قام تنظيم الدولة الاسلامية بتشريع تِجارة الجنس في المناطق التي يُسيطر عليها في العراق وسوريا، مستخدماً ذلك كأداة للتجنيد و زاعماً بأن النص القرآني يدعمُ ذلك.
في اللحظات التي سبقت إغتصابه للفتاة ذات ال١٢عاماً، فَسَرَ مقاتل تنظيم الدولة الإسلامية بأن ما هو على وشك القيام به لا يُعتبر معصية، و ذلك لأن الطفلة الضحية تَدينُ بغير الإسلام، و يُصر هذا المقاتل بأن القرآن أعطاه الحق ليفعل ذلك، زاعماً و بأصرار على أن القرآن يُشجع ذلك الفعل و يتجاوز عنه.
أوثَقَ أيديها و كمم فمها و بعد ذلك جثى قرب الفِراش و جعل نفسه في وضع السجود ليصلي قبل أن يأتي على البنت.
و عندما أنتهى من ذلك، سَجد ليصلي مرةً أُخرى، خاتماً عملية الإغتصاب بأعمال عبادة دينية.
تقول البنت ذات الجسد الصغير و الذي بأمكان يدي الشخص البالغ أن تُحيط بخصرها: “بَقيتُ أقول له بأن ما يفعله بي مؤلم و ترجيته أن يتوقف، فقال لي بأن الإسلام يَسمحُ له بأن يغتصب الكافرة. و قال لي بأنه يتقرب الى الله بأغتصابه لي.” تحدثت البنت و عائلتها عن ذلك في مقابلة أُجريت في مخيم للاجئيين الذي هربوا إليه بعد ١١ شهراً في الأسر.
الإغتصاب المنهجي للنساء و البنات من الأقلية الأيزيدية أصبحَ متناغماً و على نحو عميق مع فكر التنظيم و إعتقاده الراديكالي في العام الذي أعلن فيه التنظيم بأنه سيعيد إحياء مؤسسة العبودية. المقابلات التي أجريت مع ٢١ إمرأة و فتاة من الذين فروا مؤخراً من تنظيم الدولة الإسلامية، بالإضافة الى تفحص المراسلات الرسمية للجماعة، تُسلط الضوء على الكيفية التي من خلالها أصبح الإغتصاب ذو طابع قُدسي و ركن من الأركان الجوهرية للتنظيم.
الإتجار بالنساء و البنات الأيزيديات خلقَ بنية تحتية مستديمة، مع وجود شبكة مستودعات حيث يُحتجز بالضحايا، و غرف مشاهدة تتم فيها مشاهدتهن و عرضهن في السوق، و قوافل باصات تستخدم لنقلهن.
حَدَثَ في العام المُنصرم أن تم إختطاف ٥٢٧٠ من الأيزيدين و لا يزال هنالك على الأقل ٣١٤٤ محتجزين، وفقاً لقادة المجتمع. و لتسهيل الإتجار بهن قام تنظيم الدولة الإسلامية بإقامة بيروقراطية مفصلة لتجارة الجنس، تتضمن عقود شراء مصدقة من كتبة العدل في محاكم داعش. و أصبح الأغتصاب وسيلة تجنيد لإغواء الرجال الوافدين من مجتمعات إسلامية شديدة المحافظة و التي تعتبر ممارسة الجنس من التابوهات و تنظر للمواعدة على إنهُ حرام.
و هنالك عدد متزايد من أدبيات السياسة الداخلية و الحوارات الدينية التي أقامت أدلة إرشاد للعبودية، يتضمن ذلك كتاب إرشاد مُطول أصدرته مؤسسة البحث و الفتوى التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية قبل شهر. قامت قيادة داعش و على نحو متكرر بالتشديد على القراءة الإنتقائية للقرآن و بقية الأحكام الدينية، ليس لأجل تبرير العنف و حسب بل لرفع و تمجيد كل إعتداء جنسي بأعتباره ذو فائدة، بل يعتبرونه فعل فاضل.
