتالي فإن السؤال الذي كنت قد سألته لي -هل هناك أي طريقة لحماية البشرية من خطر الحرب؟- لقد كان مُفاجئ لي. كنت مصعوق وشعرت بالعجز الفكري بخصوص هذا الشأن, وقد وقعت عليا هذه المسألة بأنها مسألة ضمن السياسة العملية, والدراسة في دولة مُناسبة. ولكن بعد ذلك أدركت أنك لم تثير هذه المسألة في مجال الفيزياء بصفتك عالم فيزيائي, ولكن كعاشق لزملائه من الرجال… لكني ذكرت نفسي أنه لم يتم إستدعائي لصياغة مُقترحات علمية. لكن بدلاً من ذلك كيف سيكون وقع هذا السؤال عن منع الحروب علي أُذن طبيب نفسي.
ثم يصف فرويد نظريته في مسار تطوري عن العنف:
أن تبدأ مع العلاقة بين القوة والحق, وهذه هي بالتأكيد نقطة الانطلاق المناسبة لبحثنا. ولكن لتعريف القوة, أود أن تحل محلها كلمة أكثر صرامة وأكثر تعبيراً: وهي العنف. بين الحق والعنف لدينا الآن تناقض واضح. فمن السهل أن تثبت أن واحد قد تطور من الآخر, وعندما نعود إلى الأصول ونفحص الظروف البدائية, حل المشكلة سيتبع ذلك وسيكون بسهولة كافية.
….
تضارب المصالح بين الإنسان وأخيه الإنسان يتم حلها مبدئياً قبل اللجوء للعنف, وهو كذلك أيضاً في مملكة الحيوان, لذلك الإنسان لايستطيع أن يُطالب بإقصاء رأي معين, مع ذلك البشر هم أيضاً يبدئون صراعات الآراء وتتلامس الآراء في بعض الأحيان, أسمى قمم التفكير المجرد التي تبدو أنها دعوة للتسوية بإيجاد طريقة مختلفة تماماً. ومع ذلك هذا التحسين هو تطور في وقت متأخر. في البداية كانت قوة ونفوذ مجموعة معينة هي التي تُحدد ذلك في المجتمعات الصغيرة, تحديد نقاط وشروط حق الملكية وانها تتعلق بإرادة الإنسان لكي يسود. وقريباً جداً ستُطبق القوة المادية عليها, ثم ستستبدل, عن طريق إستخدام ملاحق مختلفة, وقد أثبت أن المُنتصر هو الذي يستخدم سلاح أفضل أو تعامل معه بمهارة فائقة. والآن ولأول مرة, مع قدوم وإتاحة الأسلحة بدأت العقول المتفوقة للإطاحة بالقوة الوحشية, ولكن دافع وغاية الصراع يبقي علي حاله: طرف واحد يخضع للقيود, بسبب الإصابة التي حدثت له او لإعتلال قوته, لتراجعه عن إدعاءاته أو رفضه. وأكتسبت هذه الغاية فعالية أكثر حتماً عندما يتم وضع المنافس بعيداً عن العمل. وبعبارة أخرى يُقتل. هذا الإجراء له ميزتان: العدو لا يمكنه تجديد الأعمال العدائية وثانياً مصيره يمنع الآخرين من أن يحذوا حذوه. علاوة على ذلك ذبح الخصم يمتع شهوة غريزية …. ولكن يتم بالأخذ بعين الإعتبار الوقوف أمام هذه الإرادة للقتل: إمكانية إستخدام العدو للقيام بمهام إخضاعية إذا لا بد من كسر روحه لتنجي حياته. هنا سيتنفس العنف بداخله لكن ليس في العنف ولكن في الإخضاع. وبالتالي انطلاقة تتمثل في إعطائه روحه مأوي. ولكن المُنتصر سيحتاج من الآن فصاعدا الي حاجة لا يُستهان بها وهي رغبته الملحة في رؤية الانتقام التي يثير غضباً في ضحيته, وتعريض سلامته الشخصية الي حد الخطر.
