كله متعلق بنافذة التغذية الخاصة بنا.
بقلم: ديريك بيرس
تم النشر بتاريخ: 13يناير 2020
ترجمة: سرى كاظم
تدقيق: ريام عيسى
تصميم الصورة: أسماء عبد محمد
• تربط دراسة في معهد الدماغ بجامعة فرجينيا بين مركز متعة الدماغ والساعة البيولوجية.
• أدت سهولة توفر الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية إلى خلق نافذة تغذية طويلة كل يوم، مما أدى إلى زيادة في السمنة.
• لمكافحة هذا الاتجاه، فإن تقليل نافذة التغذية، كما هو الحال مع الصيام المتقطع، يثبت أنه مهم للصحة المثلى.
في العالم الحديث، ومع وسائل الراحة التي تبدو بسيطة مثل التبريد والكهرباء، هذه قد تكون وجهة نظر صعبة. حيث إن فهم كيفية الحفاظ على الطعام – حتى معرفة ما هو مؤهل فعليًا كغذاء – يتطلب الكثير من التجربة والخطأ في أول 350 ألف عام على هذا الكوكب. فما نسميه بالتقدم ليس هو الحال دائماً. فلكل تقدم هناك تكلفة.
كانت السمنة مفهومًا صعبًا بالنسبة لأسلافنا, حيث كانت هناك فرصة ضئيلة لحدوثها. إن التقدم في حفظ الأغذية وتخزينها، مثل الأطعمة المصنعة وصناديق الثلج، قد فتح وسيلة جديدة تمامًا للحياة. لقد دفعنا ثمن تلك التقنيات مع “أمراض الثراء”، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية ومرض السكري من النوع الثاني. حيث لم يكن البشر مصممون بيولوجيًا للحصول على الغذاء، وخاصة الأغذية ذات السعرات الحرارية العالية، المتوفرة دائمًا.
كتب مؤلفو دراسة حديثة تم تمويلها من قبل المعهد الوطني للعلوم الطبية العامة ومعهد الدماغ بجامعة فرجينيا ونشرت في (Current Biology) “أن التوافر الواسع النطاق للأطعمة ذات الطاقة العالية والمجزية يرتبط بزيادة معدل الإصابة بالسمنة في جميع أنحاء العالم.” حيث اكتشف الفريق، الذي يرأسه أستاذ علوم الأحياء بجامعة فرجينيا، علي جولر، وجود صلة بين الساعة البيولوجية للمخ ومركز المتعة – وهي حلقة تؤدي إلى السمنة.
مشكلة السمنة هي نتيجة لورطة كبيرة . فلقد تم تصميم البشر للأكل عندما يتوفر الغذاء؛ في السابق، لم نكن نعرف متى ستصل الوجبة التالية، لم يعد هذا هو الحال. الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، تلك المحشوة بالسكريات والكربوهيدرات، تعمل على تنشيط مركز متعة الدماغ؛ الشعور الجيد هو إشارة بيولوجية للإشباع. نشعر بالرضا ثم نصبح مدمنين على هذا الشعور ونعتمد عليه. شركات الأغذية المصنعة استغلت هذه الحقيقة لفترة طويلة. فالقدرة على تخزين الطعام لفترات طويلة من الوقت، وهي قدرة جديدة نسبيًا، ضمنت أن الوجبة التالية – وجباتنا الخمسون المقبلة – تنتظر في المطبخ.