تقول (ف) ذاتُ ال١٥ عاماً و التي تم الإمساك بها على حافة جبل سنجار في السنة الماضية و بيعها الى مُقاتل عراقي في العشرينيات من عمره: “في كل مرة جاء ليغتصبني كان يصلي.” و كبقية الذين أجريت معهم ُمقابلات من قبل صحيفة النيويورك نايمز، أرادت (ف) أن لا تكشف عن هويتها و فضلت أن تُعرف بواسطة الحرف الأول من إسمها و سبب ذلك يعود الى العار الذي يجلبه الإغتصاب.
تقول (ف) التي هربت في أبريل بمساعدة المهربين بعد أن تم إستعبادها لقرابة ال٩ أشهر: “بقي يقول لي بأن ما يفعله هو عبادة و قال بأن أغتصابه لي هو تعبدٌ لله. فقلت له، ‘ما تفعله بي هو فعلٌ خاطىء و لن تتقرب بذلك الى الله.’ فقال لي، ‘كلا، هذا مسموحٌ به و هو حلال’.”
إحتلال الأراضي المحسوب
قدم تنظيم الدولة الإسلامية الإستعباد الجنسي الممنهج بتأريخ الثالث من أغسطس من العام المنصرم عندما قام مقاتلوه بأجتياح القرى الواقعة على الجانب من جبل سنجار و التي هي عبارة عن مسيف متحدر من الصخور ذات اللون البني الداكن في شمال العراق.
وديان و خَوْر هذا الجيل هي مأوى الطائفة الأيزيدية و التي هي أقلية دينية صغيرة تُمثل أقل من ١،٥ بالمئة من تعداد العراق السكاني و المقدر ب٣٤ مليون نسمة.
الهجوم على الجبل حدث بعد شهرين من سقوط مدينة الموصل و التي تُعتبر ثاني أكبر مدينة في العراق. في البداية، بدى أن التقدم على الجبل كان مجرد محاولة لتوسيع التحكم بالأراضي التي يسيطر عليها مقاتلوا تنظيم الدولة الإسلامية.
و على الحال تقريباً، كان هنالك إشارات بأن هدفهم هذه المرة كانَ مُختلفاً.
يقول الناجين بأنه تم فصل الرجال و النساء خلال الساعة الأولى من الإمساك بهم. الأولاد المراهقين أُخبروا بأن يقوموا برفع شيرتاتهم، و إذا كان عندهم شعر تحت الإبط، تم توجيههم لمشاركة أخوتهم الأكبر سِناً و كذلك آبائهم. في القرية تلو الأخرى، الرجال و الأولاد الأكبر سِناً تم إقتيادهم الى الحقول القريبة حيث إجبروا على أن يستلقوا في التُراب و تم رميهم بالأسلحة النارية.
لكن النِساء و البنات و الأطفال تم نقلهم بشاحنات مكشوفة.
يقول ماثيو باربر الخبير بالأقلية الأيزيدية في جامعة شيكاغو: “بِقدر ما كان الهجوم على الجبل إجتياح لإغراض جنسية بِقدر ما كان هو إجتياح لمكسب أرضي.” كان السيد باربر في دهوك قريباً من جبل سنجار حين بدأ الهجوم الشرس في الصيف الماضي و ساعَدَ في إنشاء مؤسسة تقوم بتزويد الدعم السايكولجي للهاربين، و الذين يُقدر عددهم بأكثر من ٢٠٠٠، وفقاً لنشطاء في المجتمع.
و قالت (ف) ذات ال١٥ عاماً بأن عائلتها المكونة من ٩ أفراد كانت تحاول الهروب، مُسرعين عبر الطريق الجبلي المتعرج عندما إرتفعت درجة حرارة السيارة الأوبل. بلا حول و لا قوة، وقفت (ف) و والدتها و أخواتها الى جانب سيارتهم المتوقفة عندما أحاطت بِهم قوة عسكرية مدججة بالسلاح من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية.
و تضيف (ف): “و في الحال قام المقاتلون بفصل الرجال عن النساء، و هنالك عزلوني عن أُمي. أما البنات الصغار و الغير متزوجات فقد أُجبروا على الركوب في الباصات.” و أُخِذت هي و أمها و أخواتها في شاحنات الى أقرب مدينة في جبل شنجار.