في تتبع كيفية تطور الحضارة من “العنف الوحشي، أو العنف المدعوم من الأسلحة” بالنسبة للقانون, يقول فرويد أن تحديد الهوية المشتركة والإحساس بالانتماء للمجتمع هو معقل أفضل من أجل من القوة:
يمكن التغلب علي القوة الغاشمة بواسطة الإتحاد, القوة العاتية للتحالف بين الوحدات المبعثرة يجعل فرصتها جيدة ضد جبروت العملاقة المعزولين. وبالتالي يمكننا تعريف كلمة”حق” (i.e., law) علي نحو قوة المُجتمع.
ومع ذلك أيضاً هو شكل من أشكال العُنف, سيكونوا سريعين في مهاجمة أي أفراد يقفوا في طريقهم, وتستخدم الأساليب عينها, وتتبع غاياتهم, ولكن مع فارق واحد: وهي الطائفية وليست الفردية وهو شكل آخر من أشكال العُنف لديه طريقته الخاصة. ولكن للإنتقال من عهد العنف الصريح إلى عهد القانون, يجب الوصول ألي حالة نفسية مُعينة. يجب أن يكون إتحاد الأغلبية مستقر ودائم. إذا كان السبب الوحيد هو إضطرابها بسبب بعض الأفراد المُتعجرفين بعد الإطاحة بهم سيتم حل المشكلة وأن بوجودهم سيؤدي هذا الي لاشئ. ورجل آخر واثق من أن سُلطته المتفوقة سوف تسعى إلى إعادة سيادة العنف, وهذه الدورة سوف تُكرر نفسها بإستمرار. وبالتالي يجب أن يكون إتحاد الشعب دائم ومنظم تنظيماً جيداً, يجب أن تُسن قوانين لمواجهة مخاطر التمردات المحتملة, يجب إنشاء آلية للتأمين على نظامها الداخلي–القوانين- ويلاحظ ان عمليات العٌنف التي تُرتكب يجب أن تخضع للقوانين وتتم وفقاً للأصول المرعية. هذا الاعتراف من المجتمع المحلي لأصحاب النفوذ والمصالح سيولد بين أعضاء المجموعة مشاعر الوحدة والتضامن الأخوي الذي يشكل قوتها الحقيقية…. لقد حددت علي ما يبدو لي لُب هذه المسألة: يتم قمع القوة الغاشمة من قبل تسليم السلطة إلى مجموعة أكبر مبنية علي مجتمع مترابط بين آراء أعضائه.
ولكن يشير فرويد ألي هذه النقطة, بأنه أسهل من الناحية النظرية عن الناحية العملية, لأنه يفترض وجود مجتمع قائم علي التساوي ولكن معظم الجماعات لديها إختلال في ميزان القوة المتأصلة بين أفرادها, مما يؤدي إلى صراع لا مفر منه:
من ذلك الحين فصاعداً يوجد داخل الدولة اثنين من العوامل تعمل علي السماح لزعزعة الإستقرار بالحدوث, ولكن مع التطور التشريعي أيضاً: أولاً, المحاولات من قبل أعضاء الطبقة السائدة لوضع أنفسهم فوق القانون والقيود المفروضة, وثانياً, النضال المستمر من المحكومين لتمديد حقوقهم ومعرفة كل المكاسب المتجسدة في القانون, وإستبدال المعوقات القانونية بموجب قوانين تُقدم المساواة للجميع.
من هذا، يُلاحظ فرويد نتائج المفارقة العجيبة حول السلام:
لايُمكن تبني أي حُكم واحد يمكن أن يُمرر بسبب مطامع الحروب, البعض أعجبه الحرب بين المغول والأتراك, وقد أدي ذلك الي شقاء تام, ومع ذلك هناك آخرين عملوا على الإنتقال من عصر العنف إلى عصر القانون, لأنها قدمت وحدات حفظ السلام الي حيز الحياة, الذي يحد من اللجوء إلى العنف وحظره وتم تحديد نظام جديد لحل كافة المنازعات. وبالتالي الفتح الروماني كان نعمة بالنسبة لهم, كان يسمي (سلام الرومان – Pax Romana )
إلى أراضي البحر الأبيض المتوسط, رغبة الملوك الفرنسيين للتوسع لخلق فرنسا الجديدة, لتزدهر في سلام ووحدة. هو تناقض كما يظهر, لكن يجب علينا أن نعترف بأن الحرب قد تستخدم بشكل جيد لتمهيد الطريق إلى السلام الدائم الذي ننشُده, لأنالحرب هي التي تجلب الإمبراطوريات العظمى الي حيز الوجود, لأن الحرب تُشرع الحُدٌود من قبل كل قوة مركزية.