أدى اختراع الكهرباء ليس فقط إلى ظهور التبريد، ولكن أيضاً الإضاءة في الأماكن المغلقة وفي نهاية المطاف أدى إلى وجود الهواتف الذكية، والتي تلعب أيضاً دوراً في هذا اللغز. لقد كانت الشمس، لمعظم الوقت، بمثابة منبه طبيعي لنا. ننهض وننام وفقا لها. نظرًا لأن الأمر لم يعد كذلك، فقد أحبطنا ايقاعنا البيولوجي من خلال النوم في ساعات غريبة أو غير كافية، وكلاهما يؤثر سلبًا على صحتنا. يؤثر الاستخدام المستمر للهواتف أيضًا سلبًا على إيقاع الساعة البيولوجية (circadian rhythm ) لدينا، حيث تساهم قلة النوم في انتشار السمنة. فبينما كان من الصعب تأمين الأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية، يقول جولر أن الأمر لم يعد كذلك.” قد يتم الآن تحزيم السعرات الحرارية للوجبة الكاملة في حجم صغير، مثل الكعكة أو الصودا ذات الحجم الكبير. من السهل جدًا على الناس الإفراط في استهلاك السعرات الحرارية واكتساب الوزن الزائد، وغالبًا ما يؤدي ذلك إلى السمنة وإلى المشاكل الصحية ذات الصلة بالسمنة .”
تؤثر الأطعمة المتوفرة ذات السعرات الحرارية العالية تؤثر في مركز المتعة في ادمغتنا، مما يجعلنا لا نتناول وجبة واحدة في وقت الوجبات فحسب، بل نتناول الوجبات الخفيفة طوال اليوم. فكما لاحظت الدراسة تعد هذه واحدة من أضمن الطرق لزيادة الوزن. وبشكل مأساوي، تخزن أجسامنا المزيد من السعرات الحرارية التي يتم تناولها بين الوجبات كدهون أكثر من تلك التي يتم تناولها خلال أوقات الوجبات المعتادة
“نحن نتعلم أن وقت تناول الطعام لا يقل أهمية عن مقدار ما نأكله. فالسعرات الحرارية ليست مجرد سعرات حرارية. حيث أن السعرات الحرارية المستهلكة بين الوجبات أو في أوقات غريبة تصبح مخزنة كدهون، وهذه هي الوصفة الامثل لصحة سيئة”.
إن السمنة بحد ذاتها تكلف الولايات المتحدة 147 مليار دولار كل عام. حيث لا يمكن لأغنى أمة على وجه الأرض أن تتحمل هذا الفاتورة، خاصة بالنظر إلى مدى قدرتنا على استخدام هذه الأموال.
إحدى الطرق المهمة التي يمكننا من خلالها مكافحة هذا الاتجاه هي تقليل نافذة التغذية. كما أظهرت الأبحاث، فإن الأميركيين يأكلون في متوسط لنافذة تغذية 14.75 ساعة في اليوم. وقد تبين أن الصيام المتقطع يساعد في تعزيز فقدان الوزن. على الرغم من وجود مناقشات حول مدة الصيام بالضبط، يبدو أن إغلاق النافذة لمدة 10 ساعات مفيد. حتى أن بعض الأبحاث قد أشارت إلى أن نافذة التغذية لمدة 12 ساعة مفيدة في التخلص من الوزن الزائد.
يقول جولر “لقد تطورنا تحت ضغوط لم تعد لدينا”. ضغوطنا مختلفة الآن، مثل الاستغلال لقدراتنا الفطرية في البحث عن المتعة. حيث أن الراحة تأتي دائماً بتكلفة. لم تكن الثلاجات والمصابيح الكهربائية اغراض يومية الاستعمال لفترة طويلة من الوقت، وعلى الرغم من أننا لا نضطر إلى تصور العيش بدونها، يمكننا بالتأكيد الاستفادة منها بطريقة افضل.
يصطف الجدول الزمني للسمنة مع التقدم التكنولوجي بحيث يمكننا التكهن بما قد تؤدي إليه هذه العلاقة. كما توضح هذه الدراسة، إن جزء من ميراثنا الجيني يتمثل بقول: أعطنا الطعام وسنتناوله. إن الحد من نافذة التغذية وتناول كميات أقل من الكربوهيدرات قد يكون هو أساس الحكمة، لكن لا يوجد ما يدعو إلى الحكمة بخصوص هذا الموضوع. حيث أن الصحة الجيدة تتطلب منا ضبط النفس.
المصدر: هنا