كتبه لموقع CNN: ديلان بايرز
بتاريخ: 19 مارس 2018
ترجمة: علي محمد رجاي النداوي
تدقيق: عقيل صكر
تصميم: مرتضى ضياء
سبّبت فضيحة كامبردج أناليتيكا (شركة استشارات سياسية بريطانية) بإلحاق أضراراً بالغة بسمعة فيس بوك. مصادر من داخل شركة، صرّحت أن جهود كبيرة ستُبذل الآن لأستعادة ثقة العامة في التزام فيس بوك بالخصوصية وحماية البيانات. يعتقد المراقبون الخارجيون أن التنظيم أصبح فجأة أكثر أحتمالاً، وأن الرئيس التنفيذي “مارك زوكربيرغ” إلى الآن لم يظهر أي عمل تجاه الأزمة.
سلّطت هذه الفضيحة الضوء أيضاً على مشكلة في البُنية الداخلية لشركة فيس بوك، الخاص بتجارتها بأستغلال البيانات الخاصة بالمستخدمين. فقد كسبت فيس بوك الأموال، من بين أمور أخرى، من خلال استغلال بياناتك وبيعها لمطوري التطبيقات وأصحاب الإعلانات. فمن المُستحيل في نهاية المطاف منع هؤلاء – مشترو البينات من فيس بوك – من أن يقوموا بتمريرها إلى أطرافٍ ثالثة بدوافع خفية.
في الواقع، إن الجانب الأكثر أثارة في هذا الموضوع هو أن عملية أختراق بينات الفيس بوك من قبل شركة كامبردج أناليتيكا، لم يكن خرقاً على الإطلاق، فقد حدث كل ذلك مع مجلس أدارة فيس بوك وتماشياً مع سياستها.
فمثلاً: فقد توصّل ألكسندر كوغان، الأستاذ بجامعة كامبريدج، إلى بيانات أكثر من (50) مليون مستخدم للفيس بوك ببساطة عن طريق إنشاء دراسة استقصائية أجريت لـ (270) ألف شخص. حيث زوّدت الفيس بوك ألكسندر كوغان ببيانات أي شخص شمله الاستطلاع، بالإضافة إلى بيانات أصدقاء ذلك الشخص. في تصريح لها قالت فيس بوك، “إن كوغان أكتسب فرصة الوصول إلى هذه المعلومات بطريقة مشروعة ومن خلال القنوات المناسبة التي تحكم جميع المطورين على الفيس بوك في ذلك الوقت.
هل تركتَ الفيس بوك؟ أخبرنا لماذا؟ أو لماذا لا؟
ووفقاً لفيس بوك نفسها، فإن انتهاك كوغان للقواعد تَمثلَ بتمريره بيانات المستخدم إلى أطراف ثالثة، بما في ذلك كامبريدج أناليتيكا، وهي شركة البيانات السياسية التي أسسها مساعد سابق لبنك ترامب ستيف بانون والمانح المحافظ روبرت ميرسر.
ولكن حتى مصادر فيس بوك اعترفت لشبكة سي أن أن-(CNN)، أنه من المستحيل مراقبة ما يفعله المطورون والمعلنون تماماً بالبيانات بمجرد وجودها في أيديهم. وشبّهت ذلك مثل بيع السجائر لشخص ما وأخباره بعدم مشاركة السجائر مع أصدقائه.
فقد تم تسليط الضوء على محدودية قدرة الفيس بوك على فرض الإذعان على مستخدمي البينات من خلال طريقة استجابة الفيس بوك على انتهاكات كوغان في عام (2015). وأكدته لاحقاً جميع الأطراف الذين قد دُمِرَت بياناتهم. لكن تقول فيسبوك إنها على علم بأن البينات المُستغلَة لمستخدميها لم يتم حذفُها قبل أيام قليلة.
وفي بيان له صرح نائب المستشار العام للشركة باليو كرويل : إن حماية معلومات الناس هي في صميم كل ما نقوم به. قد يكون هذا حجّة قاسية على الجمهور أن يقبلها بالنظر إلى أن أعمال فيس بوك توفّر معلومات الناس لأطراف خارجية لا يمكن معروفة نوأيها وغرضها من شراء تلك البيانات.