فرويد يجلب نظريته إلى المأزق الحالي, يقترح أنه لايوجد إلا طريقة واحدة معينة لإنهاء الحرب, -ينشأ بتوافق الآراء هيئة مركزية للرقابة تعمل على حل جميع تلك النزاعات. ولكن هذا يتطلب شروطاً معينة, والتي تظل باقية- كما هو الحال اليوم غير مُلباة:
ولهذا نحتاج ألي شيئين: أولاً, إنشاء محكمة عليا من القضاء.. ثانياً, الإستثمار مع القوة التنفيذية التابعة بقدر كافي. إلا إذا تحقق الشرط الثاني, الأول سيكون غير مُجدي. ومن الواضح أن عصبة الأمم, بصفتها محكمة عُليا تُحقق الشرط الأول, لكنها لاتُحقق الثاني. لأنها ليس لديها النفوذ الموجود تحت تصرُفها، ويمكن فقط الحصول عليه إذا كان الأعضاء من الهيئة الجديدة, ويتم تزويدهم عن طريق الأُمم المؤسسة, وكما تتضح الأمور فإن هذا أمل بائس. لا يزال يتعين علينا إتخاذ رأي قصير المدي للغاية من عصبة الأمم وعلينا أن نتجاهل حقيقة ان هذه تجربة وانها نادراً ماتكون موجودة – لم تحدث من قبل, وربما على هذا النطاق – يتم الشروع في تغيير مجري التاريخ. فهي محاولة للحصول على السلطة (وبعبارة أُخري تأثير قسري) التي يتم وضعها حتى الآن على وجه الحصر في حيازة السلطة فقط. عن طريق إفساح المجال لمواقف معينة لإستدعاء رأي العقل المثالي…. هناك نوعان من عوامل التماسك في المجتمع: الإلزام العنيف وعلاقات قائمة علي العاطفة (“تحديد الهوية” عن طريق لُغة فنية) بين أعضاء المجموعة, إذا كان أحد هذه العوامل أصبح غير قابل للتنفيذ, ومن جهة أخرى قد لا يزال كافياً الاحتفاظ بمجموعة معاً”.
….
وفي عصرنا هذانحن ننظر بلا جدوى نحو فكرة التوحيد طالما لانستطيع مُسآلة السُلطة. فمن الواضح تماماًأن الأفكار القومية فائقة الأهمية اليوم في كُل بلد, وتعمل في إتجاه معاكس تماماً.هناك بعض الذين يرون أن مفاهيم الثورة البلشفية قد وضعت حداً للحرب, ولكن, كما هي حال الأشياء الآن, هذا الهدف يكمُن بعيداً جداً, وربما يمكن أن يتحقق بعد فترة من الحروب الضارية الوحشية.وبالتالي يبدو أن أي جهد يُبذل لإستبدال القوة الوحشية من قبل قوة مماثلة في ظل الظروف الحالية سيكون مصيرها الفشل. منطقنا معرض للخطأ إذا تجاهلنا حقيقة أن الحق يقوم على القوة الوحشية وحتى اليوم نحن في حاجة الى العنف للحفاظ عليه.
