روائي كولومبي يعتبر أحد أعظم كُتاب القرن العشرين، تم تكريمه بمنحه جائزة نوبل للآداب عام 1982 والمرجح ان السبب يعود لمؤلفهِ مائة عام من العزلة (1967). كان رابع لاتيني-امريكي يُمنح هذه الجائزة حيث سبقه كل من الشاعرين التشيليين غابرييلا ميستال عام 1945 وبابلو نيرودا 1971 والروائي الغواتيمالي ميخايل انجيل استورياس 1967. غابرييل ماركيز بالإضافة إلى جورج لويس بورغيس يعتبر أشهر الكُتاب اللاتين المعروفين في العالم. إضافةً الى نهجه الروائي الاحترافي فقد كان مؤلف قصص قصيرة فذ وكاتب صحفي ماهر. وفي كل من كتاباته الاقصر والاطول استطاع ماركيز تحقيق انجاز نادر بوصوله الى عامة القراء مُرضيا في نفس الوقت أكثر النقاد حنكةً وتطلباً.
حياته
ولد ماركيز في بلدة اراكاتاكا الريفية الهادئة في كولومبيا. ماركيز ووالداه قضوا أول ثمان سنوات من حياه الكاتب في كنف جديه لوالدته كولونيل نيكولاس ماركيز (جندي سابق في حرب الالف يوم 1899 – 1903) وترانكولينا اوغواران كوتي دي ماركيز. انتقلوا إلى الميناء النهري بارنكيلا بعد وفاة نيكولاس. هناك تلقى تعليم أفضل من المتوسط ولكن عند بلوغه ادعى أن أفضل المصادر الأدبية بالنسبة اليه كانت قصص عن اراكاتاكا وعن عائلته والتي قصها عليه نيكولاس. وعلى الرغم من دراسته للقانون، عَمِل غارسيا ماركيز كصحفي وهي الوظيفة التي وفرت له سبل العيش قبل شهرته الأدبية. وبِصِفته مراسلاً صحفياً في باريس خلال خمسينيات القرن المنصرم، وَسَع من تعليمه من خلال مطالعته للكثير من الاعمال الأدبية الامريكية كان البعض منها ترجمات فرنسية. عمل ماركيز في أواخر خمسينات وبدايات ستينات القرن الماضي في بوغوتا في كولومبيا وبعدها عمل في مدينة نيويورك لصالح خدمة الاخبار برينسا لاتينا التي أسسها حُكم القائد الكوبي فيديل كاسترو. بعدئذ، انتقل ماركيز الى مكسيكو سيتي حيث ألف روايته التي جلبت له الشهرة والمال. عاش ماركيز في اسبانيا للفترة من 1967 ولغاية 1975. بعد ذلك احتفظ لنفسه بمنزل في مكسيكو سيتي وشقة في باريس لكنه بالإضافة الى ذلك قد أمضي الكثير من الوقت في هافانا حيث زوده كاسترو، الذي كان ماركيز أحد مناصريه، بقصر هناك.
أعماله
كان ماركيز قد نشر روايتين قبل عام 1967، عاصفة الأوراق (1955) والساعة الشريرة (1962) والرواية القصيرة لا أحد يكتب للكولونيل (1961) وبضعة قصص قصيرة. بعد ذلك جاءت رواية مائة عام من العزلة والتي يروي فيها ماركيز قصة ماكوندو البلدة المعزولة والتي يشابه تأريخها تأريخ أمريكا اللاتينية لكن على نطاق اضيق. كانت البيئة والمحيط الروائي واقعيان وتخللتهما احداث خيالية باهرة، تراكيب أصبحت تُعرف باسم “الواقعية السحرية” والتي اعتُقِدت خطأً بأنها خاصية غريبة يتسم بها كل الادب اللاتيني. مزج الوقائع التاريخية مع قصصٍ بلمساتٍ خيالية ما هو الا تقليد استمده ماركيز من الأستاذ الكوبي اليخو كاربينتيير والذي يعتبر احدد مؤسسي “الواقعية السحرية.” قاطني ماكوندو تَقودهم أهوائهم البدائية كالشهوة والجشع والتوق للقوة التي يُعرقلها عدم النضوج المجتمعي او السياسي او قوى الطبيعة كما في التراجيديا والاساطير الاغريقية.
مُستمراً في نتاجه الرفيع المستوى، أصدر غارسيا ماركيز خريف البطريرك (1975) وقصة موت معلن (1981) والحب في زمن الكوليرا (1985) والتي صُوِرَت كفيلم عام 2007 والجنرال في متاهته (1989) وعن الحب وشياطين أخرى (1994). الأفضل بين هذه المجموعة الكتابية كانت الحب في زمن الكوليرا والتي كانت تحكي قصة حب غرامية مؤثرة تحتاج لعدة عقود لتتم والجنرال في متاهته وهي قصة اخر أيام سايمون بوليفار. في عام 1996 نشر غارسيا ماركيز قصة صحفية عن عملية خطف ذات خلفية متعلقة بالمخدرات وقعت احداثها في وطنه الأصلي كولومبيا تحت عنوان انباء خطف.
روبيرتو غونزاليس اشفاريا
بعد تشخيصه بمرض السرطان عام 1999 كتب غارسيا ماركيز مذكرات عِشتُ لأروي (2002) والتي تُركز على السنوات الثلاثين الأولى من حياته. عاد بعدها الى الادب الروائي والقصصي بمُؤَلَفِه ذكريات عن عاهراتي الحزينات (2004) وهي رواية عن رجل وحيد يكتشف اخيراً معنى الحب حينما يؤجر عاهرة بِكر للاحتفال بعيد مولده ال 90.
محرري الموسوعة البريطانية
تثمين
عُرف غارسيا ماركيز بقابليته على خلق حبكات دقيقة التفاصيل وواسعة، وسرد قصصي مختصر ومحكم الحبك تماماً كأسلوب قدوتيه ويليام فالكنر وايرنيست هيمنغواي. الانسياب السهل حتى لأكثر قصصه تعقيداً قد قُورنت بتلك التي كتبها ميغيل ثيربانتيس، كما هي الحال مع سخريته وفكاهته. عالم غارسيا ماركيز الروائي غالباً ما يكون ذو طابع ريفي كولومبي حيث ممارسات واعتقادات العصور الوسطى والحديثة منها تتصادم بالصورتين الكوميدية والتراجيدية معاً.
المصدر: هنا