الرئيسية / اثار / إكتشاف ختم ملكي في حفريات بأورشليم

إكتشاف ختم ملكي في حفريات بأورشليم

في الثاني من شهر كانون الأول ـ ديسمبر ـ 2015، توصلت الحفريات في موقع حديقة عوفل عند سفح الجدار الجنوبي لجبل الهيكل، والتي يقوم بها معهد الآثار بالقدس التابع للجامعة العبرية تحت إشراف الدكتورة إيلات مزار، إلى إكتشاف ختم ملكي من عهد الملك حزقيا (727-698 ق.م.).

طٌبعت الطبعة البيضوية للختم البالغ قياسه 9.7 في 8.6 مليمتر على قطعة سميكة وطرية قطرها 3 مليمترات (عبارة عن قطعة من الطين المنقوش) أبعادها 13 في 12 مليمتر. يحيط بالطبعة إنخفاض خلفه إطار الحلقة التي كان الختم موضوعا فيها.

وتحمل الطبعة نقشا بالخط العبري القديم يقرأ كالآتي: “לחזקיהו [בן] אחז מלך יהדה” والتي تعني “تعود إلى حزقيا إبن آحاز، ملك يهوذا”. يحتوي الختم أيضاً شمسٍ بجناحين، يتجهان نحو الأسفل، ويحيط بهما رمزي عنخ ـ الرمز المصري المعبر عن الحياة.

أستعمل الختم في الأصل لختم وثيقة مكتوبة على ورق البردي تم لفها وربطها بحبالٍ رقيقة، والتي تركت بصماتها على ظهر الفقاعة. وقد أبصر هذا الإكتشاف النور، مع العديد من الكسر الفخارية واللقى الأخرى التي تتضمن تماثيل وأختام أخرى، في المنطقة ” أ ” من الحفريات (موسم 2009)، والتي أشرف عليها هاغاي كوهين ـ كلونيموس.

تم إكتشاف الختم في مكب للنفايات من عهد الملك حزقيا أو بعد ذلك بفترةٍ وجيزة، وقد جاء في الأصل من المبنى الملكي الذي ينتصب إلى جواره والذي يبدو وكأنه كان يستخدم لتخزين المواد الغذائية. وشيّد هذا المبنى، والذي يُعد واحداً من سلسلة من المباني التي تشمل مبنى حراسة وأبراج، في النصف الثاني من القرن العاشر ق.م. (في عهد الملك سليمان) كجزء من تحصينات عوفل، وهي المربع الحكومي الجديد الذي تم بناؤه في المنطقة الواصلة بين مدينة داوود وجبل الهيكل.

وقد تم العثور على القطعة مع 33 قطعة أخرى تمثل طبعات أختامٍ أخرى، يحمل بعضٌ منها أسماءً عبرية، فيما تظهر سطوحها المعاكسة علامات أقمشة خشنة وحبال سميكة ربما تكون قد أستُعملت لختم أكياس تحتوي على مواد غذائية.

قالت الدكتورة إيلات مزار، “على الرغم من ظهور طبعات لأختام تحمل إسم الملك حزقيا فعلاً في سوق الآثار منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي، بعضها مع رمز الجعران المجنح “الخنفساء” وأخرى مع قرص الشمس المجنح، إلا أن هذه هي المرة الأولى التي يتم العثور فيها على ختم يعود لأيٍ من ملوك مملكتي إسرائيل أو يهوذا من خلال تنقيبات أثرية علمية.”

تقود الدكتورة إيلات، وهي من الجيل الثالث من علماء الآثار العاملين في معهد الآثار بالجامعة العبرية، التنقيبات في قمة مدينة داوود وفي حديقة عوفل إلى الجنوب من الجدار الجنوبي لجبل الهيكل. ومن بين إكتشافاتها الآثارية العديدة على مر السنين، إكتشاف الكنز الذهبي القديم الذي عثر عليه في عوفل عام 2013.

وقد أستؤنف العمل بحفريات عوفل عام 2009 وأستمر لغاية 2013، وأصبح في الإمكان تجهيز اللقى وحفظ وتهيئة المنطقة التي تم التنقيب فيها للسياح من قبل سلطة الآثار الإسرائيلية من خلال التمويل المقدم من دانيال مينتز وميريديث بيركمان (من نيويورك). ويقع موقع الحفريات في داخل حديقة آثار عوفل، وهي جزء من الحديقة الوطنية حول أسوار القدس الموضوع تحت إشراف سلطة حماية الطبيعة والحدائق بإسرائيل.

