كتبته لـ (آي اف ال ساينس): ماديسون دابجيفج
بتاريخ: 27\3\2018
ترجمة: أحمد حازم سلطان
تدقيق ومراجعة: نعمان البياتي
تصميم: مرتضى ضياء
اكتشف الباحثون في قلب غابات الأمازون الاستوائية النائية وبعيداً عن الأنهار الرئيسة بقايا مئات القرى المحصنة التي بنيت قبل وصول الأوروبيين، تتألف من مجموعات مختلفة من البشر، وتتحدث مجموعة متنوعة من اللغات، ويعتقد الباحثون أن المنطقة كانت موطناً لما يصل إلى 10 ملايين شخص قبل وصول كولومبوس.
إن فهم الكيفية التي أثرت فيها تلك المجتمعات على البيئة المحيطة بها منذ آلاف السنين يمكن أن تساعد في معرفة كيفية التعامل مع المخاوف المتعلقة بالسياسة والاستدامة البيئية اليوم.
اكتشف علماء الآثار من جامعة (إكستر) 81 عملاً حفرياً والتي تدعى “جيوغليف” وهي خنادق من صنع الإنسان ذات أشكال مربعة أو دائرية أو سداسية، على طول 1800 كيلومتر (1120 ميل)، ويُعتقد أنها كانت مسكونة باستمرار من قبل “ثقافات بناء تعتمد العيش في قرى محصنة” من عام 1250 وحتى 1500 ميلادية، والتي ملأت فجوة في التاريخ الأثري.
لا يعرف الخبراء الغرض الذي لأجله استعملت تلك الهياكل، ولكنهم يعتقدون أنه من الممكن أنها كانت لأجل طقوس احتفالية، فقد كانت القرى في كثير من الأحيان قريبة من أو داخل أو متصلة من خلال هذه الهياكل بواسطة شبكة من الممرات.
إنها جزء من شبكة أكبر تقدر بنحو 1300 جيوغليف عبر 400،000 كيلو متر مربع (154،400 ميل مربع) في جنوب الأمازون، وتتحدى ما كنا نظن أننا نعرفه عن الحضارات القديمة هنا؛ يقول الباحثون إن هذه الأشكال الجيولوجية ربما تكون قد تم حفرها خلال فترات الجفاف الموسمية من خلال إزالة الغابات، مما يعني أن البشر قد أثروا على البيئة المحيطة بهم بشكل أكبر ولفترة أطول مما كان يُعتقد في السابق، ولأنهم بعيدون عن الأنهار الرئيسة، فهذا يعني أن المجتمعات الكبيرة قد انتشرت عبر مختلف الأراضي.
وقال الدكتور (جوناس جريجوريو دي سوزا)، الذي شارك في الدراسة: “هناك اعتقاد خاطئ بأن الأمازون أرض طبيعية لم يمسها أحد، وموطن للمجتمعات المبعثرة البدائية؛ وهذا ليس صحيحاً”، ويكمل: “لقد اكتشفنا أن بعض التجمعات السكنية كانت أكبر مما نعتقد في المناطق البعيدة عن الأنهار الرئيسة، وكان لهؤلاء الأشخاص تأثير على البيئة مازال بإمكاننا العثور عليه اليوم”.
إن طبيعة ومستوى استيطان الأراضي في المنطقة ما قبل كولومبوس لا تزال محل نقاش؛ ولا يزال الكثير غير المكتشف بعد، مع الأخذ في الاعتبار أن حوالي ثلث المواقع فقط قد تم العثور عليها و95 في المئة من الغابات البينية لا تزال غير مستكشفة.
وقال البروفيسور (خوسيه إيرارتي) والذي كان جزءً من الدراسة أيضاً، “إن بحثنا يبين أننا بحاجة إلى إعادة تقييم تاريخ الأمازون، فمن المؤكد أنها لم تكن مأهولةً بالسكان بالقرب من ضفاف الأنهار الكبيرة فقط، والناس الذين عاشوا هناك غيروا المشهد الطبيعي”، كما أضاف البروفيسور إيرارتي بأن “المساحة التي شملتها الدراسة كانت مسكونة بعشرات الآلاف على الأقل.”
يقول علماء الآثار إن فهم الدور الذي لعبه البشر في تشكيل هذه المناطق، وفهم إمكانية الغابات على التكيف، يمكن أن يساعد المجتمع الحديث على فهمٍ أفضل لكيفية اتخاذ قرارات سياسية مستنيرة بشأن مستقبلٍ مستدامٍ.
وقال دي سوزا: “إن منطقة الأمازون تمثل عاملاً حاسماً في تنظيم مناخ الأرض ومعرفةُ المزيد عن تاريخ المنطقة سيساعد الجميع على اتخاذ قرارات مستنيرة حول كيفية العناية بها في المستقبل”.
وقد نشرت الدراسة في الـ (نيتشر كومينكيشنز)
رابط المقال باللغة الإنجليزية: هنا