الباصات كانت بيضاء مع خط مرسوم إلى جانب كلمة “الحج” و التي تشير إلى إن تنظيم الدولة الإسلامية قام بمصادرة باصات الحكومة العراقية و التي كانت تُستخدم لنقل الحُجاج الى مكة خلال الموسم السنوي. و تقول (ف) بأن الباص الذي وضعت فيه جُعِلَ مملوءً بالبنات و النساء الأيزيديات اللواتي أُجبرن أن يجلسوا على حُجْرِ بعضهن البعض.
بمجرد ما إنطلق الباص لاحظن بأن النوافذ كانت تغطيها الستائر التي بدى إنها قد أُضيفت من قِبل المقاتلين الذين خططوا لنقل أعداد كبيرة من النِساء اللواتي لم يَكن يرتدين النقاب أو الحجاب.
تفاصيل رواية (ف)، و التي تتضمن الوصف الفعلي للباص و مواضع الستائر و النمط الذي بواسطته تم إقتياد النِساء، تتطابق مع رواية العشرات من الضحايا اللواتي أُجريت معهن مقابلات لكتابة هذا المقال الصحفي. حيث وصفٓ الضحايا مجموعة من الظروف المشابهة على الرُغم من كونهن أُختطفن في أيام مُختلفة و في مواقع تفصل بينها الأميال.
تَقول (ف) بأنه تم إقتيادها لقرابة ال٦ ساعات الى مدينة الموصل العراقية حيث تم أخذُها و بقية النساء و سِيقَ بِهن كالقطيع الى صالة أعراس المجرة. و وفقاً لرواية احدى النساء الهاربات، مجاميعٌ أُخرى من النساء و البنات أُخذن الى قصر من حقبة صدام حسين و مُجمع سجن بادوش و بناية مُديرية الشباب في الموصل. و بالأضافة الى الموصل فأن أُخريات تم أخذهم كقطعان الغنم الى مدارس إبتدائية و بنايات البلدية في مدينة تلعفر العراقية و بيجي و سنجار و صولة (؟؟).
هؤلاء النساء وُضِعنَ في الحبس، بعضهن لأيام و البعض الآخر لأشهر. و بلا حول و لا قوة، تَمَّ إقتيادهن الى قافلة الباصات مرة أُخرى قبل أن يتم إرسالهن في مجاميع صغيرة الى سوريا أو إلى مناطِق أُخرى داخل العِراق حيثُ تَمَّ بيعهن و شِراءهن لأغراض الجِنس.
يقول الناشط المجتمعي الأيزيدي، خِضر دومل، و الذي يقوم بِحفظ قاعدة بيانات مُفصلة للضحايا: “العملية كان مخطط لها مِئة في المِئة. لقد تحدثت عِبر الهاتف إلى أول عائلة و صلت مبنى مُديرية الشباب في الموصل و الصالة كان قد سبق و تم تحضيرها لهن. كان هُناك أفرشة و صحون و ملاعق و طعام و ماء للمئات.”
التقارير الُمفصلة لمنظمتي حُقوق الإنسان و العفو الدولية أشارت الى النتيجة ذاتها عن الطبيعة المُنتظمة لتجارة الجنس.
في كل موقع، يقول الناجون بأن مقاتلوا تنظيم الدولة الإسلامية قاموا أولاً بأجراء تعداد للسبابا.
في داخل صالة المجرة الكبيرة، جلست (ف) على الأرضية الرُخام و هي محصورة بين فتيات مراهقات أُخريات. و قدرت (ف) بأن الصالة أحتوت ما يزيد على ال١٣٠٠ فتاة أيزيدية و اللواتي كُنَّ جالسات أو جاثمات أو مُتمددات أو متكئات على حيطان قاعة الرقص، و هذا العدد تم التأكد منه بواسطة عدد من النِساء الأُخريات اللواتي أُحتجزن في نفس الموقع.
كُل واحدة منهن وصفت كيفية دُخول ٣ من مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية، حاملين معهم سِجل. أخبروا الفتيات بأن يقفن. كل واحدة أُمِرت بأن تذكر إسمها الثلاثي و عمرها و مدينتها و ما إذا كانت متزوجة أو عندها أطفال.
لمدة شهرين كانت (ف) مُحتجزة في صالة المجرة وفي يوم من الأيام قَدموا و بدأوا بأزالة البنات الصِغار. و من رفض منهن، تقول (ف)، تم إقتيادها من شعرها إلى الخارج.