وقد عثر على طبعة الختم أثناء الغربلة الرطبة لطبقات الأرض من موقع الحفريات في منشأة إيمك تزوريم Emek-Zurim للغربلة الرطبة، بإشراف الدكتور غابرييل باركاي وزاخي دفيرا، برعاية سلطة حماية الطبيعة والحدائق ومؤسسة داوود. إكتشفت القطعة من قبل أفرات غرينوالد، عضوة البعثة في عوفل، التي أشرفت على الغربلة الرطبة للمواد التي تم التنقيب عنها. فيما كانت ريوت بن أرييه، التي أعدت الطبعة العبرية من التنقيبات للنشر، أول من شخصت عائدية طبعة الختم للملك حزقيا. وشارك الطلاب والخريجون من كلية هربرت أرمسترونغ في أوكلاهوما في أعمال التنقيب.

يوصف الملك حزقيا بشكلٍ إيجابي في الكتاب المقدس (سفر الملوك الثاني، وسفر أشعياء، وسفر أخبار الأيام الثاني)، فضلاً عن سجلات الملوك الآشوريين ـ سرجون الثاني وإبنه سنحاريب ـ اللذين حكما في ذات الفترة. ويصور حزقيا على أنه ملكٌ ذو دهاء وجرأة، والذي ركز السلطة في يده. وعلى الرغم من كونه تابعاً للبلاط الآشوري، إلا أنه نجح في الإحتفاظ بمكانة مستقلة لمملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم، والتي عمل على تعزيزها إقتصادياً، ودينياً، ودبلوماسياً.

يروي الكتاب المقدس عن حزقيا بأنه: “لم يكن مثله في جميع ملوك يهوذا ولا في الذين كانوا قبله” (سفر الملوك الثاني ـ الإصحاح الثامن عشر :5)

وتشير الرموز على طبعة الختم من عوفل بأنه قد صُنع في فترة متأخرة من حياته، عندما تغيرت كل من رموز السلطة الملكية الإدارية والرموز الملكية الشخصية من الجعران المجنح (الخنفساء) ـ رمز القوة والسلطة الذي كان مألوفاً في عموم الشرق الأدنى القديم ـ إلى قرص الشمس المجنح، وهو الموضوع الذي يعلن الحماية الإلهية، والذي يمنح النظام الشرعية والسلطة، والذي كان منتشراً هو الآخر في جميع أنحاء الشرق الأدنى القديم وتم إستخدامه أيضاً من قبل الملوك الآشوريين.

ومن المرجح أن يعكس هذا التغيير كلاً من النفوذ الآشوري ورغبة حزقيا في تأكيد سيادته السياسية، فضلاً عن وعي حزقيا العميق بالرعاية العظيمة الممنوحة له من قبل إله إسرائيل. وفي حين أن الرمز الإداري الملكي الذي كان يطبع على جرار الملك إستخدم موضوع قرص الشمس ذو الأجنحة الممتدة إلى الجانبين، تغير الرمز الشخصي لحزقيا إلى قرص الشمس ذو الأجنحة الحامية المتدلية إلى الأسفل مع رمزٍ للحياة عند حافة كل جناح. وقد تدعم هذه الإضافة الخاصة لرمز الحياة الإفتراض القائل بأن تغيير الختم الشخصي للملك قد تم بعد شفاء الملك من مرض هدد حياته (سفر الملوك الثاني 20: 1-8) عندما أصبح رمز الحياة ذو أهمية خاصة بالنسبة له (حوالي عام 704 قبل الميلاد).

أعاد إكتشاف طبعة ختم الملك حزقيا في تنقيبات عوفل وبشكلٍ واضح  السرد التوراتي عن الملك حزقيا والنشاط الذي تم أثناء فترة حياته في الحي الملكي في أورشليم.

تم تضمين البحث الكامل عن ختم الملك حزقيا في المجلد الأول من التقارير النهائية لتنقيبات عوفل 2009-2013، والتي تنشر اليوم بدعم من مؤسسة ديفيد بيرغ.

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

دراسة تكشف: كسل “الهومو إركتوس” أدّى إلى اِنقراضهم

كتبه لموقع”فيز دوت اروغ”: آرون ووكر منشور بتاريخ: 2018/8/10 ترجمة: أحمد طريف المُدرّس تدقيق لغوي: …

قد نكون اكتشفنا من بنى ستونهنج واللغز قد ازداد غموضاً

كتبه لموقع “آي إف إل ساينس”: توم هايل منشور بتاريخ: 2/8/2018 ترجمة: عباس قاسم تدقيق …