——————–
ترجمة: يوسف محسن
——————–
الأكوان المتوازية –عوالم حيث الدينصورات لم تنقرض بسبب اصطدام كويكب أو حيث لم تُستعمر أستراليا بواسطة البرتغال– مواضيع أساسية في الخيال العلمي، لكن هل هي حقيقة؟
في ورقة بحث مهمة جداً نُشرت هذا الأسبوع في العرض الفيزيائي اكس (APX)، قام مجموعة من العلماء من جامعتي غريفيث وجامعة كاليفورنيا باقتراح أن الأكوان المتوازية ليست فقط حقيقة بل على الأرجح يمكن أن “تصطدم”.
العوالم المجاورة هي مصدر الظواهر ميكانيكا الكمومية غير الاعتيادية بالمرة حسب ما تقول النظرية.
كثرة تفسيرات وجود العوالم
إن فكرة وجود العوالم الموازية في الميكانيكا الكمومية ليست جديدة –عرض العلماء واحدة من أبرز التفسيرات ميكانيكا االكم نهاية خمسينيات القرن الماضي (تحديدا 1957) –
الآن، أصبحت ميكانيكا الكم قابلة للتطبيق على نحوٍ واسع والنظرية الفيزيائية الأكثر نجاحاً على مر الزمن. إذن، ربما تتسائل، لماذا تحتاج (النظرية) لتفسير متواصل؟ هناك سببان.
أولاً، تشكيلية ميكانيا الكم بعيدة للغاية من تجربة كل يوم. تعتمد ميكانيكا الكم على “دالة الموجة” والتي تشبه الموجة باستثناء إنها لاتوجد في فضاء ثلاثي الأبعاد إنما بفضاء له عدد لانهائي من الأبعاد.
ثانياً، ما يسمى بـ “علاقة بيل”، التي مفادها إن دالة الموجة لا يمكن استبدالها، رياضياً، بأي وحدة قياس أخرى في العالم الطبيعي. توجد تفسيرات حسابية متعددة لميكانيكا الكم (MWI) وكل واحدة منها تعطي تصوراً مختلفاً بعض الشيء عن طبيعة الحقيقة. لكن كل تصور هو، بالمعنى الدقيق، غريب نوعاً ما؛ ذلك بسبب غرابة ميكانيكا الكم نفسها.
تكمن غرابة كثرة تفسيرات تعدد العوالم بطبيعتها المنتظمة التي هي “إن كل كم وفي أي وقت” هو موجود في “كونٍ”، وهذا “الكون” يتجزئ إلى كثير من الأكوان، واحد لكل ناتج من العلاقة –علاقة بيل-
انتقدت MWI للحقيقة التي لا تفسر شيء بدقة عندما توجد علاقة. بالتالي، يصبح عدد العوالم، في أي وقت ما غير معروف كما أن كل عالم غير واضح الحدود، موصفةً بدالة الموجة.
ايضاً، تختلف النواتج باختلاف الاحتمالات، تفترض MIW إن العوالم المختلفة هي ذات “أهمية” مختلفة – بعضها أكثر أهمية من الأخرى لذا على الأرجح أن تكون حقيقة.
أخيراً، هذه العوالم المختلفة لا تتفاعل، لذا فإن بعض الانتقادات تقول بأنها عوالم افتراضية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى وبالتالي لا تمتلك سبباً لتكون حقيقة.
عوالم متفاعلة متعددة
تحوي هذه النظرية على عوالم متعددة لكنها تملك نفس نهايات الـMWI الاعتيادية. أولاً، تفترض النظرية حلاً، مع أن عدد العوالم ضخم جداً، فإن كل هذه الموجودة باستمرار خلال الزمن –بدون تفرع.ثانياً، عوالمنا ليست غامضة، بل وعلى وجه التحديد، لعوالمنا مميزات معروفة. في نهجنا، أي عالم سيكون محدداً بمكان وسرعة بدقة لكل جزيء في ذلك العالم –لا يوجد هناك “مبدئ اللادقة لهاينزنبيرغ الذي ينطبق على عالم واحد. في الواقع، لو كان هناك عالم واحد فقط لكان يُحكم بميكانيكا نيوتن لا ميكانيكا الكم.
ثالثاً، عوالمنا تتفاعل، وذلك التفاعل هو ناتج كل التأثيرات الكمومية. وعلى وجه الخصوص، توجد قوة طاردة في كل جزيء، بين عوالم ذات ترتيب مماثل (ذلك، وأيضاً عوالم ذات موضع مماثل لكل جزيء على وجه التقريب). هذه القوة البينية تحول دون امتلاك العوالم المتقاربة نفس الترتيب، وتميل لتكوين عوالم مختلفة.
رابعاً، كل عالم من هذه العوالم هو حقيقي على حد سواء. أمر محتمل هو فقط ادخال النظرية بسبب الراصدة، تكوّن جزيئات العالم الحقيقي، لا يعلم الراصد بأي عالم هو، خارج هذه المجموعة من العوالم. من هنا سيسجل الراصل احتمال متساوي لكل عضو من هذه المجموعة والذي يكون متوافقاً مع تجاربها. بعد اجراء التجارب ستتعلم أكثر عن أي عالم كان فيه، وبالتالي استبعاد مجموعة من العوالم التي من المرجح أن يكون فيه.
مع وضع كل هذه النقاط معاً –اقتراب العوالم التفاعلة المتعددة من ميكانيكا الكم. لا يوجد شيء آخر في هذه النظرية. لا وجود لدالة الموجة ولا قاعدة خاصة للتفاعل ولا فارق أساسي بين الأجزاء الكبيرة والأجزاء المجهرية. على الرغم من ذلك، فمن الممكن لهذا النهج إعادة صياغة كل مفاهيم ميكانيكا الكم الشائعة، بما فيها تداخل الشقين الطوليين، طاقة نقطة الصفر، الحاجز النفقي، مبدئ اللايقين، وأخيراً علاقة بيل المذكورة أعلاه.
آثار وتطبيقات
يقترح العلماء تسمية النظرية بـ”نهج” على أن يسميها “تفسير” لأن لكل عدد متناهٍ في العالم في هذه النظرية يتم تقريبه لميكانيكا الكم. وهذا يعطي احتمال دقيق، من الممكن اختباره في وجود عوالم أخرى. القدرة على “تقريب الكم تتطور باستخدام عدد متناهٍ للعوالم” بامكانها أن تكون مفيدة، خاصة في الديناميكية الجزيئية النموذجية (والتي هي مهمة لفهم التفاعلات الكيميائية ومفعول الأدوية).
ميكانيكا الكم دائما ما كانت لغزاً بسبب تعقيدها، لكن، من جهة أخرى، طرق عميقة للإنحراف عن ميكانيكا نيوتن. ذلك، أن هذه الانحرافات قد تكون سبباً لتفاعل العوالم النيوتونية المتقاربة تفاعلاً اساسياً مع العوالم المتوازية مما تُدخل حلولاً جديدة للغز الكمومية.
في النهاية، فلا يوجد شيء غير قابل للتصديق بالمرة، ولمحبي الخيال العلمي، فتلوح فالافق امكانية تطوير التواصل بين العوالم الموازية.
المصدر: إضغط هنا