تضيف (ف) قائلة بأن باصات الحج ذاتها كانت تنتظر في موقف السيارات لتأخذها و بقية البنات الى مقصدهم التالي. أُقتيدت (ف)، ذات ال١٥ عاماً، و التي كانت برفقة ٢٤ من البنات و النِساء الشابات، الى قاعدة للجيش في العراق. و هنالك في موقف السيارات سَمِعت (ف) كلمة “سبايا” للمرة الأولى.
تقول (ف): “ضَحِكوا و سخروا منا، قائلين ‘أنتنَ سبايانا.’ لم أكن أعلم معنى الكلمة.” و لاحقاً قام قائد التنظيم المحلي بتفسير الكلمة و التي إتضحَّ إنها تعني العبيد.
“أخبرنا بأن طاووس ملك (و الذي هو أحد الملوك السبعة الذين يتعبد لهم الأيزيديين) هو ليس الله. و قال بأن طاووس ملك هو الشيطان و بما إنكم تعبدون الشيطان فأنتم مُلكٌ لنا. بأمكاننا أن نبيعكم و أن نستخدمكم كيفما نرى ذلِكَّ مُناسباً.”
يبدو بأن تجارة الجنس عِند تنظيم الدولة الإسلامية قائمة و على نحوٍ فردي على إستعباد البنات و النِساء من الأقلية الأيزيدية. فلحد الآن، لم تحصل أي عملية واسعة النِطاق تهدف إلى إستعباد النِساء من الأقليات الدينية الأُخرى، يقول سامر موسكاتي، و الذي كَتَبَ التقرير الأخير لمنظمة حُقوق الإنسان. هذا الإثبات قد تم توكيده من قبل مسؤوليين حكوميين و قادة المجتمع و نشطاء حقوق الإنسان.
السيد باربر من جامعة شيكاغو قالَ بأنه من المرجح أن التركيز على الأقلية الأيزيدية هو بسبب إعتبارهم مؤمنين بتعدد الآلهة أو الشرك و إمتلاكهم لتراث شفوي بدلاً من كتاب مُقدس. و في نظر تنظيم الدولة الإسلامية يضعهم ذلك على حافة جماعة الغير مؤمنين المبغوضين، حتى أكثر من المسيح و اليهود و الذين يُعتبر إنهم يمتلكون بعض من الحماية المحدودة و التي يكفلها القرآن في “أهل الكِتاب.”
في كوجو و التي تُعد واحدة من قُرى الشمال الأقصى الواقعة على جبل سِنجار و التي تعتبر من الأبعد للهروب، بقِي السكان مُعتقدين بأنه سيتم مُعاملتهم كمسيحيي الموصل كما حَدَثَ في الشهر المُنصرم. و في الخامس عشر من أغسطس للعام ٢٠١٤ أمر تنظيم الدولة الإسلامية سكان القرية بأن يتجهوا الى مدرسة في مركز المدينة.
و تروي عيشان علي صالح ذات ال٤٠ عاماً بأنها حين وصلت هناك و جدت قائد المُجتمع يتفاوض مع تنظيم الدولة الإسلامية، راجياً إياهم أن يمنحوهم المرور الآمن مُقابل إعطاء كل المال و الذهب الذي يملكون للمقاتلين.
في بادئ الأمر وافق المقاتلون و فرشوا بطانية حيث وضعت الزوجة قلادتها ذات شكل القلب وخواتمها الذهبية, في حين أن الرجال وضعوا أوراق نقدية منكمشة.
و بدل أن يدعوهم يذهبوا، بدأ المقاتلون بزج الرجال الى الخارج, قاصدين موتهم.
لاحِقاً و في وقتٍ آخر، وصلت مجموعة سيارات وُضِِعَ فيهم الأطفال و البنات و النِساء و أُخِذوا بعيداً.
سُوق النِخاسة
و بعد مرور أشهر، وَضَحَ تنظيم الدولة الإسلامية في مجلته الألكترونية بأن حملتهم لإستعباد النِمساء و اللنات الأيزيديات قد سبقَ و خُطِطَ لها على نحوٍ واسع.
