ترجمة وأعداد : ورد عرابي.
مراجعة : مصطفى شهباز.
تصميم الصورة : مكي السرحان
25 ديسمبر 1991 اليوم الذي اعلن فيه حل الأتحاد السوفييتي وأنهياره.
معلنا بذلك نهاية أكبر امبراطورية شيوعية في التاريخ. تأسس الاتحاد السوفيتي بعد اندلاع الثورة البلشفية ضد القيصرية الروسية مما أدى لنشوب حرب أهلية داخل روسيا دامت أربعة أعوام كاملة فيما بين 1918 وحتى1922 بين الجيش الأحمر وقوات البيض لتشكل بعدها حكومة سوفيتية بقيادة لينين. منذ بداية نشأته تبنى الاتحاد السوفيتي نظام الحزب الواحد مبرراً ذلك بأنه الوسيلة الفضلى للقضاء على الفكر الرأسمالي وعدم عودته للبلاد.
بعد وفاة لينين في سنة 1924 سيطر ستالين على السلطة بقبضة حديدية حيث أعدم ونفى معارضيه وأصبح مثال لأسوء الدكتاتوريات في التاريخ الإنساني بمسؤوليته عن موت الملايين من مواطنيه، كما أحدث ستالين نقلة اقتصادية سريعة في روسيا من الاقتصاد الزراعي الى الاقتصاد الصناعي عبر اجبار السجناء والأسرى على العمل بالسخرة والاستفادة من الموارد الهائلة التي يملكها أكبر بلد في العالم من حيث المساحة.
بعد الحرب العالمية الثانية وانتصار قوات الحلفاء على المانيا النازية، أصبح الاتحاد السوفيتي قوة عالمية وخصوصا بعد امتلاكه للأسلحة النووية.
فما هي هذه الأحداث والعوامل التي أدت بالاتحاد السوفيتي للانهيار والتفكك؟
يمكننا القول بان بوادر الأنهيار والتفكك بدأت تظهر بعد تولي ميخايل جورباتشوف للسلطة في عام 1985 حتى عام 1991.
فقد قام جورباتشوف في بداية حكمة بأصلاحات سريعة ومتتابعة في محاولةٍ منه لتخفيف حدة الأضطرابات التي كانت تجتاح البلاد.
وقد أستلم جورباتشوف مقاليد الحكم بعد فترةٍ كانت تسمى حقبة الركود , التي أطلقت على حقبة حكم سلفه السابق “ليونيد بريجنيف” التي امتدت من منتصف الستينات الى منتصف الثمانينات.
بسبب الفشل الاقتصادي الناتج عن الانفاق الهائل على الترسانة الحربية وبرامج الفضاء وفساد مسؤولي الحزب الشيوعي وتفردهم بالسلطة.
.
ومع أنه قد طرحت العديد من النظريات التي تفيد بعدم قدرة الأتحاد السوفييتي التفوق على الولايات المتحدة في مجاليين رئيسيين وهما: المجال العسكري والفضاء.
إلا أن السوفييت لم يتخلوا عن طموحهم بالتفوق على الولايات المتحد الأمريكية مما أدى الى الأفراط بالأنفاق العسكري وبرامج الفضاء على حساب الاقتصاد القومي، مما أدى الى عجز وركود أقتصادي.
علاوةً على ذلك، وبعد عقود من القمع وسلب الحريات، بدأت تظهر تحركات محلية مناهضة لسياسات الدولة الداخلية مما فاقم من حالة الاضطراب التي تعيشها البلاد.
ومع تولي جورباتشوف للسلطة سارع في محاولته لتغييره حالة الركود هذه من خلال برنامجين شاملين لم تشهدهما البلاد من قبل :الأول سمي بـ جلاسنوست والذي يعني الشفافية، والثاني هو “البيروسترويكا” ومعناه “أعادة الهيكلة”.
عملت الجلاسنوست على أنهاء ما كان يقوم به الحزب الحاكم من حظرٍ للكتب والمقالات المخالفه لرؤيته. وما كانت تقوم به السلطات من اعتقالات ومحاكمات ضد الشخصيات المعارضة، بالإضافة الى تقليصها من سيطرة الحزب الشيوعي على كل مرافق الدولة وسماحها ولأول مرة بترشح مرشحين مستقليين لشغل ادوار بالحكومة. ومن جهةٍ أخرى فقد ساهمت هذه السياسات الجديدة بالتشجيع على مزيد من الحريات والآراء السياسية والأنفتاح بشكلٍ عام.
-البيروسترويكا وهي خطوة للتخلي عن نظام الأقتصاد المركزي المخطط من قبل الدولة والسماح بمزيد من الخصخصة والأنفتاح جزئياً على السوق الحرة.أدت هذه الأصلاحات الجديدة لتحويل توجهات الدولة أقتصادياً وسياسياً وعكست تدريجياً المبادئ الغربية التي اثبتت نجاحها في بلدان أخرى.
لكن لم تستطع هذه النقلة النوعية أن تلغي تأثيرات عقودٍ من سياسات النظام المشددة والأنعزالية أقتصاديا وسياسياً.
وبكلمات جورباتوشف نفسه قال: أنهار النظام القديم قبل أن يفسح المجال والوقت لتفعيل هيكلية النظام الجديد، ونتيجةً لذلك تزايد حدة الأزمات في البلاد.
وخلال هذه الفترة الانتقالية تفاقمت الازمة الاقتصادية على غالبية سكان الأتحاد السوفييتي والدول التي تدور في فلكه.
بدأت دول اوروبا الشرقية المنضوية تحت العباءة السوفيتية بالخروج تدريجياً من تحت هذه العباءة بأجراء انتخابات حرة.
وكانت بولندا أولى هذه الدول التي أفرزت انتخاباتها الحرة للمرة الأولى حزباً غير أشتراكي في قيادة البلاد مما أدى في نهاية البلاد الى استقلال البلاد. توالت هذه الأحداث في مزيد من الدول في الاتحاد وأدت بدورها الى أزدياد حالة التخبط لدى الحكومة السوفيتية، وفي شهر اوغسطس من عام 1991 قامت مجموعة من الحزب الشيوعي السوفييتي بمحاولة أنقلاب على جورباتشوف لأعتقادهم بأن جورباتشوف كان يسير بالبلاد نحو الأنهيار.
فشل الانقلاب وقرر جورباتشوف التنحي من منصبة كرئيس للحزب الشيوعي الذي حاول أعضائه الأطاحه به ونتيجةً لذلك حُل الحزب بأكمله.
وخلال أحداث الأنقلاب أعلنت دول البلطيق (لاتفيا، أستونيا، لتوانيا) استقلالها وبعد أشهر قليلة كانت قد أعلنت كلٌ من روسيا، أوكرانيا، بيلاروسيا، أرمينيا، أذربيجان، كازاخستان، قرغيزستان، مولدوفا، تركمانستان، طاجاكستان واوزباكستان انفصالها عن الاتحاد السوفييتي وأنشؤا فيما بينهم ما يسمى برابطة الدول المستقلة. وفي خلال أيام قليلة حل جورباتشوف حكومة الأتحاد السوفيتي والتي لم تكن فعلياً تسيطر سوى على جورجيا، معلناً بذلك نهاية قوة عظمى أستمرت على مدى 69 عاماً.
المصادر :
مقابلة ميخائيل
البيروسترويكا
البيرسترويكا والجلاسنوست