ثم يحدد فرويد الجزء الاكثر اثارة للاهتمام من نظريته, والذي يتعامل مع القدرة المزدوجة للخير والشر في الطبيعة البشرية, ويناقش بأن هذه القوتين المتعارضتين تعملان بإنسجام ضروري:
نحن نفرض بأن الغزائر البشرية هي نوعين: تللك التي تحمي وتوحد, والتي ندعوها “شهوانية” (في المعنى الذي اعطاه أفلاطون لأيروس في محاوراته), او “جنسية” (تمديد صريح للمفهوم المعروف للـ”جنس”): وثانياً, غرائز التدمير والقتل, والتي نستوعبها مثل الغرائز العدوانية او المدمرة. هذه هي, كما تتصور, الأضداد المعروفة, الحب والكراهية, تحولت الى كيانات نظرية: التي هي, ربما, جانب أخر من التناقضات الأبدية, الجذب والتنافر, والتي تقع ضمن مجالك. لكن يجب أن نحذر من العبور على عجل الى مفاهيم الخير والشر. كل واحد من هذه الغرائز هو على مثقال ذرة لاغني عنه كما هو نقيضه, وجميع ظواهر الحياة هي مشتقة من نشاطهم, سواء أنهم يعملون بأنسجام او بتناقض. يبدو أن غريزة من أي من الفئتين يمكن أن تعمل, ولكن نادراً, في عزلة: هي دائما ممزوجة (“مخلوطة” كما نقول) مع جرعة معينة من نقيضها, والذي يعدل هدفها او حتى, في ظروف معينة, هو الشرط الرئيسي لتحقيق هدفها. وبالتالي فأن غريزة الحفاظ على النفس هي ذات طبيعة شهوانية, ولكن لكسب هدفها, هذه الغريزة تتطلب عمل عدواني. في نفس الطريقة, غريزة الحب, عندما توجه الى شيء ما, فأنها تدعو الى مزيج من غريزة التملك أذا كان لها أن تحوز بفعالية على هذا الشيء. الصعوبة في عزل نوعين اثنين من الغريزة في مظاهرهم هي التي منعتنا طويلاً من تمييزهم… فقط على نحو أستثنائي يقوم فعل بأتباع تحفيز غريزة واحدة, والتي هي في حد ذاتها مزيج من أيروس والتدمير. كقاعدة, عدة دوافع ذات تكوين مماثل تتفق على أحداث الفعل.
هو يربط هذا بالدينامية الدولية للحرب:
عندما تستدعي دولة للدخول في حرب, سلسلة كاملة من دوافع الأنسان قد تستجيب الى هذا النداء-دوافع عالية ومنخفضة, بعضها يُعترف بها علانية, وأخرى تكون مدغمة أكثر. الشهوة للعدوانية والدمار هي بالتأكيد متضمنة: قساوات التاريخ التي لاتعد ولاتحصى, وحياة الأنسان اليومية, تؤكد تفوقه وقوته. تحفيز هذه النزعات التدميرية من خلال المناشدة للمثالية, والغريزة الشهوانية طبيعياً تسهل أطلاقهم. التأمل في الفظائع المسجلة على صفحة التاريخ, نحن نشعر بأن الدافع المثالي غالباً قد خدم كتمويه لغبار الدمار, في بعض الأحيان, كما هو الحال مع وحشية محاكم التفتيش, يبدو أنه في حين الدوافع المثالية أحتلت مقدمة الوعي, لقد سحبو قوتهم من الغرائز التدميرية المغمورة في اللاوعي. كلا التفسيرين ممكن.