ذُكِرَّ في المقال المنشور باللغة الإنكليزية بعنوان “إحياء العبودية قبل قيام الساعة” و الذي ظَهَرَ في إصدار شهر أُكتوبر لمجلة دابق: “قبل الإستيلاء على سِنجار، طُلِبَّ من طلاب الشريعة في الدولة الإسلامية أن يقوموا بإجراء بحث عن الطائفة الأيزيدية.”
وقد وضَحَ المقال بأنه ليس للأيزيديين فرصة لدفع الجزية كي يُتركوا أحراراً، “بِعكس المسيح و اليهود.”
و يتابع المقال: “و بعد الأسر، تم تقسيم النِساء و الأطفال الأيزيديين وفقاً للشريعة بين مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية الذين شاركوا في عمليات سِنجار، بعدَ أن نُقِلَّ خُمسُ السبايا إلى سُلطة الدولة الإسلامية كي يُقَسَمنَّ كغنائم.”
و حسب ما يقول الخبراء، بالطريقة ذاتها التي أُستخدمت فيها فقرات مُحددة من الإنجيل في عُقودٍ لاحقة لتدعيم تِجارة العبيد في الولايات المتحدة فإنَّ تنظيم الدولة الإسلامية يستشهد بسور أو قُصص محددة من القرآن أو مواضع أُخرى من السُنة — و هي كل ما ورد عن الرسول من قول أو فِعل — لتبرير الإتجار بالبشر.
لكن علماء الدين الإسلامي لا يتفقون على التفسير المناسب لتلك السور و على مسألة سماح الإسلام بالعبودية و الذي يُعتبر من المسائِل المُثيرة للخِلاف.
العديد يحاجج بأن العبودية قرآنياً في أغلب الأحيان تُصور بالطريقة ذاتها الُصورة في الإِنجيل، كإنعكاس للفترة الزمنية في العهود الغابرة و التي وُلِدَّ خلالها الدين.
يقول مُساعد بروفسور الأديان في جامعة بوسطن و الذي أنتجَّ كِتاباً عن العبودية في مرحلة صدر الإسلام:”في البيئة التي وُجِدَّ فيها القرآن كان هُناك إنتشار واسع لظاهرة ممارسة الرِجال العلاقات الجنسية مع النساء اللواتي لم يَكُنَّ أحراراً. فلم تكن العبودية مؤسسة دينية مُعينة بل كانت واقع الحال في ذلك الزمان.”
يختلف كول بانزيل، باحث الدراسات الإسلامية في جامعة برينيستون، مُستشهداً بتِكرار إستخدام لفظ “ما ملكت أيمانكم” في القرآن، و التي لقرون من الزمن فُسِرت لتعني الأناث من العبيد. و يشير بانزيل أيضاً إلى مواد الفقه الإسلامي المُمتدة إلى العصر الحديث و التي يقول بأنها تحتوي على قواعد مُفصلة عن مُعاملة العبيد.
يقول بانزيل الذي كَتَبَ ورقة بحث عن إيديولوجية داعش و قام معهد بروكنغس بنشرها: “هنالك كمٌ هائل من النصوص المقدسة التي تُجيز العبودية. بالإمكان أن يُجادلْ بأنها تعطلت و لم تعد ذات صلة لوقتنا الحاضر. لكن داعش سَترد بجدلها القائل بأن مؤسسات الرِق و العبودية بحاجة الى أن يتم إحياؤها لأن هذا ما فعله الرسول و صحابته.”
و كانت البنات و النِساء الجميلات قد أُحضِرنَّ في الإسابيع الأولى بعد أن تم أسرِهُن. أما الآخريات، وفي الأخص النسا الأكبر سِناً و المُتزوجات، وصفنَّ كيف تَمَّ نقلهن من موقع إلى آخر بعد قضاءهن فترة الشهور في مكان أشبه بحظيرة حجز بشري إلى أن قامَّ أحد المُشترين بالمُزايدة عليهن.
و بدى أنَّ من قامَّ بِسبيهن إمتلكَّ نِظاماً مُمنهجاً لجرد النِساء مع مفردات خاصة، حيث أن البنات و النِساء سبايا و يتبع ذلك إسم الضحية. البعض مِنهن إشتراهُن بائعي جملة و قاموا بتصويرهن و إعطائهن أرقاماً لتسويقهن لبائعين آخرين.