موضوع ذات صلة: كل ما تحتاج معرفته عن كارثة بيانات الفيس بوك،
تقول شركة فيس بوك إنه اعتباراً من عام (2014)، قد مُنِحَ مستخدمي الفيس بوك سيطرة أكبر على الأجزاء التي تتم مشاركة معلوماتهم مع مطوري التطبيقات والمعلنين. كما أكّدت أيضاً إنها عزّزت عملية مراجعة التطبيق التي تطلب من المطورين “تبرير البيانات التي يتطلعون لجمعها وكيفية استخدامها” قبل السماح لهم حتّى بطلب المساعدة من الأشخاص”
ومع ذلك، تعترف المصادر الموجودة داخل فيس بوك بأن مثل هذه الإجراءات لا تضمن أن بعض الأشخاص لن ينجحوا في استخراج بيانات الفيس بوك ونقلها إلى أطراف ثالثة.
زوكربيرج وفيس بوك تحت النيران من السياسيين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة،
وفي المجلس الرئيس للتشريعات في الولايات المتحدة يتزايد الحديث عن التنظيم. قال مصدر في الكونجرس إن المشرعين الذين يسعون إلى فرض قيود أشد على التكنولوجيا الكبيرة ظهروا بشكل اشجع ممّا فعلوا في أعقاب الكشف عن التدخل الروسي في انتخابات عام (2016).
من جانب آخر، دعت السناتورة الديموقراطية (ايمي كلوبوشار)، مارك زوكربيرغ للمثول أمام اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ، مكان عملها، ليبيّن “ما عرّفه بـ إساءة الفيس بوك استخدام البيانات لأكثر من (50) مليون أمريكي من أجل استهداف الإعلانات السياسية والتلاعب بالناخبين.
في هذه الأثناء، يبدو أن زوكربيرج وبقية زملائة في شركة فيس بوك دورهم غائب بشكل واضح. فلم يعلق نائب الرئيس التنفيذي في فيس بوك ولا نائبه الرئيس، شيريل ساندبرج، علناً على الأمر. لقد تركوا هذه المهمة لغرويال، وهو محام. لم يقدم أحد شرحاً وافياً عن سبب عدم كشف موقع فيس بوك عن انتهاك كوريان لأكثر من (50) مليون مستخدم تأثروا بالقضية عندما عرفت الشركة أوّل مرة في عام (2015). فقد صرّح (غريوال) محامي الشركة في بيان له، يوم الأحد الماضي “نحن نُجري مراجعة شاملة داخلية وخارجية ونعمل على تحديد مدى دقّة المزاعم التي لا تزال موجودة في بيانات فيس بوك. وهنا يَكمن تركيزنا في الوقت الذي نلتزم فيه بتطبيق سياساتنا لحماية معلومات الناس”.
كل هذا يأتي في الوقت الذي يتلقّى فيه فيس بوك بالفعل تساؤلات حول جاذبية منصته على المدى الطويل، على الأقل في الولايات المتحدة. انخفض عدد المستخدمين النشطين يومياً في الولايات المتحدة – وهو (184) مليوناً – لأول مرة في الربع الأخير. كما خسر فيس بوك (2.8) مليون مستخدم دون سن الخامسة والعشرين في العام الماضي، ومن المتوقّع أن يخسر مليوني شخص آخر هذا العام، وفقاً لما ذكره مصدر مطلع.
من المرجح أن تسرع فضيحة كامبريدج أناليتيكا من استياء المستخدم من الشبكة، حسب مصادر داخل الفيس بوك. ينظر إلى فيس بوك بشكل متزايد على أنه منصة معرضة للتلاعب من قبل المجموعات السياسية، أو الحكومات الأجنبية، أو ما هو أسوأ من ذلك.
في نهاية المطاف، ومع ذلك، فإن الجاني الحقيقي في نظر الرأي العام الأمريكي قد لا يكون كامبريدج أناليتيكا أو الروس، بل فيس بوك نفسه.
المقال باللغة الانكليزية: هنا