مع وضع المداولات الفوقية جانباً, فرويد يقدم نقطة مؤثرة وبصيرية عن الشبه بين العلم والفلسفة:
كل هذا قد يعطيك الأنطباع بأن نظرياتنا تعادل نوع من الاساطير القاتمة! لكن أليس كل العلوم الطبيعية تؤدي في النهاية الى هذا النوع من الاساطير؟ هل هي على خلاف ذلك اليوم مع علومك الفيزيائية؟
في الواقع, تتواجد علاقة مشابهة بين علم النفس والعقيدة الدينية, وفي القاسم المشترك الضمني لهم, يجد فرويد الجواب المقترح لسوأل أينشتاين الأساسي, السوأل الذي يجسد الخطاب المبدع لشابلن من الديكتاتور العظيم, معلناً “نحن نريد أن نعيش بسعادة بعضاً الأخر, وليس ببؤس بعضاً الأخر.”:
من أساطيرنا للغرائز, قد نستنتج بسهولة صيغة للطريقة الغير مباشرة لأستبعاد الحرب. اذا كان الميل للحرب نتيجةً لغريزة التدمير, فلدينا دائما عامله المضاد, أيروس, بين أيدينا. كل هذا ينتج علاقات من المشاعر بين الأنسان, والأنسان يجب أن يخدمنا كترياق للحرب. هذه العلاقات هي نوعين. أولاً, العلاقات تجاه شيء محبب, مع ذلك تكون النوايا الجنسية خالية. لا تشعر حاجة التحليل النفسي بالندم عند ذكر “الحب” في هذا الصدد, الدين يستخدم نفس اللغة: حب لقريبك كما تحب لنفسك. نصيحة ورعة, من السهولةِ أعلانها, ولكن من الصعوبةِ تنفيذُها! الرابط الأخر من المشاعر هو عن طريق تحديد الهوية. كل ذلك يبرز التشابه الكبير بين نداءات الرجال لتمثيل هذا الشعور من الوحدة, تحديد الهوية, حيث يوجد بمقدار كبير في الصرح الكامل من المجتمع البشري.الرجال ينقسمون الى قادة والى الذين تتم قيادتهم والذي هو مظهر أخر لعدم المساواة الفطرية والغير قابلة للعلاج. تشكل الطبقة الثانية الغالبية العظمى, هم يحتاجون الى قيادة عليا تقوم بأتخاذ القرارات لهم, والتي هي قرارات يذعنون لها عادة دون أعتراض. في هذا السياق, نود أن نشير الى أن الرجال يجب أن يقومو بجهد أكبر من ذي قبل من أجل تشكيل طبقة عليا من المفكرين المستقلين, غير قابلة للترهيب و متحمسة للسعي من اجل الحقيقة, وظيفتهم ستكون توجيه الجماهير المعتمدة على قيادتهم. لاتوجد هناك حاجة لتوضيح مدى قلة تشجيع حكم السياسيين وحظر الكنيسة على حرية الفكر في تشجيع مثل هذا الابداع الجديد. من الواضح ان تتواجد الظروف المثالية في مجتمع حيث كل رجل يقوم بأخضاع حياته الغريزية لما يمليه العقل. لا شيء أقل من هذا يمكنه أحداث أتحاد شامل ومتين بين الرجال, حتى لو كان هذا ينطوي على قطع علاقات المشاعر المتبادلة. ولكن بالتأكيد, مثل هذا الأمل هو طوباوي تماماً, كما هي الامور. الطرق الأخرى الغير مباشرة لمنع الحرب هي بالتأكيد أكثر جدوى, ولكنها لا تتطلب نتائج سريعة. أنهم يستحضرون صورة قبيحة لمطاحن تطحن ببطء جداً بحيث أنه قبل أن يكون الطحين جاهز, يكون الرجال قد ماتو من الجوع.
على الرغم من مزاجه العام البائس, فرويد يهتم بأن يشير لماذا بحث أينشتاين هو جدير بالأهتمام:
كل رجل لديه الحق على حياته الخاصة, والحرب تدمر الحياة التي كانت مليئة بالوعد, أنها تجبر الفرد على الدخول في مواقف تجلب العار لرجولته, تلزمه أن يقتل رفاقه الرجال رغماً عن أرادته, أنها تتلف وسائل الراحة المادية, ثمار كدح الأنسان الى جانب الكثير. وعلاوة على ذلك, الحروب, كما تجري الأن, لا تحمل أي مجال للأعمال البطولية وفقاً للمثل العليا القديمة, وبالنظر الى التحسن العالي للأسلحة الحديثة, الحرب اليوم تعني الأبادة المطلقة لأحد المقاتلين, أن لم يكن للأثنين معا. هذا حقيقي جداً, وواضح جداً, بحيث لا يمكننا الا أن نتسائل لماذا فعل الحرب ليس محظور بموافقة عامة.