تمكنَٓ عصمان حسن علي، رجل أعمال أيزيدي، و بِنجاح من تهريب العديد من النِساء الأيزيديات. قالَّ إنه تَظاهر كمُشتري من أجل أن تُرسل له الصور. قامَّ بمشاركة عدد من هذه الصور مع الصحيفة و التي تُظهر كل منها إمرأة أيزيدية تجلس على فِراشٍ في غرفةٍ تخلو من الأثاث و هي تواجه الكاميرا مع تعبير وجه يخلو من البسمة، و وكُتِبَّ على حافة الصورة، “السبية رقم ٢” و هكذا.
و أحياناً ما أحتوت البنايات التي أُحتجزت و جُمِعت فيها النِساء على غُرفة مشاهدة.
تقول (أ) إحدى الضحايا التي تبلغ ال١٩ عاماً و التي تستخدم الحرف الأول من إسمها للتعريف عن هويتها: “حين وضعونا في البناية قالوا لنا بأننا و صلنا الى سوق السبايا. فهمتُ حينها بأننا الآن في سوق لبيع العبيد.”
قدرت (أ) بأنه كان معها على الأقل ٥٠٠ فتاة و إمرأة غير متزوجة في البناية ذات الطوابق المتعددة، و تبلغ أصغرهن ال١١ من العمر. و حين وَصَلَ المُشترون أُخِذت البنات كل و احدة على حِدى إلى غُرفة مُنعزلة.
تَقول (أ): “جَلَسَ الأمير مُستنداً إلى الحائط و نادانا بأسماءنا. أُجبرنا على أن نجلس على كراسي مواجهة لهم. و قد أُجبِرنا على النظر إليهم، و قبل الدخول جردونا من أي وشاح كان بالأمكان أن نستخدمه لتغطية أنفسنا.”
تُتابع (أ): “و عندما جاءَّ دوري، جعلوني ألتف و أقف ٤ مرات.”
أُجبِرَّ الضحايا أن يجيبوا على أسالة شخصية جداً بما في ذلك تبليغ الموعد الدقيق لآخر دورة شهرية. و أدركت النِساء بأن المقاتلين كانوا يحاولون تحديد ما إذا كُنَّ حوامل، متبعين بذلك قاعدة شرعية لا تسمح للرجل بمجامعة جاريته إذا كانت حامل.
مُلكية داعش
حتى أشد الداعمين لتنظيم الدولة الإسلامية أصابتهم الدهشة في بادىء الأمر جراء إستخدام العبودية الجنسية، العديد من هؤلاء تخاصم مع الصحفيين على الأنترنت بعد خروج التقارير الأولى للإغتصاب المُمنهج.
أما قيادة تنظيم الدولة الإسلامية فلطالما سعت إلى تبرير هذه الممارسة الى متابعيها الداخليين.
فبعد المقال الأولي لمجلة دابق و الصادر في أكتوبر، طُرِحت المُشكلة مرة أُخرى في العدد الصادر هذا العام. ففي إفتتاحية صادرة في مايو تُعبر عن ألم الكاتِبة و روعها من تشكيك المتعاطفين مع التنظيم بمؤسسة الرِق و العبودية.
تقول كاتبة المقال: “ما أنبهني حقاً هو أن بعض الداعمين للدولة الإسلامية بدأوا برفض المسألة كما لو كان جُنود الخِلافة قد إرتكبوا خطئاً أو إثماً. أكتُبُ هذا في رسالة تَسيلُ منها الكرامة. نحن حقاً قد قُمنا بالإغارة و الإستيلاء على النساء الكافِرات و إقتدناهن كالبهائِم بحدِ السيف.”
و في كُتيب نُشر على الأنترنت في ديسيمبر، قامت دائرة الفتوى و البحث التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية بتقرير الممارسات، و التي أكدت على أن العبيد تابعين لأملاك المُقاتل الذي إشتراهن، و بالتالي فبالإمكان أن يوهبنَّ إلى رَجُلٍ آخر، و بالإمكان أيضاً التخلص منهن بعد موتهن كما يتم التخلص من أي مُلكية.
