تحمل جامعة هارفارد، التي تأسست في العام 1636 للميلاد، عنوان أقدم مؤسسة تعليمية في الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت قد حملت إسم ” الكلية الجديدة ” أبان تأسيسها، حيث كان الهـدف الأساس من إنشائها آنذاك، تدريس رجال الدين. و أصبحت الجامعة تعرف بإسم “جامعة هارفارد” في عام 1639، تكريماً لمؤسسها، القس جون هارفارد، الذي أوصى بـرَدّ نصف املاكه، و كافة محتويات مكتبته، إلى الجامعة عند وفاته.
في أثناء الحقبة الإستعمارية، قامت الجامعة بإستخدام منـاهج تدريسية ركزت بشكلٍ أساسي على طريقة الحفظ عن ظهر قلب في التعليم، و التي كانت إسلوبا شاع إستخدامه من قبل مختلف المؤسسات التي عنيت بالتعليم آنذاك.
بقيت الجامعة صغيرةً، لكن التدريسيين الذين إحتضنتهم الجامعة، ضموا أستاذة ممّن لهم صيتٌ لامع، كونهم من أكثر رجال عصرهم إطلاعاً وثقافة وتخصصاً .. وأضافت الجامعة مجالات دراسة الطب إلى البرامج التدريسية الخاصة بها لأول مرة عام 1782 م.
ومن الجدير بالذكر، إن العديد من بنايات الجامعة، التي لا تزال قائمة، مستندة على الأساسات الرئيسة التي قامت عليها الجامعة منذ القــرن الثامن عشر، في حين إن قاعة جامعة ماساتشوستس بنيت في العام 1720 م، و بني بيت وادزوورث في عام 1726 م، ولم تصمد المباني الأصلية من القرن السابع عشر ..!
على أية حال، أضافت الجامعة برامجاً تدريسية جديدة في القرن التاسع عشر، ألا وهي القانون في العام 1816، و اللاهوت في 1817. إحتفلت جامعة هارفارد، بذكرى تأسيسها في القرن التاسع عشر، بعد مرور 200 عام من تاريخ تشيي
وممّا لا شكّ فيه أن طرق التدريس في الجامعة قد تطورت كثيراً في هذه الحقبة من الزمن، و بدأت توفر فصولاً دراسية ذات طابعٍ إمتاز بالتنوع الكبير، مما منح طلبة الجامعة حريةً أكبر في إختيار المجالات التي تتفق مع ما كانوا ينشدون من شتى طُرُق المعرفة .
وعلاوةً على ذلك كلّه… تم إستبدال أساليب التدريس القديمة بأخرى أحدث منها، لتشبع رغبات الطلبة العلمية، ولمواكبة التقدم المستمر في أصناف العلوم المختلفة. في عام 1910، إصطفت إدارة الجامعة اللون القرمزي، كطلاءٍ جديدٍ يزين الجامعة، و كان هذا اللون قد تم إختياره في منتصف الـقرن التاسع عشر من قبل طالبين، قاما بتقديم أوشحة تحمل هذا اللون إلى زملائهم في فريق التجديف التابع للجامعة.
و كانت فكرة ألوان المدرسة لا تزال في مهدها في حينها، و لم تصوت إدارة الجامعة على إختيار هذا اللون إلاّ بعد ما يقرُب من نصف قرن من تاريخ حادثة الأوشحة. وفي القرن العشرين، بدأ رؤساء الجامعة بصبّ تركيزهم على التطبيق في التعليم.
فقد أكّد الرئيس أ.لورانس لويل بلا كللٍ أو ملل على النظام التدريسي الجديد، المستند على مبدأ ” التركيز ثم التوزيع”. وقد كان هذا النظام قد تم إبتكاره ليساعد الطلاب على إختيار المجالات التي يميلون لدراستها بشكلٍ أكثر كفاءةً ودقة، وليمكنهم من التعلم وإحراز تقدمٍ نوعي بصورةٍ فعالة، ممّا يدفع بهم للتفوق في مقرراتهم الدراسية. كما أولى لويل أيضا أهميةً فائقة للمنح الدراسية والبرامج الشرفية.
في القرن العشرين، بدأت الجامعة بتقدم المزيد من المساعدات المالية للطلاب، لتحظهم على إرتيادها، الأمر الذي زاد من تنوع جنسيات الطلاب الذين أقبلوا على الدراسة فيها. ولم يخلُ القرن الحادي و العشرون من تغييراتٍ جديدة، كسابقاته من السنين المنصرمة، حيثُ بدأت الجامعة بتوفير برامج التعليم عن بعد، لتقدّم بذلك فرصاً لطلابٍ من دولٍ اجنبية، ليحققوا نفعاً من هذه البرامج الفريدة من نوعها، والغنية بمحتواها المعرفي.
أمـّا التغيير الذي لا يجب أن نغفل عنه، فهو برنامج التعليم المنقّح، الذي يهدف لربط المناهج الصفيّة للطلاب بالواقع الذي سيعيشه الطلاب بعد تخرجهم، وكلٌ على حسب مجال دراسته. إستمرت الجامعة، خلال القرن الحادي و العشرين، بمحاولات خلق الطرق التي تصل بها إلى الطلبة المتفوقين حول العالم، من خلال توفير المزيد والمزيد من التسهيلات المالية، للتأكد، مرة أخرى، من تنوع جنسيات الطلبة المقبلين على الدراسة في الجامعة. حالياً، يلتحق بالجامعة 17000 طالب (مسجلون في الجامعة، وملتحقون إلتحاقاً منتظماً كطلبة يرتادون الجامعة) فضلا عن 30000 طالب مرتبطٍ بالجامعة بدوراتٍ تدريسية غير مرتبطة بشهاداتٍ جامعية، و بفضل كل هذا، وأكثر، إستحقت الجـامعة أن تكون من أفضل جامعات العالم في التاريخ.
المصدر: هنا