بالنظر الى القول المأثور الشهير عن الحدس بدلاً من العقلانية, يعزى في كثير من الأحيان, ومن المحتمل نسبه عن طريق الخطأ الى أينشتاين-“العقل البديهي هو هبة مقدسة, والعقل المنطقي هو خادم مخلص. لقد أنشأنا مجتمع يحترم الخادم وينسى الهدية.”- من المثير للأهتمام أن فرويد يشير الى القمع الفكري للغريزة بأنه السمة المميزة للتقدم البشري:
التنمية الثقافية للبشرية (أنا أعلم أن البعض يفضل أن يسميها تمدن), انها في تقدم منذ العصور القديمة السحيقة. لهذه العملية, نحن ندين كل ما هو الأفضل في تكويننا, ولكن أيضاً الكثير منها هو ما يخلق معاناة الأنسان. أصولها وأسبابها غامضة, مشكلتها غير مؤكدة, ولكن بعض من خصائصها من السهولة أدراكها. قد تقود بشكل جيد الى أنقراض الجنس البشري, لأنها تضعف الوظيفة الجنسية في أكثر من مجال واحد, وحتى اليوم, الأعراق الغير حضارية, والطبقات المتخلفة من كل الأمم تتضاعف بسرعة أكبر من العناصر المثقفة. … التغيرات النفسية التي تصاحب هذه العملية من التغيير الثقافي هي ملفتة للنظر, ولايمكن أنكارها. أنها تتكون في الرفض التدريجي للأهداف الغريزية و تقليص ردود الفعل الغريزية. … على الجانب النفسي, أثنان من ظواهر الثقافة الأكثر أهمية هما, أولاً, تعزيز الفكر, والذي يميل الى السيطرة على الحياة الغريزية لدينا, وثانياً, انطواء الدافع العدواني, مع كل مايترتب من ذلك من منافع ومخاطر. الأن الحرب تدار بشكل قاطع عكس النزعة النفسية المفروضة علينا من قبل نمو الثقافة, لذلك نحن ملزمين بالإمتعاض من الحرب, حيث نجدها لاتطاق تماماً.
في ضوء العالم الذي تمزقه الصراعات اليوم, أستنتاج فرويد يصدى بعدم راحة مؤلمة:
كم علينا أن ننتظر قبل أن يتحول بقية الرجال الى رافضين للعنف والحرب؟ من المستحيل القول, مع ذلك ربما أملنا في أن هذين العنصرين – نزعة الرجل الثقافية و الرهبة الموجودة بالشكل الذي سوف تتخذه الحروب المستقبلية- قد تساعد على وضع نهاية للحرب في المستقبل القريب, بأنه غير وهمي. ولكن ما هي الطرق او الطرق الفرعية التي ستحقق هذا, نحن لا نستطيع التخمين. في هذه الاثناء, نحن قد نرتكز على ضمان بأن كل ما يصنع التنمية الثقافية, هو ايضاً يعمل ضد الحرب.
في الثالث من ديسيمبر 1932, آينشتاين أجاب في رسالة حميمة:
لقد كسبت أمتناني, وأمتنان جميع الرجال بسبب تكريس كل قوتك في البحث عن الحقيقة, وفي أظهار أندر شجاعة في الأعلان عن قناعاتك كل حياتك.
خلال نفس الفترة, كان أينشتاين مشارك بفعالية في النشاط الفكري للسلام. ملاحظته الأكثر أثارة للأهتمام – الأبدية والمناسبة أكثر من أي وقتً مضى- قد كتبت في نيسان من عام 1932, مساهمة في ندوة حول أوروبا والحرب القادمة,” وطبعت في مجلة باللغة الروسية (نورد-أوست):
طالما جميع الصراعات الدولية لاتخضع الى التحكيم, وتنفيذ القرارات التي تصل عن طريق التحكيم ليست مضمونة, وطالما إنتاج الحرب ليس محظور, قد نكون على يقين بأن حرب ستتبع حرب. مالم تحقق حضارتنا القوة المعنوية للتغلب على هذا الشر, فهي متجهة نحو مشاركة مصير الحضارات السابقة: أنحدار وأضمحلال.
المصدر : http://www.brainpickings.org/index.php/2013/05/06/why-war-einstein-freud/