الضحايا اللواتي تَمَكَنَّ من الهروب يَصفن بيروقراطية مُعقدة تحيط بظروف سبيهن حيثُ أن وضعهن كعبيد مُسجلٌ في عقد. حينما يقوم المالك بالبيع إلى مُشتري آخر، يتم كتابة عقد جديد، مثل عملية نقل مُلكية عِقار. و في الوقت ذاته بإمكان إطلاق سراح العبيد، و المقاتلين موعودون بمكافأة إلهية إذا ما فعلوا ذلك.
و على الُرغم من ندرة الأمر، فقد أتاحَّ ذلك للضحايا طريقة من طرائق الهروب.
تصِفُ إحدى الضحايا و التي تعُرِف عن نفسها ب(أ) و البالغة ٢٥ عاماً كيف أنه في يوم من الأيام قام سيدُها الليبي بإعطائها ورقة. وَضَحَ الأخير بأنه أنهى تدريبه كإنتحاري و إنه كان يخطط لتفجير نفسه، و بالتالي فإنهُ أرادَّ أن يُطلق سراحها.
الوثيقة التي تحمل عنوان “شهادة تحرر من العبودية” وُقِعتْ من قبل حاكم الولاية الغربية لتنظيم الدولة الإسلامية. و قامت المرأة الأيزيدية بأظهار الوثيقة عند نقاط التفتيش الأمنية و هي تُغادر سوريا إلى العراق، حيثُ إجتمعت بعائلتها في يوليو.
قامت الدولة الإسلامية مؤخراً بالتصريح عن أن مجامعة النِساء المسيح و اليهود اللواتي تمَّ الإمساك بهنَّ في المعارك هو أمرٌ مسموحٌ به، و ذلك وفقاً الى كُتب مُؤلف من ٣٤ صفحة منشور من قبل دائرة الفتوى و البحوث التابِعة للتنظيم.
هنالك حَظرٌ واحدٌ فقط و هو مُجامعة المرأة الحبلى، و يشرح الكُتيب كيف أن المالك يجب عليه الإنتظار الى حين أن تحيض السبية، و ذلك للتيقن بأن رحمها لا يحتوي على جنين قبل ممارسة الجنس معها. من بين ال٢١ إمرأة اللواتي تَمَّ إجراء المقابلات معهن النساء الحوامل لم يَتعرضنَّ للإغتصاب لأنهن كُنَّ حبلى حين أُمسِكَّ بهن. و يشمل الإستثناء النساء البالغات لسن اليأس.
و أبعد من ذلك، يبدو أنه ليس هنالك حدود لما هو مسموح به جنسياً. فعِند هذا التنظيم، إغتصاب الأطفال من الأمور التي يُغض النظر عنها و على نحو صريح. ووفقاً لترجمة كُتيب نُشر على تويتر في ديسيمبر قام بِها معهد بحوث الشرق الأوسط: “يُسمح بمُجامَعة العبيد من النِساء الغير بالِغات في حال كُنَّ مُناسبات لممارسة الجِنس.”
تَقول إمرأة أيزيدية تبلغ من العمر ٣٤ عاماً و التي تم جلبُها و إغتصابها على نحو مُتكرر من قِبل مُقاتل سعودي الجنسية في مدينة شدادي السورية. وهي تصف كيف إنها كانت في حال أفضل من حال السبية الأُخرى ذات ال١٢ عاماً في المنزل و التي أُغتصبت لأيام مُتتالية على الرُغم من شِدة نزيفها:
“لقد فَتَكَ بجسدها. كانت مصابة بعدوى شديدة و كان المُقاتل يإتي و يسألني، ‘ما سبب رائحتها الكريهة؟’ فكُنت أقول له بأنها أُصيبت بعدوى داخلية و بأنه يجب عليه أن يعتني بِها.”
لَم يُحركه ذلك و تجاهل ألم و معاناة الفتاة، فبقي يُتابع طقوس التعبد قبل و بعد أن يقوم بإغتصاب الفتاة.
و تذكُر المرأة مُتابِعة: “قُلت له، ‘إنها بنتٌ صغيرة’ فأجابني، ‘كلا، هي ليست صغيرة، إنها جارية و تعرف تماماً كيف تُمارس الجنس.'”
و يتابع المُقاتل قوله: “إن مُجامعتي لها هو لأجل مرضاة الله.”
المصدر: هنا