شرارة تيسلا العَبقريّة
بينما كدح إديسون لتسويق مصباحه الكهربائي، إنشغل تيسلا بمشكلة فتنته منذ أن كان طالباً في مدرسة البوليتكنيك جوانيوم في غراتس، النمسا. حين كان طالباً هناك، شاهد تسلا عرضاً لكرامي دينامو. وهو مولّد يستخدم المُبادِل الكهربائي – ويتصل رأسيّاً بمحور الماكنة – لإنتاج التيّار المستمر بدلاً من التيّار المتناوب. وضح تيسلا لأستاذه أنه قد يكون من الممكن التخلص من المُبدل الكهربائي، الذي يثير الشرارة مع عمل الدينامو. جلب هذا الاقتراح له السخرية من قبل أستاذه، ولكن هذه الفكرة بقيت تستولي على مُخَيّلتهِ.
في عام 1881، إستملكت تيسلا فكرة عبقريّة: ماذا لو غَيَّرَ أحد المجال المغناطيسي في الجزء الثابت (stator) من المولّد بدلاً من تبادل الأقطاب المغناطيسيّة في الجزء الدوّار( rotor)؟ كان هذا المفهوم الثوري قد قَلَبَ المفهوم السائد رأساً على عقب. في الدينامو التقليدي، يوفر الجزء الثابت مجال مغناطيسي دائم، بينما مجموعة من اللفّات الدوارة – الجزء الدوار – تتحرك داخل هذا المجال. رأى تسلا أنه إذا تم عكس هذا الترتيب، يمكن الغاء الحاجة إلى المُبادِل.
وبطبيعة الحال، فإن تحوّيل مثل هذه الفكرة إلى واقع يستغرق سنوات من العمل. بدأ تيسلا في عام 1882 عندما عمل في شركة إديسون كونتيننتال في باريس. خلال النهار، يقوم بتركيب أنظمة الإضاءة المتوهجة على أساس نظام الطاقة المستمر (DC) لإديسون. وفي وقت فراغه، يجري إختبار لتصاميم محركات التيّار المتناوب (AC). واستمر على هذا لمدة سنتين، حتى نُقِلَ تسلا إلى أديسون مشين ليعمل في مدينة نيويورك. حسب بعض التقارير، وصف تسلا أفكاره حول (AC) إلى المخترع الأمريكي الشهير، ولكن لم يظهر إديسون أي اهتمام. بدلا من ذلك، أدخل تيسلا تحسينات على محطات توليّد ال (DC) القائمة. فعل ذلك تيسلا، وأُصيب بخيبة أمل عندما فشل إديسون في إعطائه ما يستحق بشكل صحيح. إستقال تسلا، وتباينت مسارات الرجلين بشكل دائم.
بعد الوقوع في الحفرة والصفقة التجاريّة السيّئة، تلقى تيسلا أخيراً الدعم المالي من المحامي، تشارلز بيك، وألفريد أس. براون، وهو مدير في ويسترن يونيون. ساعد بيك وبراون تيسلا على إنشاء مختبر صغير بعيداً عن مختبر إديسون في مانهاتن، وشجّعوا المهندس الشاب على إكماله محرك التيّار المتناوب. عمل تسلا على ذلك ، وبنى ما يعرف الآن المحرك الحثّي متعدد الأطوّار. حيث يشير مصطلح متعدد الأطوّار إلى المحرك الذي يقوم على أساس تيّارات متعددة بالتناوب، وليس فقط تيار واحدة. ويشير مصطلح الحث إلى العمليّة التي فيها دوران مغناطيس الجزء الثابت يحث تيّار يتدفق في الجزء الدوار. محرك تسلا الأصلي كان نسخة من طوّرين التي تعرض الجزء الثابت مع زواجين من المغناطيس، زوج واحد لكل طورين من (AC).
في عام 1887، تقدم تسلا بسبع براءات اختراع واصفاً نظام ال(AC) بشكل كامل مرتكزاً على محركه الحثّي ومتضمناً المولدات والمحولات وخطوط النقل والإضاءة. وبعد بضعة أشهر، ألقى تيسلا محاضرة حول نظامه الثوري الجديد للمعهد الأمريكي للمهندسين الكهربائية. سببت هذه المحاضرة ضجّة كبيرة، بالرغم من حملة مكافحة ال (AC) التي بدأها إديسون، لكن العديد من الخبراء اقتنعوا أن نظام التيّار المتناوب ملائم جداً – وهو متفوق بشكل كبير على DC.
لتحقيق فكرة جيّدة في السوق، يحتاج الأمر إلى بعض النفوذ. في هذه الحالة، جاء النفوذ من المخترع الذي حقق ثروة كبيرة في صناعة السكك الحديديّة. في الحلقة التالية ستقرأ المزيد عن دعم الأخير لعمل تيسلا.
المصدر: هنا
تعليق واحد
تعقيبات: Iraqi Translation Project كيف غَيَّرَ نيكولا تيسلا الطريقة التي نستخدم بها الطاقة (الحلقة الأولى) -